صفات طارق بن زياد
طارق بن زياد
يعدّ طارق بن زياد أحد أبرز القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي، لا سيما في فتوحات شبه الجزيرة الأيبيرية خلال الفترة المتراوحة ما بين عاميّ (711م- 718م) بتوجيه من موسى بن نصير ، وفتوحات القارة الإفريقية في فترة حكم الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. وينبغي التنبيه إلى عدم وجود رواية تاريخية جازمة حول أصول طارق بن زياد.
إذ تعدّدت روايات المؤرخين؛ فمنهم من يرجّح أن ابن زياد ينحدر من أصول أمازيغية ، في حين يُرجح آخرون أنّه عربي الأصل، كما تدور بعض الروايات التاريخية حول احتمالية أن يكون فارسي الأصل، وبغض النظر عن ذلك، فإنّ الثابت في التاريخ أنّ طارق بن زياد قد اشتهر بالعديد من الصفات التي جعلت منه قائداً استثنائياً كما سنبيّن في هذا المقال.
صفات طارق بن زياد
التواضع والقناعة
لم يُلحظ على طارق بن زياد الكبر في تصرفاته أو تعامله مع أحد، رغم أنّه كان قائداً بارزاً وله هيبته بين الجُند، كما لم يُبدِ رغبة في السلطة أو الحكم، ولم يُنازع موسى بن نصير عليها، وهو من ولاه أمر العديد من الفتوحات المهمة، وهذا ما يُشير إلى صفة أخرى في هذا الرجل القائد ألا وهي: الزهد في الدنيا، والرغبة في رضا الله لا العبد.
الحس الإنساني العالي
من ذلك سماحه لليهود بممارسة شعائرهم في بلاد الأندلس؛ حيثُ أجبرهم القوطيون على اعتناق المسيحية، وتعميد أبنائهم عند سن السابعة، بالإضافة إلى مصادرة أملاكهم، وعندما وصلت الفتوحات الإسلامية بلاد الأندلس بقيادة طارق بن زياد أعاد إليهم حقوقهم، ولم يُجبرهم على اعتناق الإسلام، كما أنّه أعاد للأمراء أملاكهم المسلوبة، وأعطى الأمان للسكان، ولم يخلف عهده مع أي أحد.
القيادية والشجاعة
عندما وُلي على شؤون الحرب أبلى بلاءً حسناً ومن أشهر فتوحاته فتح بلاد الأندلس، وقد رأى فيه موسى بن نصير الشجاعة، والتعلق بالجهاد في سبيل الله؛ كما أنّه جمع بين التقوى والورع، والكفاءة الحربية والرغبة في أن يموت في سبيل الله.
التأثير في الخطابة
كان طارق بن زياد يشحذ على الدوام همم جنده من أجل قتال العدو، وإثخان الجراح، وكانت خطبه حماسيّة تُثير رغبة النصر في نفوس السامعين لها؛ وقد كان لنشأته كبير الأثر في ذلك؛ حيث تعلّم العربية في سنن مبكرة، وأتقن الكتابة والقراءة فيها، كما حفظ القرآن الكريم، وعدداً من الأحاديث النبوية.
فتح طارق بن زياد لبلاد الأندلس
تحرك جيش المسلمين إلى بلاد الأندلس أو ما كان يُعرف بشبه الجزيرة الأيبيرية ؛ وهي اليوم إسبانيا، والبرتغال، وأندورا، وجبل طارق، وذلك في تاريخ الخامس من شهر رجب من العام (92هـ) بعد أن عيّن موسى بن نصير طارق بن زياد قائداً له، ويُقال إنّ عدد الجند بلغ سبعة آلاف، أغلبهم من أصول أمازيغية.
وبعد أن اجتاز جيش المسلمين مضيق جبل طارق الذي يفصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، أقام في رأس شبه جزيرة الأندلس، على مقربة من المكان الذي يُطلق عليه اليوم جبل طارق، وقعت المنطقة في قبضة المسلمين بعد مواجهة مع الجند القوط؛ الذين يحرسون حدود البلاد (الحامية)، وقد جهز طارق بن زياد خطته خلال المكوث لأيام في قاعدة الجبل.
ومن بنود تلك الخطة: الاستيلاء على القلاع القريبة، أو المدن التي تُعد حصوناً منيعة، ثمّ اقتحام المناطق الداخلية والسيطرة عليها، وبالفعل فقد فتح مناطق قرطاجنة والجزيرة الخضراء، حتى وصل إلى خندة في الجنوب الغربي للأندلس، ونزل بجنده فيها قرب نهر برباط ووادي لكة.
ولما وصل خبر ذلك إلى آخر ملوك القوطيين -وكان يُدعى لذريق-؛ أعدّ جيشاً قوامه يُقارب مئة ألف جندي، وفي المقابل أرسل طارق بن زياد إلى موسى بن نصير لإرسال المدد، فكان له ذلك؛ حيثُ أرسل له خمسة آلاف رجل، وكانت الموقعة الجلل في الثامن والعشرين من شهر رمضان عام (92هـ)، عند وادي لكة، وانتصر طارق بن زياد على الجيش القوطي، وقتل ملكهم لذريق.