كيف نتعلم أحكام القرآن
كيف نتعلم أحكام القرآن
يُمكن للمُسلم أن يتعلّم من القُرآن أحكاماً مُتعلّقة بالعقيدة؛ كالإيمان بالله -تعالى-، وملائكته، وغير ذلك من أركان الإيمان، لأهميتها وتعلّقها بإيمانه، وتُسمّى علم التوحيد. كما يُمكنهُ تعلّم الأحكام المُتعلّقة بِالسلوك وتهذيب النفس والأخلاق؛ لما فيها من تزيين المُسلم بالفضائل، وإبعادهُ عن الرذائل، وكذلك تعلُّم الأحكام الفقهية التي فيها أحكاماً عمليّة قوليّة وفعليّة. وفيما يأتي في المقال بيان وتفصيل كلّ نوعٍ من هذه الأقسام.
كيف نتعلم أحكام القرآن العقديّة والسلوكية
إنّ القُرآن بِمُجمل أحكامه تناول الأحكام المُتعلّقةِ بالعقيدة أو المُتعلقةِ بِالسُلوك، وكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يسعى لتصحيح الانحراف الواقع بهما عند الناس، وتنقيتهما مما قد يعلقُ بهما من الشوائب. وفيما يأتي بيان كيفية تعلّم أحكام القرآن العقديّة والسلوكيّة:
- قراءة القرآن الكريم وتدبّره ، وتعلّمه وتطبيق ما فيه، وكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يأمُر الصحابة الكرام بتعليم من يدخُلون في الإسلام حديثاً القُرآن الكريم، لأنّهُ الأصل الأوّل في العقيدة والآداب والسُلوك والمعاملات.
- معرفة الله -عزّ وجل-، وتمكين الإيمان في النفوس، وكثيرٌ من آيات القران الكريم تتضمّن مُعالجة مسائل العقيدة بِمُختلف الوسائل؛ كطريقة الأنبياء في مُعالجتها عند أقوامهم، ويفيد في ذلك الاطّلاع على قصص الأنبياء -عليهم السلام-، ففيها عظيم الفائدة. ويبدأ المُسلم بتعلُّم العقيدة وخاصّةً الإيمانُ بالله، ثُمّ تأتي بقيّة التكاليّفُ الشرعيّة، فلو صحّت العقيدة صحَّ ما يأتي بعدها.
- التّخلق بأخلاق القرآن الكريم، وتطبيق آدابه، فهناك الكثير من الآيات المُشتملة على الآداب الفاضلة والأخلاق الحسنة، وقدوتنا في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى- عن نبيّه -عليه الصلاةُ والسلام-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، بالإضافة إلى تحقيق التقوى في النفوس والخوف من الله -تعالى-ـ قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، مما يستدعي فعل الواجبات، وترك المُحرّمات.
- إنَّ من تربية القُرآن الكريم للنفس؛ اتِّهامُها وعدم الرُّكون إليها، مع الحذر من شرورها، والأخذ بأسباب النّجاة، والبُعد عن أسباب الشقاء وخاتمة السوء مهما فعل من الأعمال الصالحة، وهو ما ورد في الحديث الذي سألت فيه عائشة -رضي الله عنها- النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذه الآيةِ {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}. قالت عائِشةُ: أهم الذين يَشرَبونَ الخَمرَ ويَسرِقونَ؟ قال: لا يا بِنتَ الصِّديقِ، ولكِنَّهم الذين يصومون ويُصَلُّونَ ويتصَدَّقون وهم يخافون ألَّا تُقبَلَ منهم، أولئك الذين يسارِعونَ في الخيراتِ وهم لها سابِقونَ).
- فيُصبح المُسلم مُسارعاً إلى الطاعات، ولا يتغافَل عن القُرآن؛ ليكون قادراً على التعامُل مع المُتغيّرات وما يَطرأ عليها من قضايا وفق المنهج الشموليّ المُعتمِد على الوحي، وهو المنهج الثابت الذي سار عليه الصحابةُ الكِرام . فالأعمال الصالحة في القُرآن يُقابِلُها السلوكات المرغوب بها، والأعمال غير الصالحة يُقابلها السلوكات غير المرغوب بها، سواءً كان ذلك في الظاهر أو الباطن.
كيف نتعلم أحكام القرآن الفقهية
يُمكنُ للمُسلم تعلّم الأحكام الفقهيّة الواردة في القُرآن من خلالِ تعلّمه للقُرآن، والآيات الواردة في الموضوع، وتُسمّى آياتُ الأحكام، وقد جاء بعضُ أهل التفسير وخصّصوا جزءاً من مؤلّفاتهم في هذهِ الآيات؛ كالطلاق، والزواج، والميراث، وغير ذلك من الأحكام، ويمكن للمسلم التوصّل إلى ذلك بطريقتين، وهما كما يأتي:
- الطريقةُ الأولى: يُمكن للمُسلم تعلّم الفقه وأحكامه من القُرآن من خلال علم التفسير ، بمعرفة الكُتب التي أُفردت في بيان آيات الأحكام، ككتاب أحكام القُرآن لابن العربيّ، ويبدأ المتعلّم بمعرفةِ معاني القُرآن، والانشغال به، وتعلّم أحكامه؛ كي يمتلئ القلب بالحكمة وينعكس على اهتماماته، بالإضافةِ إلى الاستفادة من التفاسير التي تُعنى بالأحكام الفقهيّة، وكيفية استنباطها، فقد كان الصحابة الكرام يتعلّمون من النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- كيفية استباط الأحكام الفقهية من القُرآن والسُنّة، ثم أُلّفت الكتب المختصّة بأيات الاحكام.
- ومن الكُتب المؤلّفة في هذا الباب؛ أحكام القُرآن للجصاص، كما يُمكن معرفة الأحكام الفقهيّة الواردة في الآيات من خلال معرفة سبب نُزولها، فكثيراً من أسباب النُزول كانت مُرتبطة بسؤال أو حادثة أو موقف في ذلك الوقت، وهذه من أسهل الطُرق في معرفة الأحكام؛ لربطها بالواقع والحوادث.
- الطريقة الثانية: يُمكن للمُسلم تعلُّم الأحكام عن طريق تعلّم أقسامها، والأساليب المُستخدمة في التعبير عنها، فمثلاً التحريم؛ يُمكن الدّلالة والتعبير عنه بالنهي، أو عن طريق ربطه بالوعيد، أو بصيغة الحُرمة أو عدم الحلِّ، وأمّا الوجوب فقد يدلّ عليه الأمرَ به، أو الوعيد بتركه، أو التصريح بوجوبه أو فَرضيّته، أو بصيغة -كُتِبَ عليكم-، وهذه الأساليب تتنوّع بحسب الوقت والحادثة التي نزلت بشأنها، وقد يكون لأجل بيان إعجاز القرآن ، وصدق النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ولا يُمكن فهم المعنى من الأحكام إلا بفهم الحُكم الذي نصّت عليه الآية، ومنها تمَّ استنباط الأحكام الشرعية من الدليل التفصيلي بتطبيق علم أصول الفقه.
- أمّا الأحكام الفقهيّة فتنقسم إلى سبعةِ أقسام، وتُسمّى الأحكام العمليّة؛ وأولها: أحكامُ العِبادات؛ وهي التي تُنظّم علاقة العبد بربه؛ كالصلاة، وثانيها: الأحوال الشخصية، وهي التي تتعلّق بالأُسرة؛ كالزواج، وثالثها: أحكامُ المعاملات، وهي التي تتعلّق بالبيع والشراء وباقي الحُقوق الماليّة، ورابعها: أحكام العقوبات؛ وهي التي تتعلّق بالأفعال والجرائم التي قد تصدُر عن المُكلّف، وخامسها: أحكام السِيَر؛ وهي التي تنُظّمُ علاقة المُسلم بغيره من غير المُسلمين، وتُسمّى الأحكام الدوليّة، وسادسها: الأحكام السُلطانيّة أو السياسة الشرعيّة؛ وهي التي تتعلّق بنظام الحُكم في الإسلام، وسابعها: الأحكام التي تتعلق بالقضاء والمرافعات والدعاوى والبيّنات.
كيف نتعلم أحكام تجويد القرآن
يُمكن للمُسلم تعلّم أحكام التجويد عن طريق التلقّي المُباشر، وذلك عن طريق صُحبةِ شيخٍ مُتخصّصٍ ومُتقنٍ لها، والتعلّم منه، والسماعِ منه، لِقولهِ -تعالى-: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ)، ومن لا يجد ولا يستطيع الوصول إليه، فيُكثر عندها من الاستماع للقُرآن من شيوخٍ مُتقنين، كما يُمكن الاستعانة بالمصاحف المُعلِّمة، أو المقارئ الإلكترونيّة، أو الانضمام لحلقات التجويد في المساجد، أو مُحاولة الوصول إلى بعض المُتقنين للأحكام عن طريق وسائل الاتصال الحديثة.