أسباب انسداد الأنف
أسباب انسداد الأنف
تجدر الإشارة إلى وجود العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انسداد الأنف، أو احتقان الأنف (بالإنجليزية: Nasal congestion)، والتي تتضمّن ظهور تشوّهات أو مشاكل تؤثر في البنية التشريحية للأنف أو تخلّ بقدرته على أداء وظائفه، وسنوضّح في هذا المقال مجموعة من هذه الأسباب بشيءٍ من التفصيل.
الحالات الصحية
ذكرنا أنّ انسداد الأنف قد يحدث كنتيجة لوجود مشاكل صحية معينة، وفيما يأتي بيان ذلك:
الزكام أو الإنفلونزا
من المعروف أنّ الإصابة بالزكام أو الإنفلونزا قد تؤدي إلى امتلاء منطقة التجويف الأنفي بالمُخاط، مُسبّبةً بذلك انسدادًا مؤقتًا في الأنف، وتختلف طبيعة المُخاط بين المُصابين بالزكام ، فقد يكون ذو لونٍ أصفر، أو أخضر، أو شفافًا، كما يختلف قِوامه أيضًا، فقد يكون مائيًا أو سميكًا ولزجًا، وقد تظهر لديهم مجموعة من الأعراض الأخرى بالإضافة إلى احتقان الأنف؛ مثل: ارتفاع درجة الحرارة، والسعال ، والشعور بالتوعّك والتعب، والصداع، وعادةً ما تختفي هذه الأعراض خلال بضعة أيام، ومن الممكن استخدام بعض الأدوية أثناء محاربة جهاز المناعة هذه الجراثيم بما يُساهم في تحسّن حالة المُصاب، وهُناك العديد من الأدوية التي يُمكن صرفها دون الحاجة لوصفة طبية للمُساعدة على ذلك، كالباراسیتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) والآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، بالإضافة إلى إمكانية اللجوء إلى بعض مضادات الاحتقان (بالإنجليزية: Decongestant) للتخلص من انسداد الأنف، أمّا فيما يتعلق بالإنفلونزا ؛ فتكون حالة المُصاب بها أسوأ مقارنةً بالزكام، حيث تحدث الإنفلونزا نتيجةً للإصابة بعدوى فيروسية، وتُصاحبها مجموعة من الأعراض؛ مثل: احتقان الأنف، والعطاس، والحمّى، والشعور بالإرهاق، والآلام، والأوجاع.
التهاب الأنف
قد تلتهب الأنسجة المُبطّنة للأنف وتنتفخ نتيجة العديد من العوامل، ويُمكن تقسيم التهاب الأنف (بالإنجليزية: Rhinitis) إلى نوعين اعتمادًا على السبب المؤدّي لظهور هذه الحالة، وذلك على النحو التالي:
- التهاب الأنف التحسسي: إنّ تعرّض الأنف لمُسببات الحساسية يؤدّي في بعض الأحيان إلى حدوث فرط التحسس بوساطة الغلوبولين المناعي هـ (بالإنجليزية: IgE-mediated hypersensitivity)، ويترتب على ذلك حدوث التهاب في الأنسجة المخاطية، ونتيجةً لذلك يُعاني المُصاب من عدّة أعراض؛ من بينها احتقان الأنف، ومن الأمثلة على مُسببات الحساسية: حبوب اللقاح، وعث غبار المنزل (بالإنجليزية: Dust mites)، ووبر الحيوانات، والنيكوتين الموجود في سجائر التبغ.
- التهاب الأنف غير التحسسي: في بعض الأحيان لا تكون العوامل المُسبّبة لهذه الحالة معروفة ومُحددة، وبشكلٍ عام فهي غير مرتبطة بالحساسية أو العدوى، ولكنّها قد تكون مُرتبطة بالمُهيجات، وقد تحدث أحيانًا بسبب التعرّض للأدوية التي تُسبّب احتقان الأنف كأحد الآثار الجانبية لاستخدامها فيما يُعرف بالتهاب الأنف دوائي المنشأ (بالإنجليزية: Rhinitis medicamentosa)، أو بسبب تعرّض الأنف لبعض الروائح القوية، أو قد يرتبط بحالاتٍ أخرى كالتهاب الأنف الضموري (بالإنجليزية: Atrophic rhinitis).
التهاب الجيوب الأنفية
تُعرف الجيوب الأنفية على أنّها تجاويف داخلية موجودة في الوجه وتصبّ في الأنف، وقد تمتلأ الجيوب بمخاط مُصاب بعدوى في بعض الأحيان، فينتج ما يُعرف بحالة التهاب الجيوب الأنفية (بالإنجليزية: Sinusitis)، ومن الجدير ذكره أنّ التعرض المستمر للزكام قد يؤدي في بعض الأحيان إلى التقاط الجيوب الأنفية للعدوى، وقد تكون هذه العدوى بكتيرية أو فيروسية، فيقوم الجسم عندها بزيادة تدفق الدم إلى الأنف ممّا يُسبّب حدوث انتفاخ الأنف واحتقانه، ويؤدي وجود المُخاط الزائد إلى إغلاق المجرى التنفسي للأنف، وتصريف الإفرازات في الحلق وتسبّبها بالسعال.
عدوى اللحميات الأنفية
يُمكن تعريف اللحميات الأنفية على أنّها أنسجة موجودة في مؤخرة الأنف، وقد تتعرّض بدورها إلى العدوى، ويحدث ذلك عادةً لدى الأطفال، ممّا يُسبّب إنتاج كمياتٍ من المُخاط بطريقةٍ مماثلة لحالة التهاب الجيوب التي ذكرناها سابقا.
التعرّض للمهيجات البيئية
يُعدّ التعرّض لبعض العوامل البيئية من الأسباب الشائعة المؤدية إلى تحفيز الإصابة بانسداد الأنف، مثل؛ المُهيّجات البيئية؛ كالدخان أو الأبخرة، والظروف الجوية الشديدة أحيانًا، بالإضافة إلى إمكانية تسبّب محفزات الحساسية؛ كحبوب اللقاح (بالإنجليزية: Pollen) بالمُعاناة من انسداد الأنف لدى المُصابين بأشكال الحساسية المختلفة؛ كحمّى القش (بالإنجليزية: Hay fever).
تغيرات البنية التشريحية للأنف
نذكر من تغيرات البنية التشريحية للأنف والتي من شأنها التسبّب بانسداده ما يأتي:
انحراف حاجز الأنف
يُشكّل حاجز الأنف الفاصل الذي يقع في المنتصف بين فتحتي الأنف، ويتكوّن من عظم وغضاريف، لذلك فمن المُتوقّع حدوث صعوبات في التنفس عند وجود تقوّس فيه أو انحرافه عن موقعه، ويؤدّي انحراف حاجز الأنف (بالإنجليزية: Deviated septum) أيضًا إلى عدة مشاكل؛ مثل: انسداد الأنف الذي يكون أشدّ في إحدى جهتيّ الأنف أكثر من الجهة الأخرى، ونزيف الأنف، وألم الوجه، والصداع ، والتنفس بصوتٍ مرتفع، والشخير ، أمّا فيما يتعلّق بأسباب حدوثه؛ فعادةً ما تتطوّر هذه الحالة خلال مرحلة وجود الجنين في رحم والدته أو أثناء عملية الولادة، فيولد الطفل مُصابًا بهذه الحالة، ولكنّها قد تحدث نتيجة تعرض الأنف لإصابة جسدية أو ما يُعرف بالرَضَح (بالإنجليزية: Trauma) بما يتسبّب بإزاحته عن موقعه الأصلي، وتحدث هذه الإصابات أثناء ممارسة الرياضة أو التعرض لحوادث السيارات، ومن الجدير ذكره احتمالية تعرّض تلف الغضروف الموجود في طرف الأنف مع تقدم العمر بشكلٍ طبيعي، ممّا قد يتسبّب بحدوث انحراف في حاجز الأنف.
تضخّم المحارة السفلية للأنف
تُعتبر المحارة الأنفية جزءًا من التجويف الأنفي، وتوصف بأنّها تركيب عظمي مزدوج موجود في كِلا جهتي الأنف، وتبطّنها مجموعة من الأغشية المخاطية للمساعدة على تدفئة وترطيب الهواء الذي نستنشقه، وتُعدّ من تراكيب الأنف القابلة للتهيّج في حال تعرّضها لمُسببات الحساسية والغبار، ممّا قد يؤدي إلى انتفاخها وتسبّبها بمجموعة من المشاكل التنفسية، ومن جانبٍ آخر؛ قد يحدث تضخم المحارة السفلية للأنف (بالإنجليزية: Enlarged inferior turbinates) نتيجةً للنمو والتطور الطبيعي للإنسان، وبشكلٍ عامّ قد يترتب على الإصابة بهذه الحالة المُعاناة من انسداد مجرى التنفس الأنفي.
السلائل الأنفية
تُعتبر السلائل الأنفية (بالإنجليزية: Nasal polyps) نموًا غير سرطاني يتطوّر في بطانة الممرات أو الجيوب الأنفية، حيث تكون مُعلّقة للأسفل مثل قطف العنب، وعادةً ما تكون طرية وغير مُسبّبة للألم، ويُعدّ البالغون أكثر عرضةً للإصابة بها، إلّا أنّها من الممكن أن تظهر لدى أيّ شخص من الفئات العمرية الأخرى، ويُعزى حدوثها إلى الالتهابات المزمنة والتي قد تكون مُرتبطةً بالإصابة بالربو ، أو العدوى المتكررة، أو الحساسية، أو بعض الاضطرابات المناعية، أو الحساسية الدوائية، كما يعتمد ظهور أعراضها على حجمها بشكلٍ أساسي، فالسلائل ذات الأحجام الصغيرة قد لا تُسبّب ظهور أيّ أعراض، بينما ينتج عدّة أعراض عند الإصابة بالسلائل كبيرة الحجم أو المُتتشكّلة على هيئة مجموعة من السلائل، ومن هذه الأعراض: انسداد المجاري التنفسية الأنفية، والمشاكل التنفسية، وفقدان حاسة الشم، والعدوى متكررة الحدوث.
تلف صمام الأنف
يقع صمام الأنف بين الغضروف الأنفي داخل الجلد والمحارة السفلية للأنف، ويُعدّ الجزء الأضيق من بين أجزاء مجرى التنفس الأنفي، وعلى الرغم من كون حالة تلف صمام الأنف (بالإنجليزية: Nasal valve collapse) من الأسباب الشائعة جدًا لحدوث انسداده؛ إلا أنّه لا يؤخذ بالجدية الكافية، وعادةً ما يُشتبه به كمُسبّب لانسداد الأنف عند نجاح شرائط التنفس الأنفية في تحقيق الراحة التنفسية المطلوبة.
تضخّم لحميات الأنف
توصف لحميات الأنف أو الزوائد الأنفية (بالإنجليزية: Enlarged adenoids) على أنّها كتل لحمية من الأنسجة اللينة، وتظهر بشكلٍ مُعلّق للأسفل في منطقة تلاقي مؤخرة الأنف مع الحلق، وتُقوم عادةً بمُحاصرة الجراثيم ممّا يُساعد الجسم على مُكافحة العدوى ومنع الإصابة بها، وتجدر الإشارة إلى أنّ لحميات الأنف تتضخّم في العادة نتيجةً للعدوى، وقد يستمر هذا التضخم حتّى بعد زوال العدوى، ومن الممكن أن تنكمش بشكلٍ طبيعي دون أيّ تدخل أو إجراء، إلا أنّها قد تتطلّب التدخل الجراحي لإزالتها في حال تسبّبها بمشاكل، وفي حالات الحاجة للجراحة فعادةً ما يقوم الطبيب بإزالة اللوزتين إلى جانب هذه اللحميات، وقد لا يُعاني المُصاب بتضخّم لحميات الأنف من أيّ شكوى في البداية، إلا أنّها تُسبّب مجموعة من المشاكل في حال استمرار تضخمها، ومن هذه المشاكل: انسداد الأنف خاصّةً لدى الأطفال، والتنفس عن طريق الفم، واضطرابات النوم، والشخير، وسيلان الأنف، والسعال، ونزيف الأنف، وصعوبات في البلع، وظهور رائحة كريهة للفم.
رتق قمع الأنف
يمكن تعريف حالة رتق قمع الأنف (بالإنجليزية: Choanal atresia) على أنّها عيب خلقي يتسبّب بانسداد جزئي أو كلّي في المجاري التنفسية الأنفية، وقد يكون الانسداد في جهة واحدة من الأنف أو كلا الجهتين، ويُعزى حدوثه إلى وجود الأنسجة الزائدة أو العظام في فتحة الأنف الخلفية بما يُسبّب انسدادها، فينتج عن ذلك صعوبة في التنفس، وعادةً ما يتمّ تشخيص الحالة بعد الولادة بفترةٍ قصيرة إذا كان الانسداد في جانبي الأنف، ويُلجأ عندها فورًا إلى الجراحة لمُساعدة الطفل على التنفس بشكلٍ طبيعي، أمّا في حال تأثير هذه الحالة في جانب واحد من الأنف؛ فغالبًا ما يتمّ التشخيص خلال مراحل لاحقة من حياة الطفل، ومن الممكن علاجه باستخدام التلسكوب (بالإنجليزية: Telescopes) عبر الأنف، وعلى أيّة حال، قد تظهر على المُصاب برتق قمع الأنف مجموعة من الأعراض؛ مثل: الإفرازات الأنفية، واحتقان جانب واحد من الأنف، والتهاب الجيوب في جانب واحد من الأنف.
أسباب أخرى لانسداد الأنف
عدا عن الأسباب الموضّحة سابقًا قد يكون انسداد الأنف ناجمًا عن عواملٍ أخرى، والتي نُبينها فيما يأتي:
- الحمل .
- التوتر النفسي.
- اضطرابات الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid disorders).
- تدخين السّجائر.
- استخدام بعض الأدوية؛ مثل الأدوية المُستخدمة في علاج ضغط الدم المُرتفع، وضعف الانتصاب (بالإنجليزية: Erectile dysfunction)، والاكتئاب (بالإنجليزية: Depression)، والنّوبات التشنّجية (بالإنجليزية: Seizures)، وغيرها.
- إدخال جسم غريب في الجسم، ويُعدّ ذلك من الأسباب الشائعة جدًا لحالة انسداد الأنف بين الأطفال، فعلى سبيل المثال؛ قد يقوم الطفل بإدخال الخرز، أو الفول السوداني، أو القطن، أو غيرها من المواد في أنفه أثناء قيامه بالتجربة واللعب، ويتسبّب ذلك بخروج إفرازات ذات رائحة كريهة من جانب الأنف المُتأثر بذلك، ويتمّ حل هذه المشكلة في العيادة عن طريق إزالة الجسم الغريب، إلا أنّه في حال مرور وقت طويل على انسداد الأنف بالجسم الغريب قد يتمّ إخضاع الشخص للتخدير العام بشكلٍ وجيز لتخفيف الشعور بالألم عند إزالته.
- الاستخدام المُفرط لبخاخات الأنف المزيلة للاحتقان.
- كيسات أو أورام الأنف، ويُعدّ ذلك من الأسباب النادرة لحدوث انسداد الأنف، ولكن يُمكن أخذها بعين الاعتبار في حال ظهور الأعراض في جانبٍ واحدٍ من الأنف فقط.
- تضيّق فتحة الأنف العظمية (بالإنجليزية: Pyriform aperture stenosis)؛ وهي من الحالات النادرة التي قد يولد بعض الأطفال مُصابين بها، ومن شأنها التسبّب بانسداد المجاري الأنفية نتيجةً لنمو عظام الفك العلوي بشكلٍ أكثر من اللازم، ممّا يؤدّي إلى صعوبات شديدة في التنفس وتناول الطعام، وتُعدّ الأسباب وراء ظهور هذه الحالة مجهولة حتى الان.
معلومات حول انسداد الأنف
يُعرف انسداد الأنف بأنّه حالة إغلاق كليّ أو جزئي للأنف أو منطقة التجويف الأنفي (بالإنجليزية: Nasal cavity) التي تبدأ بفتحة الأنف وتنتهي في الجزء الخلفي من الحلق ، وعلى أية حال؛ لا يُعد انسداد الأنف من الحالات الخطيرة، فقد يُشكّل أحد الأعراض التي قد يُعاني منها جميع الأفراد بين الفينة والأخرى، ويشعر المُصاب بانسداد الأنف عادةً بالانزعاج وعدم الراحة، وعدم القدرة على استنشاق الهواء، وإنّ تأثير ذلك في عملية التنفس ينعكس على نوعية حياة المُصاب به، كما يُعدّ من أهمّ أعراض مشكلة انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (بالإنجليزية: Obstructive sleep apnea)، والتي تؤثّر بشكلٍ كبير في جودة النوم ، ومن الجدير بالذكر أنّ إصابة اللاعبين الرياضيين بانسداد الأنف يؤثّر بالطبع في جودة أدائهم، ويحول دون قدرتهم على استغلال جميع إمكاناتهم.