صفات المؤمن الصالح
صفات المؤمن الصالح
هناك العديد من الصفات التي وصف بها المؤمن الصالح، وقد وردت في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وفيما يأتي بيانها:
- الإحسان في عبادة الله -تعالى- مع الخوف من عقابه، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)؛ أي أنّهم رغم إيمانهم بربّهم وما يقومون به من العمل الصالح؛ فإنّهم يخافون منه وقلوبهم خائفة ألّا يُقبل منهم، ويعتقدون أنّهم لم يقوموا بحقّ الله -تعالى- في العبادة، وهذا يدفعهم لاجتناب ما نهى الله -تعالى- عنه، والقيام بواجباتهم من صلاة وصيام وحجّ وغيرها من عبادات دون تقصير، كما ويؤمنون بجميع آيات الله -تعالى- المنزلة في كتابه، وإذا سمعوها زادتهم إيماناً ويقيناً بربّهم، ولا يشركون بالله -تعالى-، ولا يراؤون، وهم يتسابقون في فعل الخيرات، وهدفهم من ذلك التقرّب من الله -تعالى-، كما ويؤمنون بالبعث والجزاء، وقد سألت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله؛ فقالت: (يا رَسولَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أَهوَ الَّذي يَزني ويَسرِقُ، ويَشرَبُ الخمرَ؟ قالَ:لا، يا بِنتَ أبي بَكْرٍ أو يا بِنتَ الصِّدِّيقِ ولَكِنَّهُ الرَّجلُ يَصومُ، ويتَصدَّقُ، ويُصلِّي، وَهوَ يَخافُ أن لا يُتقبَّلَ منهُ).
- الصلاة بخشوع، قال -تعالى-: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، فإنّ الصلاة هي الصلة بين العبد وربّه، وأساسها الخشوع المؤدّي إلى تعظيم الله -تعالى-، والمسلم يتحلّى بالخشوع في داخل الصلاة وخارجها؛ والخشوع في الصلاة أولى لأنّ فيها وقوفاً بين يدي الله -تعالى-، ومكان الخشوع هو القلب، مع ظهوره على الجوارح، فيقف العبد في صلاته خاشعاً يؤدّي حقّ الصلاة باطناً وظاهراً؛ بالقيام بجميع أركانها وشروطها، والتفكّر فيما يتلو من الآيات، وممّا يُعين على الخشوع في الصلاة؛ أن يستشعر المسلم أنّه واقف بين يدي الله -تعالى-، وأن يصلّي وكأنّها آخر صلاة له، وأن يتجنّب كل ما يمكن أن يشغل جوارحه وتفكيره في الصلاة.
- الإعراض عن الباطل سواء كان قولاً أم فعلاً؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، فإن المؤمنين مشغولون بما يكون نافعاً لهم في آخرتهم؛ مبتعدين عن كلّ ما لا علاقة لهم به؛ فلا يقعون في القول الفاحش البذيء، ولا يقومون بأفعال الشرّ والعدوان، وممّا ييعين على ترك اللغو من القول أن يعرف الإنسان الغاية التي خُلق من أجلها، وما ينتظره في الآخرة، ويعلم أنّه محاسب على كلّ ما يصدر منه من أقوال وأفعال.
- تزكية المال والنفس؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)؛ فالمؤمن يحرص على تطهير نفسه مما يصيبها من العيوب والأخلاق السيئة والاعتقادات الباطلة، فإن طهّر نفسه فقد ضمن لها النجاة في الدنيا والآخرة، وقد تصيب النفس من الأخلاق السيئة؛ كالشح والبخل، ولذلك فقد شرع الإسلام الزكاة تطهيراً للنفس من هذه الصفات، وتحصيلاً للأجر، وتنميةً للمال.
- حفظ الفروج عن المحرمات؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)؛ فقد فطر الله -تعالى- خلقه على الرغبة الجنسيّة، وهي طبيعة في كل إنسان، ونبّه إلى عدم تجاوزها باللواط أو الزنا وغيرها، وجعل الزواج هو الحلّ والضابط لهذه الفطرة، من أجل صلاح المجتمع، وحفظه من انتشار الفاحشة، كما ويعين ذلك المسلم على طاعة الله -تعالى-.
- تأدية الأمانة والوفاء بالعهود؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)، وتطلق الأمانة على كلّ ما يحفظ ويؤدّى لصاحبه؛ فقيام المسلم بعباداته أمانة، والحقوق المترتبة على كلّ من الزوج والزوجة أمانة، وتربية الأبناء أمانة، وردّ الأشياء إلى أصحابها أمانة، وحفظ أسرار الغير أمانة، والعهود حقوق يجب تأديتها، وأعظهما عهد العبد بينه وبين ربّه، كما وتعتبر خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق ؛ فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَن كَانَتْ فيه خَلَّةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَلَّةٌ مِن نِفَاقٍ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).
- المحافظة على الصلاة؛ قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)، والمقصود بالمحافظة على الصلاة؛ أي الاستمرار عليها، وإقامتها بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحبّاتها.
- اتّباع الصراط المستقيم، وهو المنهاج الذي أنزله الله -تعالى- على سيّدنا محمد -عليه السلام-، وقد اتّبعه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كما اتّبعه صحابته الكرام -رضوان الله عليهم-، قال -تعالى-: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
- تجنّب حضور الباطل من المعاصي، وإنكارها حال حضورها والإعراض عنها، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا).
- الخشوع حين الإقبال على الله -تعالى-، وتعظيمه، والخوف من عقابه، ورجاء ثوابه وإحسانه، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)، والتوجّه إلى الله -تعالى- بالدعاء أن يرزقهم الذريّة الصالحة، والزوج الصالح المستقيم على شرع الله -تعالى-؛ فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
- الإيمان بالله -تعالى- وحده، لا إله غيره، ولا معبود سواه، زبأنّه هو الخالق والرازق، له الأسماء الحسنى والصفات العليا، وهو الكامل الذي لا نقص فيه، والواحد الذي لا ندّ له، وكذلك الإيمان باليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، قال -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، ومن ذلك أيضاً التصدّق بالمال للفقراء والمساكين سواءً أكانوا من الأقارب أم من غيرهم، وفي وجوه الخير كافّة، قال -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، وهم يصبرون على ما أصابهم من فقر أو مرض، ويصبرون على ما يصيبهم في جهادهم في سبيل الله -تعالى-.
- التآلف فيما بينهم، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (المؤمِنُ يأْلَفُ ويُؤْلَفُ، ولا خيرَ فيمَنْ لا يألَفُ ولا يُؤْلَفُ، وخيرُهُمْ أنفعُهُمْ لِلنَّاسِ)، وفيما روي عن وهب بن منبه، قال: "الْمُؤْمِنُ مُفَكِّرٌ مُذَكِّرٌ فَمَنْ ذَكَرَ تَفَكَّرَ، فَعْلَتُهُ السَّكِينَةُ وَقَنَعَ فَلَمْ يَهْتَمَّ وَرَفَضَ الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرًّا وَأَلْقَى الْحَسَدَ فَظَهَرَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ وَزَهِدَ فِي كُلِّ فَانٍ فَاسْتَكْمَلَ الْعَقْلَ وَرَغِبَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَاقٍ فَعَقَلَ الْمَعْرِفَةَ".
- الإيمان بالغيب، وهو أعظم ما يؤثّر على النفس، قال -تعالى-: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، ومن ذلك الإيمان بلقاء الله -تعالى-، واليقين بمجازاته للمؤمنين على أعمالهم؛ فهم يؤمنون بأنهم سيلقون الله -عزّ وجلّ-، وينتظرون هذا اللقاء، كما ويدفعهم ذلك الإيمان إلى الإكثار من الأعمال الصالحة التي يرجون بها مغفرة الله -تعالى- لهم وتجاوزه عن سيئاتهم.
- طلب النصح من الذين يتّصفون بالحكمة والأمانة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (المؤمِنُ مِرآةُ المؤمِنِ)، فلا يرى الإنسان في نفسه ما يراه الآخرين فيه، وذلك يساعده على التقليل من ارتكاب الأخطاء، ولا ينتظر من الآخرين أن ياتوا إليه بالنصيحة.
- القنوت وكثرة ذكر الله -تعالى-، والصوم.
ما يعين على اكتساب الصفات الحسنة
يحرص المسلم على الالتزام ببعض الوسائل، التي تعينه على أن يتّصف بالأخلاق الحسنة، وفيما يأتي بيان لبعض تلك الوسائل:
- سلامة المعتقد؛ ففي سلوك الإنسان بيان لما يحمله من أفكار ومعتقدات، والمؤمن الحقّ يحمل محاسن الأخلاق ويتّصف بها، وإذا كانت العقيدة سليمة كانت الأخلاق حسنة، وإن كانت العقيدة خاطئة، كانت الأخلاق سيئة.
- دعاء المسلم ربه بأن يرزقه حسن الخلق ويصرف عنه سيء الأخلاق؛ فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول في دعاء الاستفتاح: (اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ).
- مجاهدة المسلم لنفسه من أجل اكتساب الأخلاق الحسنة، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)،ويبقى المسلم في هذه المجاهدة إلى أن يتوفاه الله.
- محاسبة النفس حين ارتكابها للأخطاء، ومعاهدتها بعدم العودة إلى ارتكاب المعاصي، فإن رأى المسلم نفسه أنه أحسن التأدب يكافئ نفسه، وإن رأى أنّه أخطأ وقصّر؛ حزم مع نفسه وكان شديداً معها.
- معرفة ما يترتب على الاتصاف بحسن الخلق، فيدفع ذلك المسلم إلى الالتزام بها، والسعي إلى المزيد منها.
- التفكّر في عواقب سوء الخلق، وما يجلبه من الحسرة والندامة، والكره في قلوب العباد، مما يدفع إلى تجنّب الاتّصاف بها.
- تجنّب اليأس من التخلّص من الأخلاق السيئة، والعزم على السعي من أجل إصلاح الذات، والمسلم لا يترك المحاولة، إنّما يسعى للأفضل.
- علو الهمة؛ لأنها تأخذ بيد صاحبها إلى كل خير، وتمنعه من الوقوع في المعاصي والأخطاء، وترفعه من الحضيض إلى أعالي الأمور وقممها، وكما قال ابن القيم -رحمه الله-: "من علَتْ همتُه، وخشعت نفسه، اتصف بكل خُلق جميل، ومن دنت همتُه، وطغت نفسُه، اتصف بكل خُلق رذيل".
- الصبر، وهو الأساس الذي يقوم عليه حسن الخلق؛ فهو يحفّز على الاتّصاف بالأخلاق الأخرى؛ كالتحمّل، واللين، والأناة، وكظم الغيظ وغيرها.
- العفة ؛ لأنها تدفع صاحبها إلى اجتناب ما نهى الله -تعالى- عنه، والالتزام بما أمر به، كما وتساعد على الاتّصاف بالحياء الذي هو أساس كل خير.
- الشجاعة؛ فهي تؤدي بالمسلم أن يكون عزيز النفس، يرفض الظلم ، ويطلب الأخلاق العالية.
- طلاقة الوجه، والابتعاد عن العبوس، مما يعين على تحمّل مشاق الحياة، وضغطها، وتحمّل المسؤولية، وتقديم المساعدة للغير ونفعهم.
- التواجد في البيئات الصالحة؛ ذلك أنّ الإنسان إذا عاشر قوماً أصبح مثلهم، يحمل ما يحملون من الأخلاق والمعتقدات ويتصرف مثلهم، سواء كانوا صالحين أو غير صالحين.
- سلطة الدولة الإسلامية، وذلك من خلال وضع القوانين الواجب الالتزام بها، والتي تسير وفق ضوابط الشريعة الإسلامية ، وبذل الجهد من أجل مراقبة مدى سيرها وتطبيقها، ووضع العقوبات الرادعة لمن يتجرأ على التعدّي عليها.
تعريف حسن الخلق وفضله
يُعرّف الخلق بأنه هيئة ثابتة في النفس، ولا ترتبط بخارج الإنسان لزاماً إنّما ارتباطها يكون بداخله، ومع ذلك فلا بدّ من وجود انعكاس هذه الهيئة على مظهر الإنسان وسلوكه؛ حيث أنّ السلوك هو المعبّر عن الأخلاق ، وما من شخص يواظب ويستمرّ على القيام بسلوك معيّن إلا دلّ ذلك على أنّه يتخلّق به، سواء كان هذا الخلق خيراً أم شرّاً، وقد صنّف الإسلام الأخلاق على أنّها عبادات يُثاب المسلم عليها، ويتنافس بها مع إخوانه المسلمين، كما أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جعل الخلق الحسن معياراً للتفاضل بين النّاس يوم القيامة ؛ فقال -عليه السّلام-: (إنَّ أحبَّكم إليَّ و أقربَكم مني في الآخرةِ مجالسَ أحاسنُكم أخلاقًا، و إنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرةِ أسوؤكم أخلاقًا ، الثَّرْثَارُونَ المُتَشَدِّقُونَ المُتَفَيْهِقونَ).
وجعل أجره في الميزان ثقيلاً؛ فلا شيء يعادل ثقله فقال -عليه السلام-: (ما شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمِنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسَنٍ، فإنَّ اللَّهَ تعالى ليُبغِضُ الفاحشَ البَذيءَ)، كما أنّ أجره يتساوى مع أجر العبادات الأساسيّة التي يقوم بها المسلم؛ من صيام وقيام، وقد أخبر بذلك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقال: (إِنَّ المؤمِنَ ليُدْرِكُ بِحُسْنِ الخلُقِ درجَةَ القائِمِ الصائِمِ)، ويعدّ وسيلة من الوسائل الموصلة إلى الجنة، فقد سُئل النبي -عليه السلام-عن أكثر ما يُدخل الناس الجنّة؛ فقال: (تقوى اللهِ وحسنُ الخُلقِ)، وحسن الخلق سبب في الارتقاء في درجات الجنّة، قال -عليه السلام-: (أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حَسُنَ خُلُقُه).