صفات الزوج المسلم
مشروعية الزواج في الإسلام
أولى الإسلام اهتماماً كبيراً لعقد الزواج، وأوضح مشروعيته، وأحكامه في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولذلك فقد أولى فقهاء المسلمين اهتمامًا به، وصنّفوا المصنّفات لبيان أحكامه ومقاصده وآثاره وغير ذلك، ومما ورد في القرآن الكريم من ذكر مشروعية الزواج قول الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)، والله -تعالى- جعل الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، ودليل ذلك قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)، وقد تزوّج خير الأنبياء والمرسَلين محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، وحثّ الشباب على الزواج، بل والزواج من المرأة الولود، وتسعى لإكثار الأمّة، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ).
صفات الزوج المسلم
حرص الإسلام حرصاَ شديداً على بناء الأسرة، والحفاظ عليها، وإنّ استقامة الأسرة تتحقّ إذا بُنيت على أساسٍ صحيحٍ منذ البداية، وحتى يتحقّق ذلك الأساس القويم، فقد شُرع لكلا الزوجين؛ الرجل والمرأة، أن يختاروا بعنايةٍ شريكهم، وقد جاء النصح للمرأة حين يتقدّم لها خاطبٌ، أن تختار الرجل صاحب الدين والخلق، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)، وفيما يأتي بيانٌ لبعض الصفات التي يجب على المرأة مراعاتها عند تقدّم خاطبٍ لها:
- أن يكون الرّجل ذا إيمانٍ؛ فالإيمان أساس الدين وأصله، وإذا صحّت عقيدة الإنسان؛ فإنّ حياته تستقيم، وأخلاقه تحسن؛ فيسهُل التعامل معه؛ ولذلك وجب على المرأة أن تختار الرجل، الذي تطمئن إلى إيمانه، فتكون بذلك قد ضيّقت دائرة الخلاف بينهما، وتوقّت كثيرًا من المشاكل الزوجية التي قد تحصل إن لم يكن الزوج ذا إيمانٍ كاملٍ.
- أن يكون الزوج تقيّاً يخشى الله تعالى، فالمرأة التي تختار زوجاً تطمئنّ لتقواه؛ فقد نالت خيراً كثيراً، وبركةً وفضلاً، فأهل التقوى؛ هم أهل الله تعالى، وبالتقوى يُرزق الإنسان، وتُفتح له بركات السماء والأرض، حيث قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، وبالتقوى ينال المسلم محبة الله -تعالى- ورحمته، فينعم أهل البيت بالرحمات، والبركات جرّاء ذلك، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، وتقوى الله -تعالى- دليل وجود حياءٍ من الله تعالى، وخوفٍ يعتري القلب، من الجبّار المهيمن العظيم، ولذلك حين سأل رجلٌ الحسن البصريّ، لمن يزوّج ابنته، فأجاب: "ممّن يتقي الله؛ فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها"، والتقيّ يقابل الإساءة بالإحسان، والتقي حاملٌ للقرآن، فإنّ أخلاقه تبعده عن الاحتدام مع الناس، أو بغضهم، أو الانتقام منهم، وكلّ تلك الصفات تحتاجها المرأة في الرّجل الذي تختاره ربّاً لبيتها.
- أن يكون الرجل أمينًا، فإنّ الزوجة تحتاج إلى الرجل الأمين، الغيور على بيته وزوجته، حيث قال الله -تعالى- على لسان الفتاة في قصة موسى عليه السلام: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)، وإنّ الأمين حاملٌ للمسؤوليات التي عليه، يؤديها على أكمل وجهٍ، فلا يقصّر في حقوق زوجته وأولاده، ويدرك أنّه مسؤولٌ عنهم أمام الله تعالى، والأمانة جزءٌ من حُسن الخلق، وحُسن الخلق ضروريٌ جداً، وأساس التعاملات بين الرجل والناس من حوله، وبينه وبين زوجته، التي تحتاج إلى المعاشرة بالمعروف، وتبتغي الميل له، إن كان صاحب معروفٍ، وإحسانٍ ، وحُسن الصحبة معها، ومع أبنائه.
فوائد الزواج للفرد والمجتمع
حثّ الإسلام الشباب على الزواج؛ لما في ذلك من فوائدٍ عظيمةٍ، تعود على الشباب والمجتمع بشكلٍ عامٍ، وفيما يأتي بيان بعض فوائد الزواج التي تتحقّق بانتشاره:
- تحقيق عفّة النفس، و غضّ البصر ، وحفظ الفرج، والتحصين من وسوسة الشيطان، فإنّ الشاب أو الفتاة العزباء، يكونان أقرب للوقوع في الزلات، والآثام؛ لكثرة الفساد، والمُغريات من حولهم.
- الإنجاب وتكثير النسل؛ وهو أمرٌ رغّب فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ليكاثر بأمّته الأمم يوم القيامة .
- تحقيق السكينة والرحمة في نفس الزوجين، والوصول إلى الود والطمأنينة بين الزوجين، وذلك لا يتحقّق في علاقةٍ سوى الزواج، فالزوج يبثّ همومه ومشاكله لزوجته، والزوجة تجد من يقاسمها شيئاً من أعباء الزواج والحياة؛ فتزول وحشتها، وتأنس بقربها من زوجها.
- نيل الأجر والفضل من الله تعالى، عندما يقوم كلٌّ من الزوجين بتحمّل مسؤولياته، وبناء البيت والعائلة بناءً مستقيماً معتدلاً، ففي ذلك العمل خيرٌ كثيرٌ، وكلّ عملٍ دخل في نطاق الخير؛ فهو معروفٌ ويؤجر المرء عليه.