صحة حديث داووا مرضاكم بالصدقة
صحة حديث داووا مرضاكم بالصدقة
الصدقة
تعتبر الصَّدقة من أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله -تعالى- وخصوصًا إذا ما وُضعت هذه الصَّدقة في مكانها الصحيح، سواءً تصدَّق الشخص بها لرفع بلاءٍ أو تيسير أمر معين أو كشف كربةٍ أو غيرها من الأمور، وحثَّ الله -تعالى- على التَّصدق في عدة مواطن في كتابه العزيز.
فقد قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، كما وحثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصدقات في أحاديث كثيرة وبيَّن عِظم أجر هذه الصَّدقة عند الله -تعالى-.
فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ).
حكم حديث داووا مرضاكم بالصدقة
بالنسبة لحديث (داووا مرضاكم بالصَّدقات) فإنَّه حديثٌ لا يصح، وتعددت أقوال العلماء في الحُكم عليه، فمنهم من قال عن هذا الحديث ضعيف ومنهم من قال عنه منكر ومنهم من قال عنه موضوع.
ومنهم من نسبه إلى الحسن البصري مرسلًا، كالبيهقي -رحمه الله- فقد قال: إنما يُعرف هذا المتن عن الحسن البصري عن النبي مرسلاً، لكن الواضح أنَّ معنى الحديث قد يكون صحيحاً فقد تُدفع الصَّدقة عن المريض وذلك بنية شفاء المريض ومعافاته، وقد عمل به جماعة من علماء المسلمين والسلف الصالح.
معنى حديث داووا مرضاكم بالصدقة
إنَّ علاج الأمراض الجسديَّة والنفسيَّة له علاقةٌ وطيدةٌ بالعقيدة وحُسن التوكل على الله -تعالى-، يقول الله -سبحانه وتعالى- على لسان إبراهيم -عليه الصلاة السلام-: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)،أي: إذا أصابتني الأمراض والأسقام فإنَّه لا يقدر على شفائها وبرئها أحد إلا الله -تبارك وتعالى-، بما يُقدِّر من الأسباب الموصلة إليه -سبحانه-.
يُعدُّ المرض من الأمور القاهرة للعباد وعدو الأجيال ومن أنواع الابتلاء الذي لا تستقر معه حال ولا يرسو على مآل؛ فعندما كان المرض كذلك ناسب أن يكون العلاج له هو تنفيس الكربات وتفريج الهموم وإغاثة الملهوف، وكلُّ ذلك يكون من خلال بذل الأموال والصَّدقات ونفقته على المساكين والفقراء المحتاجين ممن يستحقون الصَّدقات.
وكما يُعلم فإنَّ الإسلام دين شمولي لكل مجالات الحياة يحثُّ على جميع أنواع التكافل الاجتماعي والاقتصادي، والتصدُّق بالمال وإنفاقه على من يستحقه من المحتاجين والفقراء الهدف منه هو إسعاد هؤلاء الجماعات وسدِّ حاجاتهم، وبالتالي فإنَّ الجزاء من جنس العمل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
أفضل صدقات التطوع
لا شكَّ أنَّ هناك بعض أنواع صدقات التطوع تفضُل عن غيرها من الصدقات وإليك ترتيب تلك الصدقات من ناحية الأفضلية والأجر والثواب العظيم في ما يأتي:
- سُقيا الماء
إنَّ من أفضل ما يتصدَّق به العبد المسلم هو سقي الماء، وذلك لعموم فائدته ولحاجة الناس إليه في كلِّ أوقاتهم خصوصًا في فصل الصيف عند اشتداد الحر.
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما جاءه سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، يسأله عن أفضل الصدقات عن أمَّه التي ماتت: (قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم. قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء، فتلك سقاية سعدٍ بالمدينة).
- الصَّدقة على ذي القربى الذي يُضمر بداخله نار البغض والعداوة
ففي الحديث أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصدقات أيُّها أفضل؟ قال: (على ذي الرحم الكاشِح)، ومعنى كلمة الكاشح: هو العدو الذي يضمر عداوته بداخله ويطوي عليها كَشْحَهُ: أي باطنه.
أو الذي يطوي عن العبد كشحه ولا يألفه بمعنى أنَّه يظهر له المحبة ولكن يُبطن بداخله الحقد والحسد وكُره الخير له، فهذا الشخص تكون الصَّدقة عليه من أفضل أنواع الصدقات.
- صدقة الإنسان الصحيح الشحيح
إنَّ من أفضل الصدقات أن ينفق الإنسان صدقته وهو بكامل قوته وتمام صحته وعافيته، فتصَدُّق الإنسان عن نفسه في حالة حياته لا شكَّ أنّها أفضل بكثير من حال التصُّدق عنه بعد مماته، وكذلك في حال صحته أفضل بكثير من حال مرضه، قال الله -تعالى-: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَال).