شعر قديم
قصيدة دعيني لعمرو بن مالك
دَعِيني وَقُولِي بَعْدُ ما شِئْتِ إِنَّني
سَيُغْدَى بِنَعْشِي مَرَّة ً فَأُغَيَّبُ
خَرَجْنَا فَلَمْ نَعْهَدْ وَقَلَّتْ وَصَاتُنَا
ثَمَانِيَة ٌ ما بَعْدَها مُتَعَتَّبُ
سَراحِينُ فِتْيَانٌ كـأنَّ وُجُوهَهُمْ
مَصَابِيحُ أوْ لَوْنٌ مِنَ المَاءِ مُذْهَبُ
نَمُرُّ بِرَهْوِ الماءِ صَفْحا وَقَدْ طَوَتْ
شَمَائِلُنَـا والـزَّادُ ظَنٌّ مُغَيَّـبُ
ثلاثاً على الأقْدامِ حتَّى سَمَا بِنَـا
على العَوْصِ شَعْشاعٌ مِنَ القَوْم مِحْرَبُ
فَثَاروا إِلَيْنَا في السَّوَادِ فَهَجْهَجُوا
وَصَوَّتَ فِينَـا بالصَّباحِ المثوِّبُ
فَشَنَّ عَلَيْهِمْ هِزَّة َ السَّيْفِ ثَابِتٌ
وَصَمَّمَ فيهِمْ بالحُسَامِ المُسَيَّبِ
وَظَلْتُ بِفِتْيَانٍ معي أتَّقِيهِمُ
بِهِنَّ قليلاً سَاعَة ً ثمَّ خَيَّبُوا
وَقَدْ خَرَّ مِنْهُمْ رَاجِلَانِ وَفَارِسٌ
كَمِيٌّ صَرَعْنَاهُ وقَرْمٌ مُسَلَّبُ
يَشُنُّ إلَيْهِ كُلُّ رِيعٍ وَقَلْعَة ٍ
ثمانِيَة ً والقَوْمُ رجْلٌ ومِقْنَبُ
فلمّا رآنا قَوْمُنَا قِيلَ: أفْلَحُوا
فَقُلْنَا: کسْأَلُوا عَنْ قَائِلٍ لا يُكَذَّبُ
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب لعنترة بن شداد
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ
وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم
إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا
قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ
وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا
لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبسٍ لَقَد نَسَلوا
مِنَ الأَكارِمِ ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ
لَئِن يَعيبوا سَوادي فَهوَ لي نَسَبٌ
يَومَ النِزالِ إِذا ما فاتَني النَسَبُ
إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي
قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ
اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً
يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ
إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها
عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ
فَتىً يَخوضُ غِمارَ الحَربِ مُبتَسِماً
وَيَنثَني وَسِنانُ الرُمحِ مُختَضِبُ
إِن سَلَّ صارِمَهُ سالَت مَضارِبُهُ
وَأَشرَقَ الجَوُّ وَاِنشَقَّت لَهُ الحُجُبُ
وَالخَيلُ تَشهَدُ لي أَنّي أُكَفْكِفُهَا
وَالطَعنُ مِثلُ شَرارِ النارِ يَلتَهِبُ
إِذا اِلتَقَيتَ الأَعادي يَومَ مَعرَكَةٍ
تَرَكتُ جَمعَهُمُ المَغرورَ يُنتَهَبُ
لِيَ النُفوسُ وَلِلطَيرِ اللُحومُ
وَلِلوَحشِ العِظامُ وَلِلخَيّالَةِ السَلَبُ
لا أَبعَدَ اللَهُ عَن عَيني غَطارِفَةً
إِنساً إِذا نَزَلوا جِنّاً إِذا رَكِبوا
أُسودُ غابٍ وَلَكِن لا نُيوبَ لَهُم
إِلّا الأَسِنَّةُ وَالهِندِيَّةُ القُضُبُ
تَحدو بِهِم أَعوَجِيّاتٌ مُضَمَّرَةٌ
مِثلُ السَراحينِ في أَعناقِها القَبَبُ
ما زِلتُ أَلقى صُدورَ الخَيلِ مُندَفِق
بِالطَعنِ حَتّى يَضِجَّ السَرجُ وَاللَبَبُ
فَالعُميُ لَو كانَ في أَجفانِهِم نَظَروا
وَالخُرسُ لَو كانَ في أَفواهِهِم خَطَبوا
وَالنَقعُ يَومَ طِرادَ الخَيلِ يَشهَدُ لي
وَالضَربُ وَالطَعنُ وَالأَقلامُ وَالكُتُبُ
أفي ناب منحناها فقيرا لعروة بن الورد
أَفي نابٍ مَنَحناها فَقيراً
لَهُ بِطِنابِنا طُنُبٌ مُصيتُ
وَفَضلَةِ سَمنَةٍ ذَهَبَت إِلَيهِ
وَأَكثَرُ حَقِّهِ ما لا يَفوتُ
تَبيتُ عَلى المَرافِقِ أُمُّ وَهبٍ
وَقَد نامَ العُيونُ لَها كَتيتُ
فَإِنَّ حَمِيتَنا أَبَداً حَرامٌ
وَلَيسَ لِجارِ مَنزِلِنا حَمِيتُ
وَرُبَّتَ شُبعَةٍ آثَرتُ فيها
يَداً جاءَت تُغيرُ لَها هَتيتُ
يَقولُ الحَقُّ مَطلَبُهُ جَميلٌ
وَقَد طَلَبوا إِلَيكَ فَلَم يُقيتوا
فَقُلتُ لَهُ أَلا اِحيَ وَأَنتَ حُرٌّ
سَتَشبَعُ في حَياتِكَ أَو تَموتُ
إِذا ما فاتَني لَم أَستَقِلهُ
حَياتي وَالمَلائِمُ لا تَفوتُ
وَقَد عَلِمَت سُلَيمى أَنَّ رَأيِي
وَرَأيَ البُخلِ مُختَلِفٌ شَتيتُ
وَأَنّي لا يُريني البُخلَ رَأيٌ
سَواءٌ إِن عَطِشتُ وَإِن رُويتُ
وَأَنّي حينَ تَشتَجِرُ العَوالي
حَوالي اللُبَّ ذو رَأيٍ زَميتُ
وَأُكفى ما عَلِمتُ بِفَضلِ عِلمٍ
وَأَسأَلُ ذا البَيانِ إِذا عَميتُ
ولا أزرف ضيفي إن تأوبني لحاتم الطائي
وَلا أُزَرِّفُ ضَيفي إِن تَأَوَّبَني
وَلا أُداني لَهُ ما لَيسَ بِالداني
لَهُ المُؤاساةُ عِندي إِن تَأَوَّبَني
وَكُلُّ زادٍ وَإِن أَبقَيتُهُ فاني
أبنت صخر تلكما الباكية للخنساء
أَبِنتُ صَخرٍ تِلكُما الباكِيَة
لا باكِيَ اللَيلَةَ إِلّا هِيَه
أَودى أَبو حَسّانَ واحَسرَتا
وَكانَ صَخرٌ مَلِكُ العالِيَه
وَيلايَ ما أُرحَمُ وَيلاً لِيَه
إِذ رَفَعَ الصَوتَ النَدى الناعِيَه
كَذَّبتُ بِالحَقِّ وَقَد رابَني
حَتّى عَلَت أَبياتُنا الواعِيَه
بِالسَيِّدِ الحُلوِ الأَمينِ الَّذي
يَعصِمُنا في السَنَةِ العادِيَه
لَكِنَّ بَعضَ القَومِ هَيّابَةٌ
في القَومِ لا تَغبِطُهُ البادِيَه
لا يَنطِقُ العُرفَ وَلا يَلحَنُ
العَزفَ وَلا يَنفُذُ بِالغازِيَه
إِن تُنصَبِ القِدرُ لَدى بَيتِهِ
فَغَيرُها يَحتَضِرُ الجادِيَه
لَكِن أَخي أَروَعُ ذو مِرَّةٍ
مِن مِثلِهِ تَستَرفِدُ الباغِيَه
لا يَنطِقُ النُكرَ لَدى حُرَّةٍ
يَبتارُ خالي الهَمِّ في الغاوِيَه
إِنَّ أَخي لَيسَ بِتَرعِيَّةٍ
نِكسٍ هَواءِ القَلبِ ذي ماشِيَه
عَطّافُهُ أَبيَضُ ذو رَونَقٍ
كَالرَجعِ في المُدجِنَةِ السارِيَه
فَوقَ حَثيثِ الشَدِّ ذو مَيعَةٍ
يَقدُمُ أولى العُصَبِ الماضِيَه
لا خَيرَ في عَيشٍ وَإِن سَرَّنا
وَالدَهرُ لا تَبقى لَهُ باقِيَه
كُلُّ اِمرِئٍ سُرَّ بِهِ أَهلُهُ
سَوفَ يُرى يَوماً عَلى ناحِيَه
يا مَن يَرى مِن قَومِنا فارِساً
في الخَيلِ إِذ تَعدو بِهِ الضافِيَه
تَحتَكَ كَبداءٌ كُمَيتٌ كَما
أُدرِجَ ثَوبُ اليُمنَةِ الطاوِيَه
إِذ لُحِقَت مِن خَلفِها تَدَّعي
مِثلَ سَوامِ الرَجُلِ الغادِيَه
يَكفَأُها بِالطَعنِ فيها كَما
ثَلَّمَ باقي جَبوَةِ الجابِيَه
تَهوي إِذا أُرسِلنَ مِن مَنهَلٍ
مِثلَ عُقابِ الدُجنَةِ الداجِيَه
عارِضُ سَحماءَ رُدَينِيَّةٍ
كَالنارِ فيها آلَةٌ ماضِيَه
أَشرَبَها القَينُ لَدى سَنَّها
فَصارَ فيها الحُمَةُ القاضِيَه
أَنّى لَنا إِذ فاتَنا مِثلُهُ
لِلخَيلِ إِذ جالَت وَلِلعادِيَه
أُقسِمُ لا يَقعُدُ في بَلدَةٍ
نائِيَةٍ عَن أَهلِهِ قاصِيَه
فَأَقصَدُ السَيرِ عَلى وَجهِهِ
لَم يَنهَهُ الناهي وَلا الناهِيَه
ألا يا أيها الليل الطويل ألا انجلي لامرئ القيس
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي
بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَل
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ كَأَنَّ نُجومَ
هُبِكُلِّ مُغارِ الفَتلِ شُدَّت بِيَذبُلِ