قراءة في رواية الثلاثية
قراءة في رواية الثلاثية
تعدُّ رواية الثلاثية لنجيب محفوظ أفضل الروايات العربية في تاريخ الأدب العربي، وذلك حسب الاتحاد العام للكتاب العرب، تتألف من ثلاثة روايات وهي: بين القصرين نشرت عام 1956م، قصر الشوق نشرت عام 1957م، السكرية نشرت عام 1957م، وقد حظيَ نجيب محفوظ وأعماله كلها حتى السابقة منها باهتمام كبير من قبل النقاد بعد نشر الثلاثية.
يركِّز نجيب محفوظ في السرد الروائي في هذه الرواية على النمط الإنساني فيها، وليس على العقدة كما في غيرها من الروايات، كما أنَّها اعتمدَ فيها على النقد الاجتماعي والتحليل النفسي أكثير بكثير وذلك من دون ميلودراما، وحاول أن يجعل التاريخ بأحداثه الماضية وكأنه حيًّا وواقعًا مشهودًا ضمن أحداث الرواية الثلاثية.
صوَّر في الثلاثية المجتمع بأكمله من جميع جوانبه، فوصف طراز العمارة الذي كان شائعًا في تلك الفترة ووصف المنازل واللباس والطعام والغناء والموسيقى والفنون الشائعة، كما تطرَّق إلى العادات والتقاليد والعلاقات الاجتماعية التي كانت متَّبعة آنذاك، وكله ضمن السياق الاقتصادي لأحداث الرواية، وكان يكتب بحيادية مطلقة تجاه مختلف الأحداث في الرواية.
شخصيات رواية الثلاثية لنجيب محفوظ
كتَب نجيب محفوظ الثلاثية بحيادية مطلقة تجاه شخصيات روايته، ورسم لكل من النماذج الإنسانية التناقضات الداخلية التي تعيشها، والأبعاد النفسية وغير ذلك، وفيما يأتي أهم الشخصيات في الرواية:
- أحمد عبد الجواد
الشخصية الرئيسية في الرواية، وهو رب أسرة مستبدٌّ ومتسلط على أسرته، يظهر تناقضًا بين حياته بين أسرته ومع الناس كإنسان متوازن وقور، وحياته العابثة في الملاهي ومع النساء.
- أمينة
زوجة أحمد عبد الجواد وهي امرأة خاضعة لزوجها بكل معنى الكلمة، وتمثل المرأة المسحوقة في عالم ذكوري جدًّا.
- ياسين
الابن الأكبر لأحمد عبد الجواد، وكان يرتاد المكان الذي يرتاده أبوه، وقد تزوج من امرأة كانت عشيقة والده لفترة من الزمن.
- فهمي
الابن الثاني لأحمد عبد الجواد، وقد قتل خلال ثورة عام 1919م.
- كمال
الابن الأصغر للسيد أحمد عبد الجواد، درس الفلسفة، ويمثل الإنسان المثقف الضائع في نفس الوقت، والذي لا يستطيع أن يحدد طريقه أبدًا.
- خديجة
هي الابنة الكبرى لأحمد عبد الجواد، وقد تزوجت وأنجبت عبد المنعم وأحمد، واللذين كان لكل منهما توجه مختلف، ويشغلان مساحة كبيرة في الجزء الثالث من الرواية.
- عائشة
الابنة الصغرى لأحمد عبد الجواد، تفجع بوفاة ولديها وزوجها بمرض التيفوئيد ، وتتحول من امرأة غاية في الجمال والرقة، إلى امرأة شاحبة على وشك الموت.
نقد رواية الثلاثية لنجيب محفوظ
رأى بعض النقاد أنَّ الرواية احتوت على قطبين فيما يخص أزمة المرأة في بدايات القرن العشرين، القطب الأول الإيجابي يمثله أحمد عبد الجواد، والقطب الثاني السلبي تمثله زوجته المسكينة أمينة، وكانت العلاقة بينهما علاقة غير متكافئة وعلاقة غير متجانسة وغير إنسانية، وهي علاقة قائمة على الاستبداد والتسلط من طرف الزوج والخضوع والاستلام من الزوجة.
أشار بعض النقاد إلى عدم انتباه كثيرين إلى اللمسة الكوميدية في الرواية، وهي لمسة كوميدية بارزة وواضحة جدًّا، وقد أشاد طه حسين بالثلاثية واعتبرها رواية فريدة في تاريخ الأدب العربي فقال عن محفوظ: "أتاح للقصة أن تبلغ من الإتقان والروعة ومن العمق والدقة ومن التأثير الذي يشبه السحر ما لم يصل إليه كاتب مصري قبله".
قد تأثر الكاتب نجيب محفوظ في الثلاثية حسب أغلب النقاد بثلاث مدارس غربية وهي: المدرسة الواقعية الفرنسية والتي كانت متمثلة في كل من أونوريه دي بلزاك وجوستاف فلوبير، المدرسة الطبعانية والتي كانت متمثلة في إميل زولا، مدرسة الروائيين الإنجليز الإدوارديين مثل جلزورذي وبنيت وغيره.
اقتباسات من رواية الثلاثية
يعدُّ نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل من أشهر الكتاب العرب والتي اشتهرت أقواله بكثرة، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من رواية ثلاثية نجيب محفوظ:
- نجح في التوفيق بين الحيوان المتهالك على اللذات وبين الإنسان المتطلع إلى المبادئ العالية توفيقا ائتلافيا يجمعهما في وحدة منسجمة لا يطغى أحد طرفيها على الآخر.
- كان في وسع الإرادة القوية أن تتيح لنا أكثر من مستقبل واحد ولكننا لن يكون لنا -مهما أوتينا من إرادة- إلا ماض واحد لا مفر منه ولا مهرب.
- إن كلمة من ثغر من نحب خليقة بأن تجعل من كُل شيء كَلا شيء.
- قد نضيق بالحب إذا وجد، ولكن شد ما نفتقده إذا ذهب.