شعر عن العمل
العمل
يعدّ العمل من أسمى الأمور التي يمكن أن يقوم بها المرء خلال حياته، فعن طريقه يجني الأموال، ويحصل على شخصيّةٍ مستقلّةٍ له، اخترنا لكم هنا قصيدة العمل والأمل للشاعر مداحي العيد وغيرها من القصائد المتعلقة بالعمل.
العمل والأمل
قد عملنا في ورشة الابتناء
لنُشيّدَ من بيوت الامتلاء
عملٌ متواصلٌ في مكانٍ
عازمين فيه برغم العناء
وترى العمال الذين أتوها
فرحين رغم النوى باللقاء
قطعوا مسافاتهم قادمين
من قرى طلباً لقوت الغذاء
كل مسكين قد رأيناه فيها
ظلّ مجتهداً دوام الضياء
فهمُ أملُ البلادِ الذين
مسحوا عرقاً جرى كالماء
فبما أنجزوه نالوا ثوابا
ماكثاً في سجلّهم بالبقاء
كلُّهم حاز من مديح الثناء
قدر أعمالهم على الأشياء
فإذا لم نعط الأجير حقوقاً
سيُصاب بالضّعف بعد الدائي
كيف يُنشؤون المباني التي قد
خُطّطتْ من مُهندسي الأرجاء
إن غدوا ونفوسهم تغلي من
أسفٍ مُُحبطين في المساء
وإذا أكرمناه يمضي إلى الشُّغْل
سعيداً بين المنى والرجاء
متمتّعاً بالحياة التي قد
ملئت بإنجازه في العراء
هل سترقى البلدان إن لم نشيّدْ
وطنا بسواعد الاعتناء
قدّمتْ أجيالٌ جهود الوصول
قد سعوا بإخلاصهم في البناء
نبغوا بابتكارِهِمْ قاصدين
أن يُحسّنوا من حياة السناء
قدّم الجيل مُعظم الأفكاري
المترابطة النهى للنماء
ساعدتْ جيلا بعد جيلٍ بعلمٍ
ثابةِ القوانين بين الخفاء
كل شيءٍ له مقاسه في
معملٍ ضبطوه بعد الوفاء
ليواصلوا من بناءٍ له في
مدنٍٍ قدرا غالي الآلاء
بالموازين أتقنوا كل بيتٍ
صالحٍ لأهلٍ ذرى الارتقاء
من عماراتٍ طالتِ الأجواءَ
شارفتْ طبقاتها كلَّ ناء
من زجاج بريقه ساطعٌ من
ضربات شمس قبيل اللقاء
وترى البساتين خضراء بين
فندقٍ فارهٍ من الاغتناء
ومساحاتٌ من رياحينها الْتي
بدت للرّائين كالحسناء
من أراد إنشاءَ جيلٍ قويٍّ
فعليه تشطيب كل الهراء
فإذا سُدّتِ الأنابيبُ بالحَ
صى فكيف يمرُّ ماء السماء
كل ما نراه بنته يدٌ قد
واصلت أعمالاً من الاقتفاء
كل مجتهدٍ ينال هنا عِنْ
دَكَ حقّهُ كاملا بالهناء
نحن نعمل عند عبد صدوقٍ
لم نشاهدْ منه جفاء العداء
نجحتْ مشاريعه إنها مُتْ
قنةٌ البنى وفق كل الآراء
كم مشاريعٍ أنجز الموهوب
عندما أتقن الخطى في الشتاء
نحن نعمل عند من لا يضيع
أجرنا عنده من الاقتناء
كلّ أسبوع يقبض العمال
أجرةً في ظرفٍ من السخاء
أنت من أهل الكرام لو تكرّمْ
تَ على المساكين بالإرضاء
فمشاريعه شديدةُ بأسٍ
دقّة المعايير قبل البناء
فهياكل الشدِّ مسبوكة في
حلقاتٍ ضمن حديد العلاء
سُكِبَ الإسمنتُ المسلح فيها
فبعد حينٍ يشدّ كالصمّاء
فغدا تجدُ البيوت عديد
ةً عليها مصفوفةً في الفناء
لبناتٌ القرميد مرصوفةٌ في
جدُُرٍ قدْ صُفَّتْ منَ الإنشاء
وإذا أدّى الناس أعمالهم في
ورشةٍ يُصبحون رمز الوفاء
يتحسّنُ الدهر بعد كروبٍ
أزعجتْ معظم الورى بالبلاء
وإذا سيقت للحكيم الحياةُ
فسيجعل الأرض مثل البهاء
ما الحياة إلا كمثل غصونٍ
قد أظلت مسافر الأثناء
فارق الظلّ بعد راحته قد
واصل السير رفقة الأكفاء
ما الحياة إلا ثوانٍ يمرُّ
كلّ جزء منها على الأحياء
فإذا لم يُشيّدِ المرء فيها
ابتكارته قبيل الفناء
ستمرُّ عليه كالأحلامِ
سنواتٌ كأنها كالهباء
فإذا استيقظ الفؤاد فلن يَ
جِدَ غيرَ ذكرى المنى في الخواء
من أراد بلوغ قمةَ مجدٍ
فعليه بالجدِّ طول البقاء
فإذا كنت واثقاً من بلوغ
غايةٍ فأقبلْ على الجواء
ليس في الدنيا مستحيلٌ إلاّ
مَن تكاسلَ عن مُراد الرجاء
إتقان العمل
أيّها العمال أفنوا العمر كداً واكتساباً
واعمروا الأرض فلولا سعيكم أمست يباباً
أتقنوا يحببكم الله ويرفعكم جناباً
إن للمتقن عند الله والناس الثوابا
أرضيتم أن ترى مصر من الفن خرابا
بعد ما كانت سماءً للصناعات وغابا
اطلبوا الحق برفقاً واجعلوا الواجب دابا
واستقيموا يفتح الله لكم باباً فباباً
دع الخمول
دع الخمول والنوم والركود
وانهض لتعمل وقم ببذل مجهود
واجعل الإرادة لك حافزاً ووقود
واعمل بجد تفتح لك كل السدود
تشجع كافح وكن مع الناس ودود
تلين لك الأشواك وتصبح ورود
أظهر مهارتك وتحدى كل السدود
وكن رمزاً بارزاً مثالاً للصمود
لا تيأس ولا تبالي بالردود
وواجه أجواء البروق والرعود
أتقن أعمالك واختمها بالمردود
يبقى عليها الناس للأبد شهود
اكتب اسمك بأعرض البنود
يكتب في التاريخ مع مر العقود
كن كريماً طيّباً وتميز بالجود
وكن صادقاً أميناً وفياً للوعود
ضع بصمتك وأثبت للوجود
بأن الإبداع ليس له حدود