شعر الوصف في العصر العباسي الأول
سمات الوصف في شعر العصر العباسي
يعرف الوصف بأنه أحد الأغراض الشعرية التي تعنى بوصف الشاعر الدقيق وبشكل مفصل ويهتم بكافة التفاصيل والمشاهد من حوله، مثل: القصور والطبيعة وأيضًا الأشخاص، حتى أنهم أدخلوا هذا الغرض في أغلب القصائد، التي لم تكن من شعر الوصف فأغلب الشعراء بدأوا مطالع قصائدهم بشعر الوصف.
حافظ الكثير من الشعراء في العصر العباسي على الإرث الشعري؛ لم يدخلوا التجديد الشعري إلى أبياتهم بل بقوا على الأغراض الشعرية والطرق الموروثة، ولم يتبعوا نظامًا جديدًا، فالشعر في هذا العصر احتوى على الوصف حتى أنه شمل جميع الأغراض التي تحدث فيها الشعراء، فأغلب الأغراض التي تناولوها شملت بين طياتها الوصف، ففصّلوا في الوصف كل تفاصيل المجتمع الجديد.
إن شعر الوصف لم يولد في هذه الفترة، إذ إن بدايته ظهرت في العصر الجاهلي ، وكان ظهوره على شكل صورة نقلت الواقع كما هو، لأن عندما قرأنا الشعر الجاهلي راين أنها عبارة عن لوحات رسمت بالحروف والمفردات، ونقلت لنا صورة الواقع كما كان، لكن الوصف في العصر الجاهلي لم يكن مستقل بنفسه؛ كان يدرج خلال القصائد الأخرى في أبيات قليلة.
أسباب ازدهار الوصف في العصر العباسي
تعدّدت العوامل التي ساهمت في ازدهار الوصف في العصر العباسي، وكان ذلك على النحو الآتي
- الحضارة وتطورها
فقد كانت جمعت التطور الحضاري المستويات المعيشية التي في العصر العباسي.
- الاندماج بالأمم الأخرى
نتج عن هذا الاندماج اتساع النظرة للأشياء، فأصبحت الأفق تتسع فشجع ذلك على تنبه الشعراء إلى التفاصيل والعناية بإبراز جمالها.
- نشاط حركة الترجمة
فكان لهذه الحركة اتساع رؤية العرب على الكثير من المستويات الثقافية والفكرية.
- تميز العمران
- الاستقرار
فقد كان له دور أساسي ومهم للرخاء والاستقرار السياسي في ذلك العصر في جعل الشعراء يتفرغون لقول الشعر والانشغال به وأيضا وجودهم في البلاط الخاص بالخلفاء يجعلهم في راحة مادية كبيرة بسبب ما كان الخلفاء يدفعون لهم أموال كبيرة.
- تشجيع الخلفاء على الأدب
كان لهم دور بتشجيع الشعراء على قول الشعر ويعطون العطيات لهم فكان هذا دافع كبير لشعورهم بالرضا والاكتفاء فأبدعوا أكثر.
موضوعات شعر الوصف في العصر العباسي
تعددت موضوعات الوصف في العصر العباسي بتنوع المواضيع التي أخذها الشعراء وتناولوها بأوصافهم فتجاوزتن الأوصاف عن ذكر الناقة والأطلال، وهذه الموضوعات، فهذه تطرق لما القديمين من الشعراء في أوصافهم، فقد كانت الأوصاف الجديدة متناسبة مع مستجدات عصرهم وهي على النحو الآتي:
- وصف القصور
فوصفت وصف كأنه حي ورسم رسما حقيقيا ومثال ذلك ما وصف علي بن الجهم لأحد قصور المتوكل في مدينة سامراء، فتحدث عن قبته الفاخرة الشامخة التي تحاكي ما صوره الله في الكون والفضاء من نجوم، وذكر نوافذ القصر التي زينت بألوان الفسيفساء، فشبه هذه الألوان بالبنات ذات الدين المسيحي اللواتي خرجن بثيابهن الملونة في يوم عيد الفصح فقال:
ما زِلتُ أَسمَعُ أَنَّ المُلوكَ
- تَبني عَلى قَدرِ أَخطارِها
وَأَعلَمُ أَنَّ عُقولَ الرِجا
- لِ يُقضى عَلَيها بِآثارِها
فَلِلرومِ ما شادَهُ الأَوَّلونَ
- وَلِلفُرسِ مَأثورُ أَحرارِها
فَلَمّا رَأَينا بِناءَ الإِمامِ
- رَأَينا الخِلافَةَ في دارِها
- وصف المعارك
أن وصفها كان قديما في التراث العربي، ولكن في كل كان يضعون عليه لمساتهم الخاصة ففي عصر الإسلام بدأ وصف المعارك وأخذ طابعًا دينيًا، وفي العصر الأموي كذلك الأمر فوجدوا شعراءه ما يضيفون عليه، وأيضًا العباسيون أضافوا وصف المعارك لتجربتهم فقال البحتري في وصف معركة:
ورَمَتْ بنا سَمْتَ العراقِ أياتقٌ
:::سُحْمُ الخدودِ لُغامُهنَّ الطُّحلُبُ
مِنْ كلِّ طائرةٍ بخمسِ خوافِقٍ
:::دُعْجٍ كما ذُعِر الظَّليمُ المُهْذِبُ
يحملْنَ كلَّ مفرَّقٍ في همَّةٍ فُضُلٍ
:::يَضيقُ بها الفضاءُ السَّبسبُ