شعر ابن زيدون في الحب
قصيدة: ما ضرّ لو أنّك لي راحمٌ
قال الشاعر الأندلسي ابن زيدون :
ما ضَرَّ لَو أَنَّكَ لي راحِمُ
وَعِلَّتي أَنتَ بِها عالِمُ
يَهنيكَ يا سُؤلي وَيا بُغيَتي
أَنَّكَ مِمّا أَشتَكي سالِمُ
تَضحَكُ في الحُبِّ وَأَبكي أَنا
اللَهُ فيما بَينَنا حاكِمُ
أَقولُ لَمّا طارَ عَنّي الكَرى
قَولَ مُعَنّىً قَلبُهُ هائِمُ
يا نائِمًا أَيقَظَني حُبُّهُ
هَب لي رُقادًا أَيُّها النائِمُ
قصيدة: إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا
قال الشاعر ابن زيدون:
إِنّي ذَكَرتُكِ بالزهراء مُشتاقًا
وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ
كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا
وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ
كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا
يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت
بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا
نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ
جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا
كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي
بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا
وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ
فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا
سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ
وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا
كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا
إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا
لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ
فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا
لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى
وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى
لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم
لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا
يا عَلقِيَ الأَخطَرَ الأَسنى الحَبيبَ إِلى
نَفسي إِذا ما اِقتَنى الأَحبابُ أَعلاقا
كانَ التَجارِي بِمَحضِ الوُدِّ مُذ زَمَنٍ
كمَيدانَ أُنسٍ جَرَينا فيهِ أَطلاقا
فَالآنَ أَحمَدَ ما كُنّا لِعَهدِكُمُ
سَلَوتُمُ وَبَقينا نَحنُ عُشّاقا
قصيدة: أيوحشني الزمان وأنت أنسي
قال الشاعر ابن زيدون:
أَيوحِشُني الزَمانُ وَأَنتَ أُنسي
وَيُظلِمُ لي النَهارُ وَأَنتَ شَمسي
وَأَغرِسُ في مَحَبَّتِكَ الأَماني
فَأَجني المَوتَ مِن ثَمَراتِ غَرسي
لَقَد جازَيتَ غَدرًا عَن وَفائي
وَبِعتَ مَوَدَّتي ظُلمًا بِبَخسِ
وَلَو أَنَّ الزَمانَ أَطاعَ حُكمي
فَدَيتُكَ مِن مَكارِهِهِ بِنَفسي
قصيدة: يا غزالًا جمعت فيه
قال الشاعر ابن زيدون:
يا غَزالًا جُمِعَت فيهِ
مِنَ الحُسنِ فُنونُ
أَنتَ في القُربِ وَفي البُعدِ
مِنَ النَفسِ مَكينُ
بِهَواكَ الدَهرَ أَلهو
وَبِحُبَّيكَ أَدينُ
مُنيَةَ الصَبِّ أَغِثني
قَد دَنَت مِنّي المَنونُ
وَاِحفَظِ العَهدَ فَإِنّي
لَستُ وَاللَهِ أَخونُ
وَاِرحَمَن صَبّاً شَجِيّاً
قَد أَذابَتهُ الشُجونُ
لَيلُهُ هَمٌّ وَغَمٌّ
وَسَقامٌ وَأَنينُ
شَفَّهُ الحُبُّ فَأَمسى
سَقَمًا لا يَستَبينُ
صارَ لِلأَشواقِ نَهبًا
فَنَبَت عَنهُ العُيونُ
قصيدة: تنشق من عرف الصبا ما تنشقا
ومن أجمل قصائد الشاعر ابن زيدون ، التي قال فيها:
تَنَشَّقَ مِن عَرفِ الصَبا ما تَنَشَّقا
وَعاوَدَهُ ذِكرُ الصِبا فَتَشَوَّقا
وَما زالَ لَمعُ البَرقِ لَمّا تَأَلَّقا
يُهيبُ بِدَمعِ العَينِ حَتّى تَدَفَّقا
وَهَل يَملِكُ الدَمعُ المَشوقُ المُصَبَّأُ
خَليلَيَّ إِن أَجزَع فَقَد وَضَحَ العُذرُ
وَإِن أَستَطِع صَبرًا فَمِن شيمَتي الصَبرُ
وَإِن يَكُ رُزأً ما أَصابَ بِهِ الدَهرُ
فَفي يَومِنا خَمرٌ وَفي غَدِهِ أَمرُ
وَلا عَجَبٌ إِنَّ الكَريمَ مُرَزَّأُ
رَمَتني اللَيالي عَن قَسِيِّ النَوائِبِ
فَما أَخطَأَتني مُرسَلاتُ المَصائِبِ
أَقضي نَهاري بِالأَماني الكَواذِبِ
وَآوي إِلى لَيلٍ بَطيءِ الكَواكِبِ
وَأَبطَأُ سارٍ كَوكَبٌ باتَ يُكلَأُ
أَقُرطُبَةُ الغَرّاءَ هَل فيكِ مَطمَعُ
وَهَل كَبِدٌ حَرّى لِبَينَكِ تُنقَعُ
وَهَل لِلَياليكِ الحَميدَةِ مَرجِعُ
إِذِ الحُسنُ مَرأىً فيكِ وَاللَهوُ مَسمَعُ
وَإِذ كَنَفُ الدُنيا لَدَيكِ مُوَطَّأُ
أَلَيسَ عَجيبًا أَن تَشُطَّ النَوى بِكِ
فَأَحيا كَأَن لَم أَنسَ نَفحَ جَنابِكِ
وَلَم يَلتَئِم شَعبي خِلالَ شِعابِكِ
وَلَم يَكُ خَلقي بَدؤُهُ مِن تُرابِكِ
وَلَم يَكتَنِفني مِن نَواحيكِ مَنشَأُ
نَهارُكِ وَضّاحٌ وَلَيلُكِ ضَحيانُ
وَتُربُكِ مَصبوحٌ وَغُصنُكِ نَشوانُ
وَأَرضُكِ تُكسى حينَ جَوُّكِ عُريانُ
وَرَيّاكِ رَوحٌ لِلنُفوسِ وَرَيحانُ
وَحَسبُ الأَماني ظِلُّكِ المُتَفَيَّأُ
قصيدة: لئن فاتني منك حظ النظر
قال الشاعر ابن زيدون:
لَئِن فاتَني مِنكِ حَظُّ النَظَر
لِأَكتَفِيَن بِسَماعِ الخَبَر
وَإِن عَرَضَت غَفلَةٌ لِلرَقيبِ
فَحَسبِيَ تَسليمَةٌ تُختَصَر
أُحاذِرُ أَن تَتَظَنّى الوُشاةُ
وَقَد يُستَدامُ الهَوى بِالحَذَر
وَأَصبِرُ مُستَيقِنًا أَنَّهُ
سَيَحظى بِنَيلِ المُنى مَن صَبَر
قصيدة: وما ضربت عتبى لذنب أتت به
قال الشاعر ابن زيدون:
وَما ضَرَبَت عُتبى لِذَنبٍ أَتَت بِهِ
وَلَكِنَّما وَلّادَةٌ تَشتَهي ضَربي
فَقامَت تَجُرُّ الذَيلَ عاثِرَةً بِهِ
وَتَمسَحُ طَلَّ الدَمعِ بِالعَنَمِ الرَطبِ
قصيدة: هواي وإن تناءت عنك داري
قال الشاعر ابن زيدون:
هَوايَ وَإِن تَناءَت عَنكَ داري
كَمِثلِ هَوايَ في حالِ الجِوارِ
مُقيمٌ لا تُغَيِّرُهُ عَوادٍ
تُباعِدُ بَينَ أَحيانِ المَزارِ
رَأَيتُكَ قُلتَ إِنَّ الوَصلَ بَدرٌ
مَتى خَلَتِ البُدورُ مِنَ السِرارِ
وَرابَكَ أَنَّني جَلدٌ صَبورٌ
وَكَم صَبرٍ يَكونُ عَنِ اِصطِبارِ
وَلَم أَهجُر لِعَتبٍ غَيرَ أَنّي
أَضَرَّت بي مُعاقَرَةُ العُقارِ
وَأَنَّ الخَمرَ لَيسَ لَها خُمارٌ
تُبَرَّحُ بي فَكَيفَ مَعَ الخُمارِ
وَهَل أَنسى لَدَيكَ نَعيمَ عَيشٍ
كَوَشيِ الخَدِّ طُرِّزَ بِالعِذارِ
وَساعاتٍ يَجولُ اللَهوُ فيها
مَجالَ الطَلِّ في حَدَقِ البَهارِ
وَإِن يَكُ قَرَّ عَنكَ اليَومَ جِسمي
فُديتَ فَما لِقَلبِيَ مِن قَرارِ
وَكُنتَ عَلى البِعادِ أَجَلَّ عِلقٍ
لَدَيَّ فَكَيفَ إِذ أَصبَحتَ جاري
قصيدة: أتتك بلون المحب الخجل
قال الشاعر ابن زيدون:
أَتَتكَ بِلَونِ المُحِبِّ الخَجِل
تُخالِطُ لَونَ المُحِبِّ الوَجِل
ثِمارٌ تَضَمَّنَ إِدراكَها
هَواءٌ أَحاطَ بِها مُعتَدِل
تَأَتّى لِإِلطافِ تَدريجِها
فَمِن حَرِّ شَمسٍ إِلى بَردِ ظِلّ
إِلى أَن تَناهَت شِفاءَ العَليلِ
وَأُنسَ المَشوقِ وَلَهوَ الغَزِل
فَلَو تَجمُدُ الراحُ لَم تَعدُها
وَإِن هِيَ ذابَت فَخَمرٌ تَحِلّ
لَها مَنظَرٌ حَسَنٌ في العُيونِ
كَدُنياكَ لَكِنَّهُ مُنتَقِل
وَطَعمٌ يَلَذُّ لِمَن ذاقَهُ
كَلِذَّةِ ذِكراكَ لَو لَم يُمَلّ
وَرَيّا إِذا نَفَحَت خِلتُها
تُمِلُّ ثَناءَكَ أَو تَستَهِلّ
يُمَثِّلُ مَلمَسُها لِلأَكُفِّ
لينَ زَمانِكَ أَو يَمتَثِل
صَفَوتُ فَأَدلَلتُ في عَرضِها
وَمَن يَصفُ مِنهُ الهَوى فَليُدِلّ
قَبولُكَها نِعمَةٌ غَضَّةٌ
وَفَضلٌ بِما قَبلَهُ مُتَّصِل
ولو كنت أَهدَيتُ نَفسي اِختَصَر
تُ عَلى أَنَّها غايَةُ المُحتَفِل
قصيدة: أكرم بولادة ذخرًا لمدخر
قال الشاعر ابن زيدون:
أَكرِم بِوَلّادَةٍ ذُخرًا لِمُدَّخِرٍ
لَو فَرَّقَت بَينَ بَيطارٍ وَعَطّارِ
قالوا أبو عامر أَضحى يُلِمُّ بِها
قُلتُ الفَراشَةُ قَد تَدنو مِنَ النارِ
عَيَّرتُمونا بِأَن قَد صارَ يَخلُفُنا
فيمَن نُحِبُّ وَما في ذاكَ مِن عارِ
أَكلٌ شَهِيٌّ أَصَبنا مِن أَطايِبِهِ
بَعضًا وَبَعضًا صَفَحنا عَنهُ لِلفارِ
قصيدة: يا غزالًا أصارني
قال الشاعر ابن زيدون:
يا غَزالًا أَصارَني
موثَقًا في يَدِ المِحَن
إِنَّني مُذ هَجَرتَني
لَم أَذُق لَذَّةَ الوَسَن
لَيتَ حَظّي إِشارَةٌ
مِنكَ أَو لَحظَةٌ عَنَن
شافِعي يا مُعَذِّبي
في الهَوى وَجهُكَ الحَسَن
كُنتُ خِلوًا مِنَ الهَوى
فَأَنا اليَومَ مُرتَهَن
كانَ سِرّي مُكَتَّمًا
وَهُوَ الآنَ قَد عَلَن
لَيسَ لي عَنكَ مَذهَبٌ
فَكَما شِئتَ لي فَكُن