شروط المتذوق الأدبي
مفهوم المتذوق الأدبي
المتذوق الأدبي هو الشخص الذي يملك من المهارات التمييزية بين حسنات وعيوب النصوص الأدبية ، والإحساس العالي بالجماليات، ما يؤهله إلى دراسة النصوص وإصدار الأحكام عليها، ويحتاج المتذوق الأدبي قبل أن يُطلق عليه هذا المسمى إلى جهد وتعليم وثقافة، وأخلاق عالية؛ تجعله حياديًا بريئًا من التعصب والانحياز، ويمتلك المتذوق قدرة على الفصل بين ما هو ذاتي وجماعي، فمثلًا في المناسبات الأدبية التي يتم إلقاء الشعر فيها قد يُعجب الجمهور بالقصيدة ويصفقون بحرارة،وهذا يجعل الإنسان يتماهى مع الوعي الجماعي ويشيد بالقصيدة مثلهم، وما أن يخلو إلى نفسه حتى يعيد تقييم القصيدة ويخرج بنتيجة مختلفة، لذلك فإنّ الفصل في التقييم بين الذاتي والجماعي هو شرط مهمٌ في شخصية المتذوق.
شروط المتذوق الأدبي
ومن أهمّ الشروط التي يتم أخذها بعين الاعتبار في اعتبار المتذوق متذوقًا هي ما يأتي:
- قدرة المتذوّق على فهم الأفكار داخل النصوص، وما فيها من عمق، ودلالة الألفاظ المستخدمة التي توصلنا إلى المعنى الذي أراده الأديب.
- القدرة على فهم التواؤم ما بين تجربة الأديب التي يمثلها في عمله، وبين صياغته للعمل، من خلال الألفاظ المستخدمة والأساليب من حشو وإسهاب وغيرها.
- تحديد المفارقات في النصوص، وما قد تحمله من تناقضات فكرية، فعلى المتذوق أن يملك من المعرفة والقدرات التحليلية ما يمكنه من ملاحظة مثل هذه الأمور.
- إدراك الأثر الذي تصنعه جزئيات النص في عقل ونفسية القارئ، فالقراءة المتذوقة لا تقوم على إخضاع النص للحكم دفة واحدة، بل تجزئته ودراسة كل جزء من حيث البعد الذي يمثله.
- إدراك جماليات النصوص الأدبية، وتحديد التشبيهات والصور الفنية، وكافة العناصر الجمالية والبلاغية التي انطوى عليه النص.
- القدرة على الربط بين الأعمال الأدبية المتقاربة، ورصد التماثل بينها، والخروج بالأحكام التقييمة حولها.
مراحل التذوق الأدبي
يمر المتذوّق بعدة مراحل قبل أن يصل إلى تقييمه النهائي للعمل، وهذه المراحل كالآتي:
العزلة
أن يستأثر النص الأدبي بكل اهتمام المتذوق الذي يخضعه للفحص والدراسة، فينعزل المتذوق في سبيل تحييد رأيه، وممارسة الفحص الدقيق للعمل الذي بين يديه.
الموقف الحدسي
لدى المتذوّق حدس يخبره منذ البداية بحكمه المبدئي على النص، كأن ينفر المتذوق أو ينجذب.
الطابع العاطفي
تثير بعض النصوص الكثير من العواطف والتقلبات النفسية داخل المتذوّق، وهو أمر يتعلق بما يحتويه النص وقدرته على الإثارة النفسية للقارئ.
التداعي
يستحضر المتذوق من خلال قراءته للنصوص بعض القراءات السابقة التي تماثلت مع قراءته.
التقمص
حيث يضع المتذوق الأدبي نفسه داخل العمل، ما يجعله قادرًا على إعطاء أحكامٍ دقيقة مدعومة بالتجربة الحسية التي حاول صنعها بالتقمص، فيشاركه العمل الأدبي تقلباته ومراحله.