شروط الرقية الشرعية
شروط الرقية الشرعية
إنّ للرقية الشرعية شروطًا حددّها أهل العلم باستقراء النصوص الشرعيّة؛ حتّى تكون الرقية صحيحةً، ويُتحصّل نفعها، وينبغي على المسلم معرفتها؛ ليكون على علمٍ بها، وينتبه للخرافات المنتشرة والدجل الحاصل بما يتنافى مع مقاصد الرقية الشرعية، وآتيًا بيان هذه الشروط.
يقين المرقي والراقي بأن الشفاء من الله تعالى
فالعبادات لا تؤتي ثمارها إذا لم تكن خالصة لوجه الله تعالى، ويجب في الرقية الشّرعية أن يكون الدّعاء بها لله وحده فلا يُتوسل لغيره إذ أنّ الله تعالى هو الشافي وهو النّافع الضّار وحده سبحانه، فلا يجوز التوسل بالجن، والملائكة، والصالحين، وغيرهم وسؤالهم فذلك كلّه محرّم شرعًا ولا يُباح بحال، وقد رُوي عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُنَّا نَرْقِي في الجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللهِ، كيفَ تَرَى في ذلكَ فَقالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بالرُّقَى ما لَمْ يَكُنْ فيه شِرْكٌ".
أن تكون الرقية باللغة العربية
من شروط الرقية الشرعية أن تكون باللغة العربية؛ ذلك أنّ الرقية مجموعةٌ من الأدعية والآيات الكريمة فيكون لفظها باللغة العربية.
أن تكون الرقية بالأدعية والآيات الصحيحة
فالرقية الشرعية تكون بما ورد في السنّة من الأحاديث الصحيحة، بالإضافة لآيات القرآن الكريم، وللمريض أن يقرأها على نفسه أو يقرأها عليه غيره، كما يجوز له أن يقرأ بالرقية على ماءٍ ونحوه بنيّة الشفاء، ثم يشربها أو يغتسل بها.
أن لا تتضمن الرقية كلامًا فاحشًا
فالرقية الشرعية تُقال بنيّة الشّفاء، والذي يَرتجي الشفاء من الله تعالى بيقينٍ لا يُتصور منه أن يتسخط أو أن يسب ويلعن، فهذه ليست من أخلاق المسلم، كما ينبغي للمسلم أن يتنبّه لما قد يصدر منه من كلامٍ غير مقصود بما يتنافى مع يقينه وإيمانه؛ لما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ علَى أُمِّ السَّائِبِ، أَوْ أُمِّ المُسَيِّبِ فَقالَ: ما لَكِ؟ يا أُمَّ السَّائِبِ، أَوْ يا أُمَّ المُسَيِّبِ تُزَفْزِفِينَ؟ قالَتْ: الحُمَّى، لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقالَ: لا تَسُبِّي الحُمَّى، فإنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كما يُذْهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ"، ومعنى تزفزف؛ أي ترتعد من البرد، والكير هو ما يستخدمه الحداد عند النفخ في النار؛ ليُشعلها، وخبث الحديد يعني وسخه.
تجنّب إتيان الكهنة والدجلة لأجل الرقية
حتى تكون هذه الرقية مقبولةً؛ لا بدّ من صدورها عن مسلمٍ؛ فإنّ الله تعالى لا يتقبل إلا من المتقين كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، فيجوز للمسلم أن يرقي نفسه ويرقي غيره، سواءً أكان مسلمًا أو غير مسلمٍ؛ فعن خارجة بن الصّلت -رضي الله عنه- أنّ: "عن عمِّهِ أنَّهُ أتى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فأسلَمَ ثمَّ أقبلَ راجعًا من عندِهِ؛ فمرَّ علَى قومٍ عندَهُم رجلٌ مَجنونٌ موثَقٌ بالحديدِ؛ فقالَ أهْلُهُ: إنَّا حُدِّثنا أنَّ صاحبَكُم هذا قد جاءَ بخيرٍ فَهَل عندَكَ شيءٌ تداويهِ؛ فرقَيتُهُ بفاتحةِ الكتابِ؛ فبَرأ فأعطَوني مائةَ شاةٍ؛ فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبرتُهُ، فقالَ: هل إلَّا هذا وقالَ: مسدَّدٌ في موضعٍ آخرَ هل قلتَ غيرَ هذا؟ قلتُ: لا قالَ: خُذها فلَعَمري لَمَن أكلَ برقيةِ باطلٍ، لقد أكَلتَ برقيةِ حقٍّ".