شروط الإحرام
شروط الإحرام
لا بد من توفر شروط الإحرام في الحج والعمرة، وسنذكر شروط الإحرام فيما يأتي:
- الإسلام
إذ اتّفق العلماء جميعهم على أنّ الإسلام شرط من شروط الإحرام، ولا يصحّ إلّا به.
- النيّة
اتّفق العلماء على اشتراط النيّة لصحّة الإحرام، وذهب العلماء إلى أنّ الحجّ يقع إن أطلقَ الحاجّ النيّة، ولم يكن قد حجَّ سابقاً، واتّفقوا على أنّ النيّة الخاصّة بنُسك الفرض لا يُشترَط فيها تعيين كونه فرضاً، وإن كانت النيّة خاصّة بنُسك النَّفل، فإنّها تقع عمّا نوى عليه صاحبها، وذهب إلى ذلك الحنفيّة في المعتمد عندهم، والمالكيّة، وفي رواية عند أحمد، وقال به ابن المنذر، وسفيان الثوريّ.
وذهب الشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ مَن أحرمَ بالنَّذْر، أو النافلة ولم يكن قد حَجّ، فإنّه يقع عن حجّ الفرض، وقال بهذا أيضاً ابن عمر، وأنس، كما أنّهم ذهبوا إلى أنّ من أحرمَ حاجاً عن غيره ولم يكن قد حَجّ عن نفسه؛ فإنّ حجّته تكون عن نفسه، وعليه أن يُعيدَ ما أخذَه من غيره، وقال بهذا أيضاً الأوزاعيّ، وتجدر الإشارة إلى أنّ النيّة مَحلُّها القلب، ولا يصحّ الحجّ ولا العمرة إلّا بها.
- التلبية
ذهب الحنفية إلى أنّ التلبية أو ما يقوم مَقامها، كالتسبيح، والتهليل، تُعَدّ شرطاً لصحّة الإحرام أيضاً، واجبة عند المالكيّة أيضاً، فإذا تُرِكت فلا بدّ من الهَدي إلّا إذا انعقد الإحرام بدونها من فعل أو قول متعلّق به،
وذهب الشافعيّ، و أحمد بن حنبل إلى أنّها سُنّة في اتِّصالها بالإحرام، وهي كما أوردها ابن عبّاس -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ قال: (كانتْ تَلبيةُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: لَبَّيْكَ اللَّهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَريكَ لك لَبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ، والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ).
ومَن أراد الحجّ ، أو العمرة، فإنّ عليه إذا وصل إلى الميقات أن يتجرَّد من ملابسه، فيُنظِّف نفسه، ويغتسل، ويتطيّب، ويرتدي كلّاً من الإزار والرداء؛ والإزار لباس يُغطّى به النصف الأسفل من الجسد، فإن لم يجده؛ فإنّه يلبس السروال، بينما يُغطّي الرداء النصف الأعلى من الجسد في ما عدا الرأس.
ويرتدي نعلَين في قدمَيه، فإذا لم يجدهما فلا بأس في ارتداء الخُفَّين؛ وذلك للحديث الوارد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، إذ قال: (نَهَى رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بزَعْفَرانٍ أوْ ورْسٍ. وقالَ: مَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ)،
ويجدر بالذِّكر أنّ إحرام المرأة لا يختلف عن إحرام الرجل، إلّا أنّه يُباح لها ارتداء المَخيط من اللباس، بالإضافة إلى عدم التجرُّد، وتجنُّب ارتداء النِّقاب والقفّازين؛ لنَهي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك، إذ قال: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،
مفهوم الإحرام والحكمة منه
يُعرَّف الإحرام في اللغة بأنّه: الدخول في الحُرمة، أحرم الرجل: أي دخل في حُرمة عهدٍ ، أو ميثاق، أو دخل في الحرمَ، أو البلد الحرام، أو الشهر الحرام، فوجب عليه الامتناع عن أمور عدّة كانت حلالاً له قبل ذلك، أما الإحرام في الاصطلاح الشرعيّ فقد عرّفه الفقهاء بما يأتي:
- جمهور الفقهاء: ذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ الإحرام يعني النيّة في دخول النُّسك، وقال المالكيّة: إنّه صفة حُكميّة تُوجِب حُرمة مُقدِّمات الوطء بشكل مُطلق، والطِّيب، ولبس المخيط للرجال، وغيرها من الأمور.
- الحنفيّة: يعني التزام حُرمات مخصوصة والدخول فيها، بشرط تحقُّق النيّة والذِّكر.
وتكمن الحكمة من مشروعيّة الإحرام في تضمُّنه العديدَ من الحِكَم، والتي تمثّل أبرزها بما يأتي:
- تحقيق العبوديّة لله -عزّ وجلّ-، والخضوع لعظمته.
- امتثال أوامر الله -تعالى-.
- إظهار المساواة التي أقرَّها شرع الله -تعالى-؛ إذ تختفي الفوارق بين الحاكم والمحكوم، والغنيّ والفقير، والعربيّ والأعجميّ،
- تذكُّر المؤمن بالحشرَ ويوم القيامة.
حكم الإحرام
يرى علماء المذهب الحنفيّ أنّ الإحرام شرطٌ من شروط صحّة الحجّ ابتداءً؛ ولذلك صَحّ أن يسبق أشهر الحجِّ مع الكراهة، وهو رُكنٌ عند انتهاء الحجّ؛ بحيث لا يجوز البقاء عليه إلى السنة اللاحقة لِمَن فاتَه الحَجّ، في حين ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ الإحرام رُكنٌ من أركان الحجّ، واستدلّوا في ذلك بقول الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
و الإخلاص يعني النيّة، وهي من أعمال القلوب؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ). فصحّة العمل مُرتبطة بالنيّة، وقد أجمع العلماء على أنّها فرضٌ من فروض الحجّ وغيره من مَقاصد العبادات.
وأمّا العمرة؛ فيرى أبو حنيفة أنّ الإحرام شرطٌ من شروط صحّة العمرة ، ويرى مالك أنّ الإحرام رُكنٌ من أركانها، وذهب إلى ذلك الشافعيّ، في حين يرى أحمد بن حنبل أنّه على الرغم من كونه رُكناً من أركان العمرة في الأصل إلّا أنّه واجبٌ في الميقات، وكيفيّة الإحرام في العمرة ككيفيّة الإحرام في الحجّ.