شرح نواقض الإسلام العشرة
تعريف نواقض الإسلام
نَواقض الإسلام هي كل ما يُبطل أو يُفسد الإسلام، وإذا ارتكب الإنسان واحدةً منها انتقض إسلامه ودينه؛ أي إنّه ينتقل من كونه مُسلماً إلى أهل الشرك والأوثان؛ حيث إنّ هذه النواقض أو المفسدات أو المبطلات تُبطل الإيمان والتّوحيد والدين، كما تُبطل نواقض الطهارة طهارة الإنسان مثلاً، وفي هذا المقال بيانٌ وشرحٌ لهذه النواقض.
شرح نواقض الإسلام العشرة
فيما يلي شرح مختصر لنواقض الإسلام العشرة:
الشرك في عبادة الله -تعالى-
يعد الشرك بالله -تعالى- أعظم الذنوب ورأس المعاصي، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيدًا)، فالشرك في عبادة الله يبطل العمل ويمحقه، قال -تعالى-: (وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).
إن من يموت مشركاً بالله يحرّم الله عليه الجنة، وأوجب عليه الخلود في النار، قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ )،ومن صُور الإشراك بالله أن يؤدّي الفرد عملاً لغير وجه الله؛ كالذبح، والنذر، والركوع أو السجود لغير الله، أو الطواف لغير بيت الله ونحوه.
جعل واسطة بين العبد والله
من جعل بينه وبين الله وساطة ليدعوهم ويتوكّل عليهم ويسألهم الشفاعة، فهذا الفعل يُعتبر كفراً، كأن يجعل شخصاً أو شيئاً بينه وبين الله يتوسّل إليه الدعاء لله، وذلك في قوله تعالى: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾.
ومن صور هذا النوع من الشرك أن يجعل العبد الرسول، أو ملكاً من الملائكة، أو قبراً، أو ولياً من أولياء الله الصالحين، واسطة بينه وبين الله يعبده مع الله، قال -تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ).
عدم اعتقاد كفر المشركين
إن من لا يُكفّر المشركين أو يشكّك في كُفرهم، أو يصحّح مذهبهم، يعد كافراً؛ وذلك لأنّه -سبحانه وتعالى- كفَّرهم في آياتٍ عديدة، وأمر المسلمين بعداوتهم؛ لافترائهم الكذبَ على الله -عز وجل-، كما أنه لا يُحْكَم بإسلام الفرد حتى يكفِّر المشركين، فإن لم يفعل أو شكَّ في كفرهم؛ فهو منهم، كما من يصحّح مذهبهم، ويستحسن ما هم عليه.
يقول -سبحانه وتعالى-: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، فلا بدّ من أن يتبرّأ المسلم من عبادة من سوى الله وأن يُنكرها ويُبغضها ويُبغض أهلها ويُعاديهم.
الاعتقاد أن هدي وحكم غير النبي أكمل من هديه وحكمه
من يعتقد أن غير هدي الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- أكمل من هديه -عليه الصلاة والسلام-، أو أن حكم غيره أفضل من حكمه -صلى الله عليه وسلم-، يعد كافراً.
مثل الذين يُفضلون حكم الطواغيت على حكم النبي؛ كالذين يقولون إنّ رجم الزاني المُحصن أو قطع يد السارق لا يتناسب مع عصرنا الحديث، وأنّ الزمن قد تغيّر، أو الذين يعتقدون أن الحكم بالقوانين أحسن وأكمل من الحكم بالشريعة، يقول -تعالى-: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
فلا يصحّ إسلام العبد حتى يعتقد ويؤمن أن الشريعة الإسلام أفضل وأكمل من كل القوانين الوضعية في الأرض، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى، فهو وحيّ من الله -تعالى-.
البغض بشيء جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-
إن من يُبغض شيئاً جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- والعمل به؛ فإن هذا كفرٌ بإجماع العلماء، وهذا ما كان يقوم به المنافقون الذين يَعملون بشرائع الإسلام بالظاهر، وفي الخفاء يُبغضون هذه الشريعة وأهلها، قال تعالى: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ).
فإن كل كره أو بغض أو حقد لأي شعيرة أو عبادة أو أمر، جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينقض الإسلام ويبطله، قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ).
الاستهزاء بشيء من الدين
إن من يستهزئ بشيءٍ من الدين أو العقاب أو الثواب، أو الحساب، أو وبشيء جاء به الرسول، فإن ذلك يعد كُفراً بالإجماع، حتى لو لم يَقصد الاستهزاء بل كان يَقصد المزاح بذلك، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّـهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ* لا تَعتَذِروا قَد كَفَرتُم بَعدَ إيمانِكُم).
السحر
إن من يتعامل بالسحر، ومنه الصرف أي صرف الفرد عمّا يهواه مثل صرف الزوج عن زوجته أو العكس، ومنه العطف، أي عطف الفرد عمّا لا يهواه، فمن يفعل ذلك أو يرضى به فهو كافر.
قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
وسبب كفر الساحر ومن يتعامل بالسحر، هو أن قيامه بالسح يتطلب تواصله مع الشياطين ومساعدتهم إياه، ولا يتم ذلك إلا بشرط الإشراك بالله وبفعل أمور محرمة ومشركة، تخرجه عن الإسلام، فيتقرّب إلى الجنّ والشياطين بالشركيّات.
معاونة المشركين ومظاهرتهم
إن من يُظاهر المشركين، ويتعاون معهم على المسلمين، سواءً بالرأي أو السلاح أو المال فذلك ردّة وكفر، لأنّ ذلك يعني محبتهم وتفضيلهم على المسلمين، ودليل ذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
الاعتقاد بإمكانية الخروج عن الشريعة
إن من يعتقد أنّ بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام؛ فهو كافر، لأنه يُكذب قَوْله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
فمن رغب الخروج عن شريعة الرسول أو ظنّ الاستغناء عنها؛ والتعبد بغيرها، فقد أصبح غير مسلماً، فشريعة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- باقيةٌ إلى يوم الدين، وعامَّةٌ لكل الناس.
الإعراض عن دين الله
إن من يُعرض عن دين الله، ولا يتعلَّمه، ولا يعمل به، حيث يقول تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾، ويقصد هُنا بالإعراض أي تعلّم أصول الدين التي يكون بها الفرد مسلماً.