شرح قصيدة سرنديب للبارودي
نص قصيدة سرنديب للبارودي
قال الشاعر محمود سامي البارودي:
أَسَلَّةُ سَيْفٍ أَمْ عَقِيقَةُ بَارِقِ
- أَضَاءَتْ لَنَا وَهْنَاً سَمَاوَةَ بَارِقِ
لَوَى الرَّكْبُ أَعْنَاقَاً إِلَيْهَا خَوَاضِعَاً
- بِزَفْرَةِ مَحْزُونٍ وَنَظْرَةِ وَامِقِ
وَفِي حَرَكَاتِ الْبَرقِ لِلشَّوْقِ آيَةٌ
- تَدُلُّ عَلَى مَا جَنَّهُ كُلُّ عَاشِقِ
تَفُضُّ جُفُوناً عَنْ دُمُوعٍ سَوَائِلٍ
- وَتَفْرِي صُدُورَاً عَنْ قُلُوبٍ خَوَافِقِ
وَكَيْفَ يَعِي سِرَّ الْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ
- وَيَعْرِفُ مَعْنَى الشَّوْقِ مَنْ لَمْ يُفَارِقِ
لَعَمْرُ الْهَوَى إِنِّي لَدُنْ شَفَّنِي النَّوَى
- لَفِي وَلَهٍ مِنْ سَوْرَةِ الْوَجْدِ مَاحِقِ
كَفَى بِمُقَامِي فِي سَرَنْدِيبَ غُرْبَةً
- نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ الْعَلائِقِ
وَمَنْ رَامَ نَيْلَ الْعِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى
- لِقَاءِ الْمَنَايَا وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ
فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ رَنَّقْنَ مَشْرَبِي
- وَثَلَّمْنَ حَدِّي بِالْخُطُوبِ الطَّوَارِقِ
فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَةٌ عَنْ خَلِيقَتِي
- وَلا حَوَّلَتْنِي خُدْعَةٌ عَنْ طَرَائِقِي
وَلَكِنَّنِي بَاقٍ عَلَى مَا يَسُرُّنِي
- وَيُغْضِبُ أَعْدَائِي وَيُرْضِي أَصَادِقي
فَحَسْرَةُ بُعْدِي عَنْ حَبِيبٍ مُصَادِقٍ
- كَفَرْحَةِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ
فَتِلْكَ بِهَذِي وَالنَّجَاةُ غَنِيمَةٌ
- مِنَ النَّاسِ وَالدُّنْيَا مَكِيدَةُ حَاذِقِ
أَلا أَيُّهَا الزَّارِي عَلَيَّ بِجَهْلِهِ
- وَلَمْ يَدْرِ أَنِّي دُرَّةٌ فِي الْمَفَارِقِ
تَعَزَّ عَنِ الْعَلْيَاءِ بِاللُّؤْمِ وَاعْتَزِلْ
- فَإِنَّ الْعُلا لَيْسَتْ بِلَغْوِ الْمَنَاطِقِ
فَمَا أَنَا مِمَّنْ تَقْبَلُ الضَّيْمَ نَفْسُهُ
- وَيَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ كُلُّ مَائِقِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْهَضْ لِمَا فِيهِ مَجْدُهُ
- قَضَى وَهْوَ كَلٌّ فِي خُدُورِ الْعَوَاتِقِ
وَأَيُّ حَيَاةٍ لاِمْرِئٍ إِنْ تَنَكَّرَتْ
- لَهُ الْحَالُ لَمْ يَعْقِدْ سُيُورَ الْمَنَاطِقِ
فَمَا قُذُفَاتُ الْعِزِّ إِلَّا لِمَاجِدٍ
- إِذَا هَمَّ جَلَّى عَزْمُهُ كُلَّ غَاسِقِ
يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّنِي ثُرْتُ خَالِعاً
- وَتِلْكَ هَنَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلائِقِي
وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِبَاً
- رِضَا اللَّهِ وَاسْتَنْهَضْتُ أَهْلَ الْحَقَائِقِ
أَمَرْتُ بِمَعْرُوفٍ وَأَنْكَرْتُ مُنْكَراً
- وَذَلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلائِقِ
فَإِنْ كَانَ عِصْيَاناً قِيَامِي فَإِنَّنِي
- أَرَدْتُ بِعِصْيَانِي إِطَاعَةَ خَالِقِي
وَهَلْ دَعْوَةُ الشُّورَى عَلَيَّ غَضَاضَةٌ
- وَفِيهَا لِمَنْ يَبْغِي الْهُدَى كُلُّ فَارِقِ
بَلَى إِنَّها فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ
- عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ مَسُوقٍ وَسَائِقِ
وَكَيْفَ يَكُونُ الْمَرْءُ حُرَّاً مُهَذَّباً
- وَيَرْضَى بِمَا يَأْتِي بِهِ كُلُّ فَاسِقِ
فَإِنْ نَافَقَ الأَقْوَامُ فِي الدِّينِ غَدْرَةً
- فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرُ مُنَافِقِ
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آلُ نُصْحَاً لِمَعْشَرٍ
- أَبَى غَدْرُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ صَادِقِ
رَأَوْا أَنْ يَسُوسُوا النَّاسَ قَهْرَاً فَأَسْرَعُوا
- إِلَى نَقْضِ مَا شَادَتْهُ أَيْدِي الْوَثَائِقِ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الظُّلْمُ قَامَتْ عِصَابَةٌ
- مِنَ الْجُنْدِ تَسْعَى تَحْتَ ظِلِّ الْخَوَافِقِ
وَشَايَعَهُمْ أَهْلُ الْبِلادِ فَأَقْبَلُوا
- إِلَيْهِمْ سِرَاعاً بَيْنَ آتٍ وَلاحِقِ
يَرُومُونَ مِنْ مَوْلَى الْبِلادِ نَفَاذَ مَا
- تَأَلَّاهُ مِنْ وَعْدٍ إِلَى النَّاسِ صَادِقِ
فَلَمَّا أَبَى الْحُكَّامُ إِلَّا تَمَادِيَاً
- وَحَالَ طِلابُ الْحَقِّ دُونَ التَّوَافُقِ
أُنَاسٌ شَرَوْا خِزْيَ الضَّلالَةِ بِالْهُدَى
- نِفَاقاً وَبَاعُوا الدِّينَ مِنْهُم بِدَانِقِ
فَجَاؤُوا إِلَيْهِمْ يَنْصُرُونَ ضَلالَهُمْ
- بِخُدْعَةِ مُغْتَالٍ وَحِيلَةِ سَارِقِ
فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا فِي الْبِلادِ وَأَيْقَنُوا
- بِعَجْزِ الْمُحَامِي دُونَهَا وَالْموَاثِقِ
أَقَامُوا وَقَالُوا تِلْكَ يَا قَوْمُ أَرْضُنَا
- وَمَا أَحَدٌ مِنَّا لَهَا بِمُفَارِقِ
وَعَاثُوا بِهَا يَنْفُونَ مَنْ خِيفَ بِأْسُهُ
- عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ تِلْكَ إِحْدَى الْبَوائِقِ
وَأَصْبَحَ وَادِي النَّيلِ نَهْبَاً وَأَصْبَحَتْ
- إِمَارَتُهُ الْقَعْسَاءُ نُهْزَةَ مَارِقِ
فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ فَلا تَسَلْ
- سِوَايَ فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْحَقَائِقِ
الأفكار الرئيسة في قصيدة سرنديب للبارودي
وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة، وهي كالآتي:
- الآلام التي يُعاني منها كل عاشق وتذكره لعشقه في آلاء الطبيعة.
- شوق الشاعر إلى وطنه مصر وشعوره بالألم في الغربة عن وطنه.
- بقاء الشاعر على فطرته وطبيعته مع تحول صروف الدهر وتغيرها.
- عدم ركون الشاعر إلى المهانة وطلبه العلا دائمًا.
- رغبة الشاعر في إقامة المعروف والنهي عن المنكر والوصول إلى الفضيلة في الحياة.
- عدم قدرة الشاعر على احتمال الظلم والظالمين والمنافقين.
شرح المفردات في قصيدة سرنديب للبارودي
وردت في القصيدة مفردات عديدة غير مفهومة لا بُدّ من شرحها وبيانها، وهي كالآتي:المفردات | المعاني |
وامق | العاشقان اللذان يُحب كلّ واحد منهما الآخر دون خوف أو ريبة. |
تفض | تنهي الأمر وتحسم الجدال. |
رام | أراد وبغى وأحب. |
النوى | البعد والغربة. |
الضَّلالَةِ | ضد الهدى والرشاد. |
الْبَوائِقِ | جمع بائقة، وهي الشر والداهية. |
الصور الفنية في قصيدة سرنديب للبارودي
وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي لا بُدّ من الوقوف معها وبيانها، وهي كالآتي:
- أَضَاءَتْ لَنَا وَهْنَاً
جعل الوهن مثل الشيء الذي يُضاء، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- وَكَيْفَ يَعِي سِرَّ الْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ
جعل الهوى مثل الإنسان الذي له أهل، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- لِقَاءِ الْمَنَايَا
جعل المنايا مثل الإنسان الذي يُمكن لقاؤه، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.