شرح حديث إنما الأعمال بالنيات للأطفال
شرح حديث إنما الأعمال بالنيات للأطفال
أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ)، وسنقسم الحديث النبوي الشريف إلى مقاطع، ثم نبين المقصود بكل مقطع منها بشكلٍ مبسّط:
(إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)
يبين هذا المقطع جملة من المعاني التي استنبطها أهل العلم، ومنها:
- إن صحة الأعمال بصحة النية ، ولا صحة لعمل بدون نية.
- إن الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل عملا بدون نية.
- إن الله -سبحانه وتعالى- يضاعف الأجور على الأعمال العادية من الأكل والشرب والنوم واليقظة وغيرها بحسن النية.
- إن الأعمال من عبادات وعادات تتميز عن بعضها بالنية، فربما يجوع الإنسان فلا يأكل ولا يشرب، ولم ينوِ الصيام، فليس له أجر الصيام، وكذلك العبادات تتمايز بالنية؛ فمن يصلي ركعتين يمكن أن ينوي أنهما سنة صلاة الفجر أو أنهما فرض صلاة الفجر، فالنية من ميّزت بين ذلك.
- إن المسلم الذكي يمكنه أن يحصل على أجور كثيرة على قيامه بعمل واحد إذا نوى فيه أكثر من نية في نفس الوقت، فمثلا يمكن للمسلم أن يصلي ركعتين عند دخوله المسجد وينوى فيهما أنهما سنة وضوء وسنة تحية المسجد وسنة الظهر القبلية، فإن الله -سبحانه وتعالى- سيكرمه بإعطائه أجر كل نية بإذنه -عز وجل-.
(وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)
يبين هذا المقطع أن الإنسان يحصل على النتيجة التي يحصل عليها العامل، فهي تابعة لنيته التي سبقت العمل، فإن كان عمله حسناً قاصداً به وجه الله -سبحانه وتعالى- أثابه الله -عز وجل- على ذلك، وإن كان عكس ذلك؛ فكان لا يبتغي وجه الله فسيعاقبه الله -عز وجل- على فساد نيّته، ومن كانت نيته رياء أو للحصول على الشهرة فليس له أجر على عمله، وربما عاقبه الله -عز وجل- على نيته السيئة.
(فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها..)
يبين هذا المقطع مثالاً عملياً على موضوع النية، وهو النية للهجرة إلى المدينة، حيث يبين أنّ مَن كان مهاجراً لغرضٍ مادي؛ كمن يريد الزواج أو غيرها من أغراض الدنيا، فلن يؤجر على هجرته، وقد كان هذا الحديث يعالج حدثاً حقيقيا مرّ بالمسلمين، وهو أن رجلاً هاجر إلى المدينة لكي يتزوج من امرأة تدعى "أم قيس"، ولم يهاجر نصرة للدين، فكان يُنادَى بمهاجر أم قيس.
وهناك زيادة في رواية أخرى لهذا الحديث وهي: (فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسولِهِ)، وهذه الزيادة تفيد بيان نية الهجرة الصحيحة، وهي ابتغاء وجه الله -سبحانه وتعالى-، ونصرة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ودينه.
ماذا نستفيد من هذا الحديث الشريف
يُستفاد من الحديث الشريف العديد من الفوائد والعبر، منها:
- الأعمال لا تصحّ إلا بنية خالصة لله -سبحانه وتعالى-.
- من نوى عمل خير ولم يستطع القيام به لأمر خارج عن طاقته؛ أثابه الله -سبحانه وتعالى- على ذلك.
- ضرورة الإخلاص لله -سبحانه وتعالى-، وإلا لا فائدة من العمل.
- ما يميّز العبادات عن العادات وما يميّز العبادات عن بعضها هي النية.
- على المعلّم أن يستخدم الأمثلة لتفهيم الطلاب.
أهمية هذا الحديث الشريف
هناك كثير من كلام وأفعال العلماء تدل على أهمية هذا الحديث الشريف، ونذكر بعض تلك الأقوال والأفعال فيما يأتي:
- إن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- جعله أول حديث في كتابه "صحيح البخاري"، إشارة منه إلى أنّ أي عمل لا يقصد به وجه الله -سبحانه وتعالى- ليس مقبولا، ولن يثمر في الدنيا والآخرة، علما أنه أورده في بداية كتاب بدء الخلق، مع أن الحديث لا علاقة له بعنوان الباب.
- جاء عن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه قال في حق هذا الحديث الشريف: "هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابا من الفقه".
- جاء عن الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- أنه بين أن أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث، أحدها هذا الحديث، وعلى حديث: (مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ)، وحديث: (الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرامُ بَيِّنٌ).