شرح حديث (من قال سبحان الله العظيم وبحمده....)
شرح حديث (سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه)
يعد التسبيح من العبادات التي تقوم بها كل مخلوقات الله -تعالى-، وكل مخلوق يسبح بحمد الله بلغته الخاصة، يقول الله -تعالى-: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تسبيح الله -تعالى- وتعظيمه، وفيما يأتي بيان معنى (سبحان الله العظيم).
تعريف التسبيح والحمد
في البداية لا بد من بيان معنى كلمتي التسبيح والحمد الواردة في الأحاديث النبوية:
تعريف التسبيح
يعرف التسبيح في اللغة بأنه: ذهاب الشيء وإبعاده على وجه السرعة والخفاء، ويأتي بمعنى التنزيه، وتسبيح الله -تعالى- في الاصطلاح: يكون بتنزيهه عن النقائص، وبإبعادها عنه -جل وعلا- في أقوالنا وأفعالنا.
والتسبيح من العبادات التي أمرنا الله -تعالى- بها في سائر الأوقات، قال -تعالى-: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾.
تعريف الحمد
يعرف الحمد في اللغة بأنه: نقيض الذم، وفي الاصطلاح: إرادة الإخبار عن ما في الآخرين؛ من فضائل بمحبة وتعظيم وتقدير،أما معنى الحمد إذا أضيف لله -تعالى-: فهو شكر الله -تعالى- وحده، دون سائر خلقه، وإقرار له بالفضل على ما قدم للعباد؛ من خير ونعيم وبركة في النفس، والمال والأهل في الدنيا والآخرة.
الأحاديث التي بها (سبحانَ اللهِ العظيمِ وبحمدِه)
صحت مجموعة من الأحاديث النبوية التي بها الأمر بتسبيح الله وتعظيمه وحمده، وكل منها لها ثواب مختلف عن الآخر، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قال سُبحانَ اللهِ العظيمِ وبحَمدِه غُرِسَتْ له نخلةٌ في الجنةِ)،ومثله قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ عذبةُ الماءِ، وأنَّها قيعانٌ، وأنَّ غِراسَها سُبحانَ اللَّهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبرُ).
ومن الحديث نستنتج أنّ ثواب قول سبحان الله العظيم وبحمده مرة واحدة؛ فإن نخلة واحدة في الجنة مخصصة ومعدة للمُسبح، وقد خص النخلة بالذكر لعظيم نفعها وطيب ثمرها؛ كما قد خصها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفضل وشبهها بالمسلم؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةٌ كَالرَّجُلِ المُؤْمِنِ، قالَ: هي النَّخْلَةُ).
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
وقد عد أهل العلم هذا الحديث من أفضل الأحاديث في بيان فضل الذكر ، وقد جمع هذا الذكر بين فضائل عديدة؛ منها: سهولته وعدم المشقة فيه، وعظيم فضله في غفرانه الذنوب، وكثر ما يغفر بسببه من الذنوب.
والذنوب التي تغفر فقط هي الصغائر، أما الكبائر فلا تغفر إلا إذا سبقها توبة من العبد ، ويقصد بزبد البحر رغوته، التي تظهر على وجهه نتيجة حركة موجه، فمن قال سبحان الله وبحمد في يوم مئة مرة غفر له ذنوبه من الصغائر، ولو كانت كثيرة مثل كثرة رغوة البحر.
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ). ويظهر فضل هذا الذكر بأن أجره من أثقل الأجور يوم القيامة، وأنه من الأذكار التي يحبها الله -تعالى-، أو أن الله -تعالى- يحب من حافظ عليهما.
وهو في نفسه ذكر خفيف لا يحتاج إلى مشقة أو كلفة في القيام به، ويظهر أن سبب ثقل هذه الكلمات في الميزان ليس بسبب كثرة حروفها؛ بل بسبب عظيم المعنى الذي تحويه هذه الكلمات، كما أن هذا الذكر جمع أمهات التسبيح فيه، من تسبيح لله مع الحمد مع التعظيم؛ لذا استحق هذا الأجر والثواب عليه.
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من قال حين يُصبحُ وحين يمسي: سبحان اللهِ العظيمِ وبحمدِه مائةَ مرةٍ، لم يأتِ أحدٌ يومَ القيامةِ بأفضلَ مما جاء به، إلا أحدٌ قال مثلَ ما قال، أو زاد عليه).
وقد بين أهل العلم بأن سبب استحقاق هذ الأجر العظيم؛ يرجع إلى أن العبد قد نزه الله -تعالى- عن كل النقائص والعيوب، فأثابه الله -تعالى- بأن غفر له كل الذنوب.
كما أن الحديث يشير إلى إصرار العبد على المغفرة، والتوبة و التقرب إلى الله -تعالى-؛ من خلال حرصه على تكرار هذا الدعاء في الصباح والمساء، ويدل على حضور ذكر الله -تعالى- في نفسه طوال اليوم.