شرح حديث (من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار)
حديث (من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار)
حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الاستغفار في الكثير من الأحاديث، ومنها ما جاء عن الزبير بن العوّام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (من أحبَّ أن تسُرَّه صحيفتُه فليكثِرْ من الاستغفارِ).
شرح حديث (من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار)
قال الصنعاني في كتاب "التنوير شرح الجامع الصغير" إنّ معنى هذا الحديث أي: مَنْ أراد أن يُسعد ويسرّ بالصحيفة التي تُكتب فيها أعماله وتُقيّد فيها أقواله عندما يراها يوم القيامة؛ حيث سيُجازي الله -تعالى- كلّ عبدٍ وفقًا لما في صحيفته، فليُكثر وليُزدْ من الاستغفار وطلب العفو من الله -تعالى-.
وهذا لأنّ الاستغفار يمحو السيّئات والآثام، وهذا سبب سعادة العبد وسروره، أو لأنّ الاستغفار سيدخل في كفّة الحسنات عندما توزن في مقابل السيئات، فترجح كفّة الحسنات، فهو ذكر لله، واسم الله لا يعدله شيء من الميزان، وفي هذا الحديث حضٌّ على الإكثار من الاستغفار لحاجة العباد إليه، فهو يمحو ذنوبهم ويغسل الخطايا.
وقال المناوي في كتابه "فيض القدير" شارحًا هذا الحديث: إنّ من أراد وأحبّ أن يكون مسرورًا وسعيدًا بصحيفة أعماله عندما يراها يوم القيامة؛ فليُكثر من الاستغفار، وذلك لأنّ الصحيفة المليئة بالاستغفار تأتي يوم القيامة وهي تتلألأ نورًا.
وذكر أيضًا أنّ الاستغفار هو طلب المغفرة باللّسان أو بالقلب أو بكليهما معًا، والاستغفار باللسان فيه نفعٌ وخير، وهو أفضل من السكوت، وفيه تعويد للسان على قول الخير، واستغفار القلب نافع جدًا للعباد، أمّا الاستغفار بالقلب واللسان فهو أنفع وأبلغ.
صحة حديث (من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار)
أخرج حديث (من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار) الطبراني في المعجم الأوسط، وقال إنّ هذا الحديث لا يُروى عن الزبير إلّا بهذا الإسناد، وقد تفرّد به عتيق بن يعقوب، وأخرجه المنذري في الترغيب والترغيب وعقّب عليه بأنّ إسناده لا بأس به.
وقال عنه ابن حجر العسقلاني في الأمالي المطلقة: "هذا حديث حسن في الشواهد"، وأخرجه ابن حجر الهيتمي في مجمع الزوائد ووثّقه، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع.
أهمية الاستغفار وحكمه
والاستغفار في حقّ العباد من غير الأنبياء -عليهم السلام- يكون بسبب التقصير أو القيام بذنب ما وطلب المغفرة و التوبة منه، وهذا الاستغفار واجب على العباد، والاستغفار بسبب التقصير يكون كالتقصير في أداء شكر النعم، أمّا في حقّ الأنبياء الكرام فالاستغفار بالنسبة لهم على سبيل الشكر والاعتراف بالفضل والنعم الكثيرة التي أنعم الله -تعالى- عليهم بها.