شرح حديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من والده)
شرح حديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إِليه من والده)
ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ)، وذات اللفظ في رواية أخرى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إلا أنه أقسم في بداية الحديث بالذي نفس النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده وهو الله -عز وجل- فقال: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ).
وهذا الحديث يتضمن عدداً من الأمور الهامة، ومنها ما يأتي:
- تقديم محبة الرسول الكريم على كل الأمور المحبوبة
يجب على المؤمن تقديم حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حبه لأي أمرٍ من الأمور المحبوبة في الطبع، كحب الأقارب والأموال والأوطان وغيرها، قال الله -تعالى-: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ).
- تقديم محبة الرسول الأمين على جميع الخلق
وتقتضي متابعته موافقته في جميع الأحوال وفي جميع الأقوال، وتقديم محبته -صلى الله عليه وسلم- على الولد والأهل والأقارب، وهذا الحديث من جوامع الكلم؛ لأن المحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلال وعظمة مثل محبة الوالد، ومحبة شقفة ورحمة كمحبة الولد، ومحبة إحسان ومماثلة كمحبة سائر الناس.
دلائل محبة الرسول الأمين
تظهر آثار ودلائل محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سلوك الإنسان وأفعاله ومنها ما يأتي:
- تعزير النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوقيره
والتعزير؛ اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه كلٌ بحسب قدرته واستطاعته ولو كان ذلك بالقلب أو اللسان أو مقاطعة من يؤذيه، أما التوقير فمنه: عدم رفع الصوت في مسجده -صلى الله عليه وسلم-، والصلاة عليه كلما ذُكر.
- الدفاع عنه وعن سنته -صلى الله عليه وسلم-
والدفاع عنه كما فعل الصحابة في غزوة أحد وفي غيرها، أما الدفاع عن سنته وذلك من خلال حفظها وتنقيحها، وحمايتها من التحريف أو التفسير الخاطئ، ورد شبهات الطاعنين فيها، وبيان أكاذيبهم ودسائسهم.
- تصديقه فيما أخبر
وهذا من أصول الإيمان وركائزه الرئيسة، ومنه الإيمان بعصمة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلامته من الـكـذب أو البهتان، وتصديقه في كل ما أخبر من أمر الماضي أو الحاضر أو المستقبل، وعلى رأس المصدقين سيدنا أبو بكر الصديق وعمر والكثير من الصحابة الذين يؤمنون بكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل خبر بيقين وإيمان تام.
- اتباعه وطاعته والاهتداء بهديه
تواترت الـنـصـوص النبوية في الحث على اتباعه وطاعته، والاهتداء بهديه والاستنان بسنته، وتعظيم أمره ونهيه، كما بينت نصوص القرآن أن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من طاعة الله-تعالى-.
- التحاكم إلى سنته وشريعته
التحاكم إلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أصـــلٌ من أصول المحبة والاتباع.
محبة الرسول الكريم بين العادة والعبادة
كل المسلمين يحبون الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن القليل من يفي بحق هذا الحب باتباع كامل، حيث أصبح الحب معزولًا في القلوب دون أن يظهر في كل مقومات حياتنا اليومية، والواجب على كل مسلم الالتزام بدلائل المحبة الصحيحة من اتباع واقتداء، و قراءة للسنة النبوية وتدارسها وتطبيقها في شتى جوانب الحياة، والاحتكام لشرع الله في كل ما أنزل الله.