شرح حديث (ارحموا من في الأرض)
شرح حديث (ارحموا من في الأرض)
نص الحديث
ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الراحمونَ يرحمهمُ الرحمنُ تبارك وتعالى ارْحَموا مَن في الأرضِ يرحمْكم مَن في السماءِ)، وفي روايةٍ أخرى أخرجها الإمام الترمذي في سننه أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ. ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ، الرَّحمُ شُجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ).
معاني المفردات
الرَحِم: القرابة التي سببها الولادة.
شُجنة: الشُّعْبَةُ من كلّ شيءٍ.
المعنى الإجمالي للحديث
يرشد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أهمية التراحم ، فبيّن أنّ الذين يرحمون موجودات الأرض من إنسانٍ أو حيوانٍ أو غيره رحمةً وشفقةً، فتكون رحمتهم سبباً لنيلهم رحمة الله -تعالى- وعفوه وإحسانه، ورحمة الله واسعةً لا حدود لها، وليست كرحمة المخلوق؛ فإنّه -سبحانه- ليس كمثله شيءٌ كما أخبر عن نفسه، ثمّ يأمر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- برحمة مَن في الأرض من أنواع الخلق، فذلك سببٌ لاستحقاق رحمة الله -تعالى-، ويخبر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في نهاية الحديث أنّ صلة الرَّحم أثرٌ من آثار رحمته، فمن وصلها وصله الله بإحسانه وإنعامه، ومن قطعها قطعه الله عن إحسانه وإنعامه.
ما يستفاد من الحديث
يرشد الحديث إلى فوائد ومعانٍ عدّةٍ، منها:
- الحثّ على التراحم والإحسان بين الناس.
- الحثّ على صلة الأرحام ، والتحذير من قطعها.
أحاديث في بيان سعة رحمة الله
وردت عدّة أحاديث نبويةٍ تدلّ على سعة مغفرة الله -تعالى- ورحمته، يُذكر منها:
- ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (جعل اللهُ الرحمةَ مائةَ جُزءٍ، فأمسك عنده تسعةً وتسعين جزءًا، وأنزل في الأرضِ جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزءِ تتراحمُ الخلقُ حتى ترفعَ الفرُس حافرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه).
- أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (قالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ، لأَهْلِهِ: إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ، ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ في البَرِّ وَنِصْفَهُ في البَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عليه لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العَالَمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا ما أَمَرَهُمْ، فأمَرَ اللَّهُ البَرَّ فَجَمع ما فِيهِ، وَأَمَرَ البَحْرَ فَجَمع ما فِيهِ، ثُمَّ قالَ: لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: مِن خَشْيَتِكَ، يا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ، فَغَفَرَ اللَّهُ له).
- ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ رجلينِ كانا في بني إسرائيلَ متحابَّينِ أحدُهما مجتهد في العبادة والآخرُ يقولُ مذنبٌ فجعلَ يقولُ أقصر عمَّا أنتَ فيهِ فيقولُ خلِّني وربِّي حتَّى وجدَهُ يومًا على ذنبٍ استعظمَهُ فقالَ أقصر قالَ خلِّني وربِّيَ أبُعِثتَ عليَّ رقيبًا فقالَ واللَّهِ لا يغفرُ اللَّهُ لكَ أبدًا ولا يدخلُكَ الجنَّةَ فبعثَ اللَّهُ إليهما ملكًا فقبضَ أرواحَهما فاجتمعا عندَهُ فقالَ للمذنبِ ادخلِ الجنَّةَ برحمتي وقالَ للآخرِ أتستطيعُ أن تحظرَ على عبدي رحمتي فقالَ لا يا ربِّ قالَ اذهبوا بهِ إلى النَّارِ).