شرح حديث (إسباغ الوضوء على المكاره)
نصّ الحديث
روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الصحيح فقال: (أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ، قالَ: إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ، وكَثْرَةُ الخطا إلى المَساجِدِ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ).
مفهوم إسباغ الوضوء على المكاره وفضله
مفهوم إسباغ الوضوء على المكاره وفضله ما يأتي:
- يُقصد بإسباغ الوضوء على المكاره؛ أي إتمام الوضوء في المواضع التي تصيب الإنسان بها مشقّة فتكرهها النفس، ولقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ).
- المكاره التي تواجه المسلم في الوضوء هي على وجهين؛ الأول أن يكون إسباغ الوضوء في البرد الشديد، فإنَّ المسلم مع ما يشعر به من البرد، إلّا أنّه حريص على الإسباغ في الوضوء؛ مما يدلُّ على إيمانه وصدقه، وإنما أراد بذلك تحصيل الأجر والثواب من الله -تعالى-.
والثاني أن يكون قد أصاب جسده جروحاً يمكنه أن يتوضأ عليها لكنها قد تشقّ عليه، وعليه فإنَّ المكاره تشمل الأوقات التي يشقّ فيها على المسلم أن يقوم بالواجبات أو المستحبات الشرعية؛ لكنَّه مع ذلك يقوم بها على أكمل وجه.
- إسباغ الوضوء فهو أن يأتي بالوضوء كما كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يفعله، لكلِّ عضو من الأعضاء ثلاث غسلات، لا أن يأتي بها مرة واحدة ويقل هي فرض الوضوء.
- روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- فقال: (رَجَعْنا مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مِن مَكَّةَ إلى المَدِينَةِ، حتَّى إذا كُنَّا بماءٍ بالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ العَصْرِ، فَتَوَضَّؤُوا وهُمْ عِجالٌ فانْتَهَيْنا إليهِم، وأَعْقابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّها الماءُ، فقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: ويْلٌ لِلأَعْقابِ مِنَ النَّارِ أسْبِغُوا الوُضُوءَ).
شرح الحديث النبوي
روى الحديث الشريف أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله بلفظ آخر قال فيه: (كفاراتُ الخطايا إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وإعمالُ الأقدامِ إلى المساجدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ).
وفي الحديث ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ثلاثة من الأمور التي يغفر الله -تعالى- بها صغائر الذنوب ، وهي إسباغ الوضوء على المكاره؛ وهو إتمامه والقيام به كاملاً متضمناً فرائضه وسننه وآدابه، وذلك في الأوقات التي يشقّ بها على الإنسان القيام بها، ثمّ كثرة الخُطى إلى المساجد، وفيها الحرص على أداء الصلاة في جماعة في المسجد.
والتجهّز للصلاة والتهيؤ لها بعد أداء الصلاة التي قبلها، فمثلاً بعد الانتهاء من صلاة الظهر يتجهز ويستعد لصلاة العصر، إضافة إلى ما تكون به هذه الطاعات سبباً لرفعة درجة صاحبها في الجنّة،ثمّ وصف الرسول القيام بهذه الأفعال بأنّها من الرباط لما فيها من الملازمة والحرص عليها، وفيها أنّ هذه الطاعات تمنع وتعصم من الوقوع في المعاصي؛ أي تربطه عن المعاصي.