شرح حديث (أسأل الله العظيم رب العرش العظيم)
تفسير حديث (أسأل الله العظيم رب العرش العظيم)
عن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن عبْدٍ مُسلمٍ يعودُ مريضًا لم يحضُرْ أجَلُه، فيقول سبْعَ مرَّاتٍ: أسأَلُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يشفِيَك، إلَّا عُوفِيَ)، وهذا حديثٌ حسن أخرجه جماعة من المحدّثين في كتبهم منهم النسائي في السنن والإمام أحمد في المسند، وفيما يأتي تفسير لجزئيات هذا الحديث الشريف:
- "ما مِن عبْدٍ مُسلمٍ يعودُ مريضًا"
أي؛ ليس هناك مسلم يزور إنسانًا مريضًا.
- "لم يحضُرْ أجَلُه"
أي ليس مريضًا بمرض الموت.
- "فيقولُ سَبْعَ مرَّاتٍ"
أي؛ إنّ الزائر يدعو للمريض ويُكرّر سبع مرات، وربّما كان في هذا إشارة إلى الأعضاء السبعة التي يسجد عليها المُصلّي.
- "أسألُ اللهَ العظيمَ"
أي؛ العظيم في ذاته -سبحانه- وفي صفاته.
- "ربَّ العرشِ العظيمِ"
الله -عزّ وجلّ- هو ربّ العرش الذي هو أعظم مخلوقات الله.
- "أنْ يَشْفيَكَ إلا عُوفي"
إذا قال الزائر هذا الدعاء للمريض سبع مرات في زيارته له، فإنّ الله -سبحانه وتعالى- سيُعافي ذلك المريض بكرمه وفضله، وقيل إنّ شفاء المريض يحصل إذا توافرت أسباب استجابة الدعاء، وقيل إنّه في الغالب حدوث الشفاء للمريض الذي يُدعى له بهذا الدعاء، ولكنّ هذا ليس شرطاً، أي إنّه ليس كل مريض يُدعى له بذلك يُكتب له الشفاء.
فوائد دعاء (أسأل الله العظيم رب العرش الكريم)
اشتمل دعاء "أسأل الله العظيم رب العرش الكريم" على فوائد جليلة، وفيما يأتي ذكر لبعضٍ منها:
- إنّ الدعاء بهذا الدعاء الوارد في الحديث قد يكون سببًا في شفاء المريض سريعًا، وذلك إذا توافرت شروط لا بدّ من تحقّقها.
- إنّ الدعاء للمريض ينفعه في جميع أوقاته، فقد وردت روايات أخرى لهذا الحديث تُبيّن أنّه قد يكون سببًا في الشفاء إلّا إذا كان المريض في مرض الموت، وهذا يدعو له من يزوره، وقد يحصل له شفاء الباطن ويلقى الله بقلبٍ سليم، وقد يُهوّن الله -تعالى- عليه بالموت.
- إنّ الدعاء للمريض عند زيارته هو من الآداب الإسلامية الرفيعة، مهما كان وضع ذلك المريض حرِجًا، فلا أحد يعلم موعد الأجل إلّا الله -تعالى-، والحديث لا ينهى عن الدعاء في تلك الحالة بل يُبيّن أن الشفاء غالبًا ما يكون إذا لم يكن أجل المريض قريبًا.
- إنّ الدعاء للمريض عند زيارته هو سببه في إدخال السرور إلى قلبه وتذكيره بالله -تعالى- وبضرورة الالتجاء إليه في كلّ وقتٍ وحين.
- إنّ الدعاء للمريض عند زيارته وقراءة آيات الرقية وأذكارها هو أهم ما يُميّز زيارة المسلم عن زيارة غيره.
- إنّ الدعاء للمريض عند زيارته هو طاعة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فيما أمر، واقتداء به -عليه السلام- فيما فعل، فالأحاديث التي تُبيّن كيفية زيارته للمريض ودعائه له كثيرة.
- إنّ الدعاء للمريض يعود على الداعي بالفضل، فإمّا أن يشفي الله -عزّ وجلّ- المريض فيحصل مقصود الداعي، وإمّا أن يُعوّض عنه بدفع ضرر، أو جلب منفعة، أو أن يُدخر له في الآخرة، وبكلّ الأحوال فإنّ للدعاء أجر وثواب -بإذن الله تعالى-.
- إنّ الدعاء للمريض والإكثار من الدعاء في جميع الأوقات والإلحاح به يجعل الداعي من العباد المحبوبين المقرّبين من الله -عزّ وجلّ-.
أهمية الدعاء للمريض
إنّ الدعاء عند المرض مهم جدًا وهو لا يتنافى مع الصبر، فالمؤمن متى مرِض أو أصابه أي نوع من الابتلاء فصبر واحتسب فإنّ الله -تعالى- سيجزيه أجر صبره بفضله وكرمه -سبحانه-، وقد حثّ الإسلام على الصبر وأرشد إلى الدعاء وطلب العافية من الله -تعالى- فهو الشافي.
والمريض يلجأ للدواء وللأطباء كي يتعافى من مرضه، وهذا من الأخذ بالأسباب المأمور به شرعًا، ولكنّ الدواء لا يُفيد إن لم يكتب الله -عزّ وجلّ- الشفاء، وكذلك الأمر بالنسبة للدعاء فهو أحد سُبل العلاج التي ينبغي اللجوء إليها.
وفيما يأتي بعض الآداب التي ينبغي التزامها عند عيادة المريض بالإضافة للدعاء له بما هو مأثور وبما يُحسنه من الدعوات:
- تجنّب رفع الصوت بالكلام عند المريض.
- الابتعاد عن المشاحنات والحديث الذي قد يؤدّي إلى خلاف يُزعج المريض ويُضايقه.
- عدم الجلوس مدّة طويلة عند المريض.
- دق الباب برفق، ودقّه ثلاث دقّات فقط.
- عدم الإكثار من الأسئلة التي قد تُثقل على المريض.
- اختيار الوقت المناسب للزيارة، ومن الأفضل الاتصال قبل القدوم.