شرح أركان الإسلام
أركان الإسلام
تتضمّن أركان الإسلام المسائل الجوهرية التي يُطالب بها المسلم، إذ لا يُعد مسلماً إن لم يؤمن بها أو فرّط بأدائها ، والركن هو الشيء العظيم، فأركان الإسلام تُبيّن المسائل العظيمة المطلوبة من المسلم، وتفصيل أركان الإسلام فيما يأتي:
الشهادتان
وذلك بقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله)، وهما أهم أركان الإسلام وأول ما يطالب به المسلم، ولا يصحّ إسلام العبد بدون النطق بهما، وتعني التعبير عن عقيدة العبد الذي في قلبه إفراد الله تعالى بالألوهية والربوبية وبما يستحق من الأسماء الحسنى والصفات العلا، والإقرار بأنّ محمداً عبد الله ورسوله وأن يتبعه في كلِّ المسائلِ التي جاء بها عن الله عز وجل.
وقد بيّن النّبي صلى الله عليه الصلاة والسلام فضل الشهادتين بقوله: (ما مِن أحَدٍ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِن قَلْبِهِ، إلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ علَى النَّارِ).
إقامة الصلاة
وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي أفعال مخصوصة تبدء بالتكبير وتنهي بالسلام، يتخللها القراءة والرّكوع والسجود، ومن أهمية الصلاة أنّها تجتمع مع الشهادتين بأنّهما لا يسقطان عن المُكلّف أبداً، إذ تسقط الزكاة والحج عن المسلم إذا لم يستطع أن يؤديهما فيسقطان لعجزه بخلاف الشهادتين والصلاة.
وفضل ركن الصلاة يظهر من قوله صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا).
إذ إنّ الصلاة تُطهّر المسلم من الآثام وتغسل ذنوبه، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة لأهميتها بأنّها عمود الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم:(رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة).
إيتاء الزكاة
وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، ويتعلق هذا الركن بالمال والزكاة، وهي إخراج جزء من المال إذا بلغ المقدار الشرعي ومضى على هذا المقدار عام كامل، ولا تُصرف إلّا لأصنافٍ خاصة من المُحتاجين.
وتظهر أهمية الزكاة باقترانها بالصلاة في كثير من المواضع في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
لذا أقسم أبو بكر الصديق رضي الله عنه على قتال من فَرَّق بين الصلاة والزكاة، ومن فضلها أنّ كلُّ إنفاق للمالٍ يُنقص منه إلّا إنفاق المال بالصدقات والزكاة، لقوله تعالى: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى).
وقوله صلى الله عيه وسلم : (ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ)، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة بأنّها برهان، فقال عليه الصلاة والسلام:(والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ)، لأنّ من يُقدّم ماله يُبرهن على صدق إيمانه.
صوم رمضان
وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وقد فرضها الله بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، والصوم: هو امتناع المسلم البالغ عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الشمس إلى مغربها، وهو مأخوذ من قوله تعالى :﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ﴾.
وتظهر أهمية صوم رمضان من خلال الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربّه فيقول: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به)، والسبب في اختصاص الصوم لله تعالى، أنّ كل الأعمال قد يطّلع عليها الخلق وقد يدخلها الرياء، إلّا الصوم فلا يعلمه إلّا الله تعالى، لذا جعل الله تعالى ثوابه عليه وحده لأنّ صوم المسلم دلالة على إخلاصه لله تعالى.
ومن فضائل صوم رمضان، أنّ الله تعالى خصّص للصائمين بابٌ خاصٌ فيهم يوم القيامة ويُسمّى باب الريان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ).
حج البيت
وهو الركن الأخير من أركان الإسلام، يتعلق بعبادة البدن والمال معاً، والحج: هو قصد المسلم المُكلّف المُستطيع لبيت الله الحرام في أشهر الحج؛ لأداء مناسك الحج من وقوفٍ بعرفة، وطوافٍ وسعيٍ ورميٍ للجمرات ونحرٍ للأنعام،، ويظهر فضل الحج من سؤال عائشة المؤمنين لرسول الله صلى الله عيله وسلم حيث سألت: (يَا رَسولَ اللَّهِ تُرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفلا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: لَكِنَّ أفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ).
قال صلى الله عليه وسلم: (الحَجُّ المَبرورُ ليس له جزاءٌ إلَّا الجَنَّةُ)، فركن الحج فيه تطهيرٍ للنفسِ من الآثام والمعاصي وسببٌ لنجاة المسلم في الآخرة وفوزه بالجنة ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن حَجَّ هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما ولَدَتْهُ أُمُّهُ).