شرح آيات قصة الإسراء والمعراج
شرح آيات قصة الإسراء والمعراج
سورة الإسراء
ذكر الله -تعالى- في بداية سورة الإسراء سرد ما حدث مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، قال -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).وقد أثبتت الآيات الكريمة حادثة الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وفي هذه الحادثة اختبار للناس بتصديق الرسول، وأغلبهم قد فُتن وكذَّب حصول الحادثة، قال -تعالى-: (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً). إذ عاد الرسول إلى بيته في نفس الليلة التي صلَّى فيها في بيت المقدس، وفي صباح اليوم الذي عاد به اتجه نحو قريش؛ ليخبرهم بما حدث معه من حدث عظيم يؤيد صدقه ورسالته.
قابله أبو جهل بالسخرية والاستهزاء، وجمع الناس ليسمعوا ما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ مستنكراً عليه ذلك لبُعد المسافة بن الحرمين ولاستحالة حدوث ما قيل، فبعد أن سمع الناس شأن حادثة الإسراء، استفهم أبو جهل مستنكرًا عمّن صدّقه،وكان في هذا الجمع أبو بكر الصديق كان قد صدّق النبي، ونزل قوله -تعالى-: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
سورة النجم
تضمّنت سورة النجم آيات قرآنية تحدّثت عن حادثة العروج برسول الله من المسجد الأقصى إلى السماوات السبع انتهاءً ب سدرة المنتهى ، قال -تعالى-: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)، وتفصيل ما ورد في الآيات ما يأتي:
- كذب المشركون الرسول برؤيته ل جبريل ، فاستنكرت عليهم الآيات مجادلتهم بحادثة المعراج ورؤية جبريل.
- وضحت الآيات أنًّ القرب بين رسول الله وجبريل -عليهما السلام- قرب جسدي وليس قرب روحاني.
- تكذيب المشركين لرؤية جبريل نابع من تكذيبهم بأنّه -صلى الله عليه وسلم- مرسل من الله -تعالى، فأنكروا رؤيته لجبريل في الأرض.
- رؤية الرسول لجبريل كانت في السماوات العلى عند سدرة المنتهى، وهو مكان فوق السماوات السبع.
- اتبعت الآيات بالتأكيد على أنَّ ما رآه رسول الله من رؤية جبريل وما قد رآه في السماوات السبع حق عيني وليس روحانيّ.
- رأى رسول الله دلائل كثيرة دالة على عظمة الله -تعالى- في خلقه، تكون بمثابة آيات دالة على صدق رسول الله في دعواه.
ورد في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قد أُدخل الجنّة بعد وصوله إلى سدرة المنتهى، وسمع هناك صرير الأقلام، وفُرضت الصلاة في الشريعة الإسلامية بهذه الرحلة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثُمَّ عُرِجَ بي حتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أسْمَعُ فيه صَرِيفَ الأقْلَامِ، قالَ ابنُ حَزْمٍ، وأَنَسُ بنُ مَالِكٍ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَفَرَضَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ علَى أُمَّتي خَمْسِينَ صَلَاةً).
ما يستفاد من حادثة الإسراء والمعراج
يمكن للمسلم أن يستفيد ويدرك من حادثة الإسراء والمعراج ما يأتي:
- استشعار قدرة الله تعالى
تجري العادة على أنَّ المسير من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى تستغرق مسافة شهر ذهابًا وشهر آخر إيابًا، وهذا على الخلاف تمامًا مما حدث مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حدوث ذلك في ليلة واحدة.
- رحمة الله تعالى
تجلت رحمة الله برسوله -صلى الله عليه وسلم- في الشدة، وبما لاقاه رسول الله في تلك الفترة؛ من تمادي قريش معه وتجرؤهم على الأذى الجسدي بصورة أكبر، بالأخص مع وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبي طالب، فمن كان يمنع المشركين عنه قد مات.
- الإدراك بأن أشد الناس بلاءً الأنبياء
ومن ثم الأمثل فالأمثل، وذلك يتبين في التكذيب الشديد الذي لقيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قومه، وهو يخبرهم عما رآه في بيته المقدس، وآيات الله العظيمة التي عاينها -صلى الله عليه وسلم- في السماوات العلى.
- الإدراك بأن حادثة الإسراء كانت بالروح والجسد معًا، إذ لو كانت رحلة روحية فقط لما كان فيها الإعجاز والغرابة والقدرة الإلهية.