شرح آداب طالب العلم للأطفال
شرح آداب طالب العلم للأطفال
لا شكَّ أن العلمَ فريضةٌ على كلِّ مسلم، وهو كنزٌ عظيم وغنيمةٌ ثمينة لِمن أرادَ خيرَ الدنيا والآخرة، وقد يغفلُ كثيرٌ من الناس عن طلب العلم ، فقد بيّن لنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذلك عندما قال: (طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ، حتى الحيتانِ في البحرِ).
ومما يجدر الإشارةُ إليه هو أنَّ لطالبِ العلمِ آداباً ينبغي أن يتحلّى بها ويتميّز بها عن غيرهِ، وسيأتي ذكرها تباعاً مع توضيحها فيما يأتي:
- الإخلاص في طلب العلم
إنّ من أهم شروط قبول العمل هو الإخلاصُ في النية، فليحرص كل الحرص من أراد طلب العلم على أن يكون قاصدًا وجه الله -تعالى- بذلك، وليبتعد عن الرياءِ والمباهاةِ والتكبر، فقد حذّرنا رسول الله من ذلك حيث قال: (من تعلم علمًا مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنة)، يعني ريحها.
- الجلوسُ بين يدي المعلّم باعتدال
إنّ التواضع والجلوس المعتدل من الآداب التي علّمها سيدنا جبريل للصحابةِ عندما جاء إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ليعلّمهم أمور دينهم، فكان الصحابةُ يجلسون بين يدي الرسول-عليه الصلاة والسلام- بكلِ تواضعٍ واعتدالٍ وإنصات، فهذا مدعاةٌ إلى حُسنِ التعلُّمِ والتربية.
- الاجتهاد في طلب العلم
يجب على طالب العلم أن يبادِر ويجتهد في طلب العلم، ولا يغترَّ إلى التسويف والتأجيل، فهذه تُثبطُ الهمّة، وتورِثُ كسلًا وقلةً في الإنجاز، فينبغي لطالب العلمِ أن يستغلَّ وقته في طلب العلمِ وأن يحرص أن لا يلهيه شيء عن ذلك.
- الصبر
إن الصبر هو مفتاحٌ لكلِّ شيء، فالصبرُ هو خُلُقٌ عظيم من تحلّى بهِ فقد حازَ على خيرٍ وفير، فطريقُ العلمِ طويلٌ ويحتوي على مشاق ومتاعب وصعوبات لا يتغلّب عليها إلّا من كان الصبرُ حليفه، فلذّة العلمِ بالصبر والتحمّل ومكابدةِ المشاقّ وبجهادِ النّفس والهوى.
- الحرصُ على مجالسة الصالحين
يقول الله -تعالى- في كتابهِ العزيز: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عنهم)، [6] فمجالسةُ الصالحين والأخيار هي خيرُ مُعينٍ على طلبِ العلمِ والصبرِ على مشاقّه، فمن كانتْ لهُ صُحبةٌ صالحة فقد نالَ خيرًا عظيمًا وقطعَ بذلك نصف الطريق.
- الابتعاد عن المعاصي
يقول اللهُ -تعالى-: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)، فكيف يأمر الناس بتقوى الله والعمل الصالح وهو لا يأمر نفسهُ بذلك، فهذهِ مسألة خطيرة ينبغي التركيز عليها، فإن من يفعلُ ذلك عليهِ أن يتوب إلى الله توبةً نصوحة وأن يبتعد كل البعد عن هذهِ المعاصي التي هي موطن ذلةٍ للإنسانِ فكيف إن كان طالب علم؟!.
- الأمانةُ العلمية
وهي أن ينسُبَ الأقوال إلى أهلها، لا أن ينسبها لنفسهِ فهذه خيانةٌ للعلم، فالأمانةٌ العلمية أو ما يُعرف الآن بالحماية الفكرية أو الملكية الفكرية هي ما يجب أن يتحلى بهِ طالبُ العلم ولا يضيره أن يَذكُر أنه أخذَ من هنا أو هناك.
مما قيل عن طالب العلم
سأذكر بعض أقوال العلماء في فضل طلب العلم فيما يأتي:
- قال ابن أبي الدنيا -رحمه الله تعالى-: " اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ مَا رَغَّبَ فِيهِ الرَّاغِبُ، وَأَفْضَلُ مَا طَلَبَ وَجَدَّ فِيهِ الطَّالِبُ، وَأَنْفَعُ مَا كَسَبَهُ وَاقْتَنَاهُ الْكَاسِبُ؛ لِأَنَّ شَرَفَهُ يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَضْلَهُ يُنْمِي عَلَى طَالِبِهِ".
- قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: "لَأَنْ أتعلّمَ مسألة أَحَبُّ إليَّ مِن قيام ليلة. وقال أيضاً: كُنْ عالِـماً أو مُتَعلّماً أو مُسْتَمِعَاً ولا تَكُنْ الرابع فَتَهْلَك".
- قال العلماء: "مَن تَعلَّم القرآنَ والتفسيرَ عَظُمَتْ قِيْمَتُه، ومَن نَظَرَ في الفِقه نَبُلَ قَدْره، ومَن نَظَر في الحَدِيثِ قَوِيَتْ حُجَّته، ومَن نَظَرَ في اللّغةِ رَقَّ طَبْعُه، ومَن نَظَرَ في الحِسَاب جَزُلَ رَأيُهُ، ومَن لمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ".
إن طلبَ العلمِ هو خير الدنيا والآخرة، وإن آدابَ العلمِ هي التي تضبطُ مسارَ طالب العلمِ وتصقلهُ على أن يكون كما كان العلماءُ من قبلهِ عندما تحلّوا بها، فينبغي على من يسيرُ بهذا الطريق أن يحرصَ على مراقبةِ الله -تعالى- له في كل أوقاتهِ، وأن يجدد النية ويجعلها خالصةً لوجه الله، وأن يصبر على العلم فطريقهُ شاق لمن لم يكن الصبرُ خليلًا له.