سيرة الصحابي عمر بن الخطاب
التعريف بعمر بن الخطّاب
نسبه
هو الصحابيّ الجليل عمر بن الخطّاب بن نُفيل القُرشيّ العدويّ -رضي الله عنه-، المُكنّى بأبي حفص، ووالدته هي: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزوميّة، وورد في إحدى الروايات أنّها أخت أبي جهل حنتمة بنت هشام.
وقد كان إسلامه بدايةً لفتح طريقٍ جديدٍ في عبادة الله -تعالى- جَهْراً، والذي ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال فيه: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ).
وُلد عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- بعد أربع سنواتٍ من الفِجار الأعظم، أي قبل البعثة النبويّة الشريفة بثلاثين عاماً، وورد أنّه وُلد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنةً، وعن صفاته الجسديّة قال علماء السَّير والتاريخ أنّه كان طويلاً، جسيم القامة، أعسر، أشعر، وأصلع الرأس، شديد الحُمرة.
لقبه
وتجدر الإشارة إلى أنّ عمر -رضي الله عنه- لُقّب بالفاروق ؛ لأنّ الله فرّق به بين الحقّ والباطل، وذُكر أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هو مَن أطلق عليه ذلك اللقب.
كما لُقّب -رضي الله عنه- بأمير المؤمنين، وسبب ذلك أنّه كان يُقال له خليفة رسول الله، فرأى المسلمون أنّ الاسم سيطول لمَن يأتي بعده، حيث سيكون خليفة رسول الله، فأجمعوا على لقب أمير المؤمنين لعمر بن الخطّاب، ولمَن يأتي للخلافة من بعده.
شخصيّة عمر بن الخطّاب وخلافته
امتلك عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- سماتٍ شخصيّةٍ أهلّته لأن يكون من الرِّجال الذين كان لهم دور في رسم خطوط التاريخ؛ فقد كان صاحب إرادةٍ، وذو شخصيّةٍ قويةٍ، عازمٌ وحازمٌ، وله هَيبةٌ بين الناس، ولديه من العلم ورجاحة العقل وحُسْن التصرّف ما جعله في الجاهليّة سفيراً لقريش، حيث كان من القلائل الذين يعرفون القراءة والكتابة.
كما عُرف عنه الجديّة، وقلّة الضحك، وجَهوريّة الصوت، وتميّز -رضي الله عنه- بالمسؤولية، و الفراسة ، والعَدْل،وكان إسلامه في السنة الخامسة من البعثة عزّةً ونَصرٌ للدِّين، وعشر سنواتٍ من الخلافة مليئةً بالرّحمة والعَدْل والفتوحات، حيث تولّاها سنة ثلاث عشرة من الهجرة، بعد وفاة أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه- الذي عهد له بها، وذلك حرصاً على وحدة المسلمين، وإغلاق أبواب الخلاف بينهم.
كما شَهِد أبو بكر الصّديق والصحابة -رضي الله عنهم- له بالشدّة بلا عنفٍ، واللين بلا ضعفٍ، وبالقدرة على تحمّل مسؤوليات الخلافة.
أُسرة عمر بن الخطّاب
كان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- شديداً على أهل بيته؛ من حيث العناية والرقابة والإلزام بأحكام الدِّين وتطبيق شرع الله، إلّا أنّه وبلا شكٍّ كان قلبه مليئاً بالشفقة والرّحمة عليهم.
وقد ورد أنّ الفاروق -رضي الله عنه- قد تزوّج أربع عشرة امرأةً، ولا يعني أنّه جمع بينهنّ، اثنتان قبل الإسلام، وطلّقهما بعد صُلح الحُديبية ونُزول قَوْل الله -تعالى-: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)، وهما: أمّ كلثوم بنت جرول، وقريبة بنت أبي أميّة.
أمّا الباقيات فهنّ: أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وعاتكة بنت زيد العدويّة، وزينب بنت مظعون الجمحيّة، وجميلة بنت ثابت الأنصاريّة، وابنة حفص بن المغيرة، وأمّ حكيم بنت الحارث المخزوميّة، وفاطمة بنت الوليد المخزوميّة، وأمّ هنيدة الخزاعيّ، وسبيعة الأسلميّة.
في حين أنّ لعمر بن الخطّاب من الأبناء الذكور عشرةٌ، وهم: الصحابي عبدالله وهو أكبرهم، وعبدالرحمن الأكبر، وعبيد الله، وعاصم، وزيد، وعبدالرحمن الأوسط، وعبدالرحمن الأصغر، وزيد الأصغر، وعبدالله الأصغر، وعيّاض، ومن الإناث سبعةٌ، وهنّ: أم المؤمنين حفصة ، وفاطمة، وعائشة، وصفيّة، وجميلة، ورقيّة، وزينب.
إسلام عمر بن الخطّاب
خرج الفاروق -رضي الله عنه- عازماً على قتل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فصادفه رجلٌ في طريقه مُعلِماً إيّاه أنّ أخته قد أسلمت، فانطق إليها حاملاً العظيم من الغضب، ووصل وإذ بها تقرأ آياتٍ من سورة طه، فتأكّد من إسلامها، وضربها وزوجها، حتى فقد الأمل بعودها عن الإسلام.
ثم سألها طالباً الذي كانت تقرأه، وأعطته إيّاه بعد أن اغتسل؛ تنفيذاً لطلبها، فقرأ من سورة طه حتى قوله -عزّ وجلّ-: (إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري).
فانطلق عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- إلى مكان تواجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومَن معه من الصحابة، وكان منهم حمزة بن عبدالمُطّلب ، وأعلن إسلامه وتوحيده لله -تعالى-، وبأنّ محمّداً عبد الله ورسوله.
هجرة عمر بن الخطّاب
هاجر الصحابيّ عُمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنورة علناً، إذ خرج إلى الكعبة المشرفة، وطاف بها سَبْعاً، وصلّى ركعتَين عند المقام.
ثمّ دار على المشركين، وهو يحمل سيفه وقوسه وسهامه، وخاطبهم قائلاً: "شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلّا هذه المعاطس، مَن أراد أن تثكله أمّه ويُيتّم ولده وتُرمّل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي"، فلم يلحق به أحدٌ سوى مجموعةٍ من المستضعفين أرشدهم، وأكمل طريقه.
جهاد عمر بن الخطّاب مع النبيّ
شارك الفاروق عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في جميع المشاهد والغزوات، حيث إنّه لم يتخلّف عن أي موقعةٍ مع نبيّ الله، وقد كان له -رضي الله عنه- الكثير من المواقف في مشاركاته بالجهاد في سبيل الله؛ والتي تتلخّص فيما يأتي:
- قتل الفاروق خاله العاص بن هشام في غزوة بدر ؛ مؤكّداً بذلك على أنّ رابطة العقيدة أشدّ وأقوى من رابطة الدم.
- ظهرت همّة الفاروق العالية، وعزمه وحزمه في المواقف الحرجة
- التي هُزم بها المسلمون أو كادوا، كغزوة أُحد والخندق وبني المُصطلق، حيث واجه المشركون والمنافقون بكلّ قوةٍ، وفي لحظات ضعف المسلمين، كردّه ومواجهته أبي سفيان وهو يتفاخر بهزيمة المسلمين في غزوة أُحد.
- انطلق ابن الخطّاب -رضي الله عنه- على رأس سريّةٍ بأمر رسول الله إلى هوازن
والتي هي من أقوى القبائل وأشدّها، دلالةً على اعتماد نبيّ الله على الفاروق في المواقف الصعبة، ومن حنكته العسكريّة أنّه كان يسير في الليل ويكمن في النهار؛ بهدف المُباغتة، فظفر بالنصر بهروب العدوّ، ولم يلاحق غيرهم التزاماً بأوامر قائده، ممّا دليل على انضباطه.
- ثبت عمر بن الخطّاب مع مجموعةٍ من الصحابة -رضي الله عنهم- في غزوة حُنين
مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وحمايته، عندما تراجع المسلمون بعد مباغتة الأعداء لهم، قبل أن يُنزل الله -عزّ وجلّ- السكينة عليهم، وينصرهم.
- تصدُّق الفاروق -رضي الله عنه- بنصف أمواله في غزوة تبوك
كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قد استمع إلى رأيه في الدُّعاء بالبركة للنّاس عندما أصابتهم المجاعة في تلك الغزوة.
إعانة عمر بن الخطّاب لأبي بكرٍ في خلافته
شَهِد التاريخ الإسلاميّ حضوراً عظيماً لعمر بن الخطّاب في توحيد المسلمين، ووأد للفتنة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تدخل بنيرانها بينهم، حيث إنّ الفاروق جمع المسلمين على مبايعة أبي بكر الصدّيق لخلافة رسول الله، ولا شك أنّ ابن الخطّاب قدّم كلّ ما يملك من معرفةٍ ورجاحة عقلٍ في خدمة وإعانة أبي بكر الصدّيق بعدما أصبح خليفة رسول الله.
ومن المواقف التي تُبيّن ذلك: إشارته عليه بعدم قتال من ارتدّ عن الإسلام، وإعادة أسامة وسريّته إلى المدينة، واستبداله بقائدٍ غيره، وبالرغم من رفض الصدّيق ذلك فقد وقف عمر معه وقوف الأمين الذي يُشير بما يراه ولا يخرج عن أمر خليفة الرسول.
بالإضافة إلى ذلك فقد أخذ أبو بكر الصدّيق برأي عمر بن الخطّاب عندما أشار بعدم أخذ دِيةٍ عن شهداء المسلمين في حرب الردّة ، باعتبار أنّهم قاتلوا جهاداً في سبيل الله، وطلباً لرضوانه، فأجرهم عليه -جلّ وعلاه.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الصدّيق كان يدرك أهميّة وجود الفاروق في جواره؛ لإعانته على إدارة أمور المسلمين، وممّا يدلّ على ذلك أنّه منح رجلَين مساحة أرضٍ فارغةٍ؛ ليزرعوها، وكتب لهم بذلك، إلّا أنّه طلب منهما أن يكون عمر بن الخطّاب شاهداً على الكتاب، فما كان من الفاروق إلّا أن رفض ذلك، وأشار على أبي بكرٍ بأنّ تلك أرض للمسلمين، وليس من الحقّ أن تُمنح لأي أحدٍ، فرضي خليفة رسول الله بذلك.
وكذلك إشارة الفاروق في جمع القرآن الكريم ؛ خشيةً على ضياعه بعدما استُشهد كثيرٌ من حفظة كتاب الله في حرب اليمامة.
مواقف عمر بن الخطّاب في خلافته
اهتمام عمر بن الخطّاب بالرعيّة
كان عمر بن الخطّاب شديد الاهتمام بالرَّعِية، بحيث يخرج ليلاً يتفقّد أحوالهم، وممّا ورد في اهتمامه بالرَّعية أنّه خرج في ليلةٍ، فوجد امرأةً وقد أتاها المخاض، وليس عندها مَن يساعدها، فانطلق مُحضراً زوجته أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وحاملاً على ظهره الطعام، فقاما بما يلزم للمُساعدة، دون أن يعلم أهل البيت أنّه أمير المؤمنين حتى انتهوا.
وممّا ورد أيضاً أنّه وجد امرأةً تطبخ في الليل لأولادها وهم يبكون، فعلم منها أنّها تغلي الماء إيهاماً للأطفال بأنّه طعامٌ حتى يناموا، فانطلق مهرولاً يبكي، وعاد يحمل الدقيق واللحم، وطهي، وأطعم الأطفال، ولم يتركهم حتى ناموا، كما ومن كثير اهتمامه بالرَّعية أنّه كان يقوم على خدمة ورعاية عجوز عمياء ومُقعدة.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد ذُكر أنّه ذات ليلةٍ ممطرةٍ كان يتجوّل في المدينة، فسمع امرأةً تطلب من ابنتها خلط الماء باللبن، فرفضت ابنتها مذكّرةً بأنّ أمير المؤمنين منع على الناس ذلك، فتردّ الأم بأنّ عمر لن يرى ذلك الفعل، فتصرّ الفتاة على عدم فعل ذلك، وهي تقول: "إن كان أمير المؤمنين لا يرانا، فرُّب أمير المؤمنين يرانا"، ففرح الفاروق بما سمع، بل زاد أن زوّج ابنه عاصم من تلك الفتاة.
تعامل عمر بن الخطّاب مع طاعون عمواس
ظهرت حكمة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- ورجاحة عقله في تعامله مع مرض طاعون عمواس، حيث خرج إلى الشام، ومعه عددٌ من الناس، وعندما عَلِم أنّ المرض انتشر في الشام، أمر الجميع بالعودة وعدم دخول الشام.
ثم قال له أبو عبيدة بن الجرّاح: "أفرار من قدر الله"، فردّ عليه الفاروق قائلاً: "نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله"، ثمّ حمد الله -تعالى-، وعاد في طريقه عندما سمع من عبد الرحمن بن عوف أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد قال: (إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا، فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه).
عام الرَّمَادة
عام الرَّمادة؛ هو: عامٌ أصاب الناس فيه القحط، وجاع فيه المسلمون حتى كاد يصيبهم الهلاك، حيث كان عمر بن الخطّاب أميراً للمؤمنين، وقد سُمي بعام الرَّمادة؛ لأنّ الأرض أصبحت جرداء سوداء كالرَّماد؛ من قلّة المطر، فسار الناس من البوادي إلى المدينة المنورة، وقدّم الفاروق كلّ ما هو موجودٌ في بيت المال للناس.
كما ازداد ألمه وحزنه على المسلمين، ولم يقبل أنّ أكل إلّا الزيت والخل، حتى ضعف جسده واسودّ وجهه، وبقي الحال على ذلك تسعة أشهرٍ، حتى هيأ الله -تعالى- أسباب الفرج، وصلّى الفاروق والمسلمون صلاة الاستسقاء .
وتجدر الإشارة إلى أنّ غلام عمر بن الخطّاب وبعد أن أذهب الله -تعالى- البلاء اشترى السَّمن واللبن، وأحضرهما للفاروق؛ محاولاً إقناعه بالأكل باعتبار أنّ عمر قد أبرّ بيمينه بعدم الأكل إلّا من الزيت، إلّا أنّه رفض أكلهما، وطلب من الغلام أن يتصدّق بهما.
توسعة المسجد النبويّ والمسجد الحرام
قام عمر بن الخطّاب بتوسعة المسجد الحرام و المسجد النبويّ في السنة السابعة عشر من الهجرة، حيث ازداد عدد المسلمين والمصلّين، فاشترى كلّ ما هو حول المسجد النبويّ، باستثناء حُجرات أمهات المؤمنين، وبيت العبّاس بن عبد المطّلب، الذي رفض البيع في البداية، ثمّ قدّمه صدقةً، إلّا أنّ الفاروق بنى له داراً من بيت مال المسلمين، وزاد في توسعة مسجد النبيّ.
كما حدّد موقعاً خارج المسجد؛ لمَن أراد الحديث بلغط الدُّنيا أو بصوتٍ عالٍ، حيث كان يغضب ويُعاقب مَن يرفع صوته في المسجد، وكذلك فعل في المسجد الحرام؛ فقد اشترى البيوت التي تُحيط به، وهدمها، ووسع بيت الله، وأحاطه بجدارٍ، ووضع له الأبواب، كما أضاف ردماً في أعلى مكّة المكرّمة؛ لحماية المسجد الحرام من السُّيول.
الفتوحات الإسلاميّة
توسّعت الفتوحات الإسلاميّة وازدهرت في زمن عمر بن الخطّاب، فقد توسّعت الدولة الإسلاميّة فوصلت الصين من الشرق، وبحر قزوين من الشمال، وتونس وما خلفها من الغرب، والنوبة من الجنوب، حيث فتحت الجيوش الإسلاميّة في عهد الفاروق بلاد الشام وإيران والعراق، بالإضافة إلى مصر وليبيا.
وكان ذلك كلّه في عشر سنواتٍ، وهي مدة خلافته، ويعود كلّ ذلك إلى بعد مشيئة الله -تعالى- والعقيدة السليمة للمُسلمين إلى قيادة الفاروق، التي بيّنت موهبته في القيادة العليا، وقدرته العالية في اختيار قادة الجيوش.
ولا شكّ أنّ هناك الكثير من الأمور التي اعتمد الفاروق في قيادته عليها؛ حتى يصل بالفتوحات الإسلاميّة إلى كلّ هذه الأمصار، والتي تتلخص فيما يأتي:
- الشُّورى ، والتي جعل منها نظام إدارةٍ وحكمٍ، فقد كان يجمع صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حوله؛ حتى يستشيرهم وينتفع من آرائهم.
- الحرص على جمع المعلومات من كلّ مكانٍ، حيث كان يطلب من قادة الجيوش المعلومات عن كلّ شيءٍ يخصّ الأعداء.
- الخوف على حياة الجيوش، والخشية من الله على أرواحهم.
- الفِطنة، ورجاحة العقل، وبُعد النظر، والشجاعة.
- القوة البدنيّة، فقد كان ضخماً، قوياً، جَسيماً، فارساً.
تدوين الدواوين
استخدم العرب والمسلمون الدواوين أوّل مرّةٍ في عهد عمر بن الخطّاب، حيث إنّه أمر عدداً من الصحابة بإنشاء الدواوين عندما رأى كثرة المال الذي يَرِدُ إلى بيت المال، وكان ذلك سنة عشرين هجريّة، بعدما استشار أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأشاروا عليه بالدواوين، حيث تمّ البدء بإنشائها بتسجيل بني هاشم، ثمّ الأقرب فالأقرب من نبيّ الله.
ثم تمّ تقديم السابقين إلى الإسلام، حتى وصل إلى الأنصار؛ فبدأ بأهل سعد بن معاذ ، ثمّ الأقرب فالأقرب، كما فرض الأموال وسجّلها، حيث قدّم من شَهِد غزوة بدر من المهاجرين والأنصار، وكذلك فرض المال لمَن هاجر إلى الحبشة، ولأبناء من حَضر بدر، ولأمهات المؤمنين -رضي الله عنهنّ-، وللغلمان، ولكثيرٍ من المسلمين، حتى أنّه فرض المال لمَن لا أهل لهم من الأطفال، واعتنى بهم.
استشهاد عمر بن الخطّاب
ورد أنّ الفاروق عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- قد طُعن من قِبل أبي لؤلؤة، يوم الأربعاء، قبل انتهاء شهر ذي الحِجّة بثلاثة أيّامٍ، واستُشهد -رحمه الله- بعد ذلك بثلاثة أيّامٍ، حيث كان يُصلّي الفاروق الفجر بالمسلمين، فطُعن غَدْراً؛ فأخذ -رضي الله عنه- بيد عبدالرحمن بن عوف ، وقدّمه للصلاة، وبعدما عَلِم أنّ مَن طعنه هو أبو لؤلؤة حَمد الله -تعالى- أنّه لم يُقتل على يد مُسلم.
كما أنّه بعث ابنه عبدالله إلى أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- مُستأذّناً منها أن يُدفن بجانب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبي بكر الصدّيق، فأذنت له بذلك، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفاروق -رضي الله عنه- لم يستخلف أحداً بعده، بل أنّه ذكر أحقيّة عددٍ من الصحابة ممّن تُوفيّ النبيّ وهو راضٍ عنهم.
فضائل عمر بن الخطّاب
يمتلك الصحابيّ عمر بن الخطّاب العديد من الفضائل، والتي من أبرزها:
- وَعْده بالجنّة
فقد ورد في الصحيح عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلتُ: لِمَن هذا القَصْرُ؟ قالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا).
- امتلاك الفاروق -رضي الله عنه- المعرفة والعلم الغزير والفراسة
حيث شَهِد له الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك حين قال: (بَيْنا أنا نائِمٌ، شَرِبْتُ، يَعْنِي، اللَّبَنَ حتَّى أنْظُرَ إلى الرِّيِّ يَجْرِي في ظُفُرِي أوْ في أظْفارِي، ثُمَّ ناوَلْتُ عُمَرَ فقالوا: فَما أوَّلْتَهُ؟ قالَ: العِلْمَ).
- استقامة الفاروق
وصِدْقه، والتزامه الشديد بالدِّين، وعلوّ منزلته عند رسول الله وصحابته، فقد ورد عن نبيّ الله أنّه قال: (أيها يا ابْنَ الخَطَّابِ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ ما لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ، إلَّا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ).
- وفاة الفاروق شهيداً
وقد بشّر بذلك رسول الله عندما صعد جبل أُحد ، ومعه أبو بكرٍ، وعُمر، وعثمان بن عفان، حيث قال: (اثْبُتْ أُحُدُ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ).
- توافق عددٍ من آراء عمر بن الخطّاب بما نزل من القرآن الكريم
فيما قال الفاروق -رضي الله عنه- أنّها ثلاث، كما ثبت في صحيح البخاريّ أنّه -رضي الله عنه- قال: (وافَقْتُ رَبِّي في ثَلَاثٍ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وآيَةُ الحِجَابِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو أمَرْتَ نِسَاءَكَ أنْ يَحْتَجِبْنَ، فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، واجْتَمع نِسَاءُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الغَيْرَةِ عليه، فَقُلتُ لهنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ أنْ يُبَدِّلَهُ أزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ).
- الثناء والمديح من صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن آل بيته على عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-.