سمات المدرسة الطبيعية
سمات المدرسة الطبيعية
المدرسة الطبيعية أو ما يُعرَف بالفيزيوقراطية هي اتجاه اقتصادي تأسس في فرنسا في القرن الثامن عشر، ويعتقد أن سياسة الحكومة يجب ألا تتدخل في عمل قوانين الاقتصاد الطبيعي وأن الأرض هي مصدر كل الثروات ، وعمومًا تُعدُّ المدرسة العلمية الأولى للاقتصاد.
يهدف الفلاسفة الطبيعيون إلى مجتمع يكون فيه للقوانين الطبيعية والأخلاقية دور كامل، ويكون فيه القانون الوضعي منسجمًا مع القانون الطبيعي، واهتموا كثيرًا بالمجتمع الزراعي، وهاجموا المذهب التجاري ليس بسبب تنظيماته الاقتصادية فقط؛ بل لأنه يؤكد على أهمية الصناعة والتجارة الخارجية، لأنه من أهم قوانينهم أن على كل أمة تنظيم التجارة والصناعة لزيادة ثروتها وقوتها الخاصة.
مبادئ المدرسة الطبيعية
فيما يلي المبادئ التي تستند عليها المدرسة الطبيعية:
- مكافحة المركنتيلية: كان الطبيعيون بداية حركة مناهضة للمذهب التجاري، وحجتهم في ذلك أنّ توجيه العمالة من الزراعة إلى الصناعة يُقلل الثروة الإجمالية للأمة، وبالتالي فإن عدد سكان الأرياف سيقل، وسيقلّ إنتاج الغذاء، كما أنّ فرضة المركنتيلية الأساسية تقضي بأن الدولة يجب أن تُصدّر أكثر مما تستورد، لكنّ هذا يحتاج بالضرورة موارد متاحة للاستهلاك الداخلي أكثر مما يحتاجون للتصدير.
- إطلاق نظرية دعه يعمل دعه يمر: جادل الطبيعيون بأن على الحكومة أن تترك الاقتصاد وحده وتسمح للأفراد داخل الاقتصاد بفعل ما يحلو لهم، وأن على الحكومة ترك مصالحها الأنانية؛ فأطلقوا نظرية (دعه يعمل دعه يمر).
- الملكية الخاصة: آمن الطبيعيون أنه لا يمكن لأي من النظريات المتعلقة بقيمة الأرض أن تنجح دون دعم قانوني قوي للملكية الخاصة.
- رأس المال الاستثماري: أدرك الطبيعيون أن المزارعين بحاجة إلى رأس المال لبدء عملية الإنتاج، وأيدوا استخدام بعضًا من أرباح كل عام لزيادة الإنتاجية ، كما أن رأس المال ضروري لدعم العمال أثناء إنتاجهم لمنتجاتهم.
- الترتيب الطبيعي: لم يكن الطبيعيون مهتمين بما إذا كان تعظيم الناتج الصافي فكرة جيدة، أو عزز سلطة الحاكم، أو أنتج سعادة عامة، أو حسّن الأخلاق، بل اهتموا بما يجب فعله لتحسين الأخلاق والسعادة العامة وأن تعظيم صافي الإنتاج هو الفكرة الأساسية التي ينبغي العمل عليها، وهو الشيء الجيّد الذي ينبغي عمله.
تأسيس المدرسة الطبيعية
كان الطبيعيون (الفيزيوقراطيون) مجموعة من مفكري عصر التنوير الفرنسيين في ستينيات القرن التاسع عشر، أحاطوا بطبيب البلاط الفرنسي فرانسوا كيسناي، وألّفوا معًا الوثيقة التأسيسية للمدرسة الفيزيوقراطية، تحديدًا عام 1759م، كان حجر الزاوية في المدرسة الطبيعية فكرة فرانسوا كيسناي بأن الزراعة فقط هي التي تُنتِج فائضًا عن الحاجة، أو ما أسماه (صافي المنتج).
جادل الطبيعيون بأن سياسات كولبرتيست القديمة لتشجيع الشركات التجارية والصناعية كانت خاطئة، وأنه لا ينبغي تثبيط التجارة والتصنيع، وليس من المجدي أن تشوه الحكومة الاقتصاد بأكمله من خلال المواثيق الاحتكارية والضوابط والتعريفات الوقائية لدعم القطاعات التي لا تنتج أي منتج صافٍ، وبالتالي لا توجد ثروة للأمة، ويجب أن تكون سياسة الحكومة موجهة إلى تعظيم قيمة وإنتاج القطاع الزراعي.
منظرو المدرسة الطبيعية
من أشهر منظّري المدرسة الطبيعية ما يأتي:
- فرانسوا كيسناي (1694-1774م): اقتصادي وعالم فيزياء فرنسي ومؤسس المدرسة الفيزيوقراطية من خلال كتابه (الجدول الاقتصادي) الذي نُشر عام 1758م، وهو أول محاولة لوصف أداء الاقتصاد بطريقة تحليلية.
- آن روبرت جاك تورجوت (1727-1781م): سياسي وخبير اقتصادي فرنسي، يُعرف بأنه من أوائل المدافعين عن الليبرالية الاقتصادية، بالإضافة إلى ذلك كان أول من صاغ قانون تناقص العائدات الهامشية في الزراعة، أشهر كتبه "تأملات في الثورة الفرنسية"، وكان عن تشكيل وتوزيع الثروات.
- بيير صموئيل دو بونت دي نيمور (1739-1817م): اقتصادي ومسؤول حكومي وكاتب فرنسي، كتب في مذكراته عام 1767م فصلًا عن الدستور الطبيعي للحكومة الأكثر فائدة، وحصل بسببه على مناصب مهمة كخبير اقتصادي، وهو أحد الذين صاغوا معاهدة فرساي .
- جاك كلود ماري فينسينت دي جورني (1712-1759م): خبير اقتصادي ومشرف على التجارة الفرنسية، ويُنسب إليه الفضل في عبارة "دعه يعمل دعه يمر" وهو من صاغ كل مبادئ المدرسة الطبيعية، وكان أستاذًا في الشؤون الاقتصادية.
- بيير بول ميرسيه دو لا ريفيير (1720-1793م): إداري فرنسي مرتبط جدًّا بالإيديولوجية الفيزيوقراطية لكيسناي، وأشهر أعماله هو "النظام الطبيعي والأساسي للمجتمعات السياسية" الذي صدر عام 1767م، الذي يعتبره الكثيرون أحد أكثر الأعمال اكتمالًا في المدرسة الطبيعية.
- نيكولاس بودو (1730-1792م): رجل دين وخبير اقتصادي فرنسي، عارض في البداية أفكار المدرسة الطبيعية، لكنه لاحقًا أصبح من أهم روادها، وهو من أنشأ مجلة Éphemerides الأسبوعية، التي ساهمت في ترسيخ مبادئ المدرسة الطبيعية.