سبب نزول سورة نوح
ما هو سبب نزول سورة نوح؟
تجدر الإشارة إلى أنّه لم يرد في كتب التفسير وعلوم القرآن الكريم ذكراً لسبب خاص في نزول سورة نوح، إلّا أنّه يمكن القول بأنّ من دواعي نزولها هو: التسلية لرسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بما كان يلقاه من مشركي قريش؛ من إعراض عن الدين وصدّ، وكذلك جاءت لدعوة النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- للتّأسّي والاقتداء بنبي الله نوح -عليه الصلاة والسلام- بصبره على ما لقيه في سبيل الدعوة إلى الله -تعالى-.
أين نزلت سورة نوح؟
تعدّ سورة نوح من السور المُجمَع على كونها سورة مكية، وتبلغ عدد آياتها ثلاثين آية؛ وفق العدد المدني والمكي، وتسع وعشرين آية؛ وفق العدد البصري، وثماني وعشرين آية؛ وفق العدد الكوفي.
كما يبلغ عدد كلماتها مئتين وأربع وعشرين كلمة، وحروفها تسعمائة وتسع وخمسين حرف، أمّا ترتيبها بين سور القرآن الكريم من حيث النزول فهي السورة الثالثة والسبعين؛ حيث أنه كان نزولها بعد سورة النحل وقبل نزول سورة الطور.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك ترابط واتصال بين سورة نوح والسورة التي قبلها وفق الرسم القرآني وهي سورة المعارج من وجهين:
- أوّلهما: تشابه مطلع كلتا السورتين، فمطلع سورة المعارج فيه ذكر العذاب الذي وُعد به الكافرين من قوم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ومطلع سورة نوح فيه ذكر العذاب الذي وُعد به الكافرين من قوم نوح -عليه السلام-.
- ثانيهما: ذكر قدرة الله -تعالى- على التبديل في أواخر سورة المعارج حيث قال الله -تعالى-: (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ* عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)، ثمّ جاءت سورة نوح التي قد ذُكر فيها قصة قوم نوح -عليه السلام- وما حلّ بهم من غرق وطوفان إلّا من آمن منهم على سبيل إثبات قدرته -تعالى- على التبديل والإتيان بمن هو خير منهم.
سبب تسمية سورة نوح بهذا الاسم
سمّيت سورة نوح بهذا الاسم؛ ذلك لحديثها عن نبي الله نوح -عليه السلام- وهو من أول العزم من الرسل، وحديثها عن قصته في دعوة قومه إلى الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده.
إلّا أنّهم رفضوا دعوته وأنكروها وقاوموها، فدعاهم نوح -عليه السلام- إلى التفكر والتأمل في خلق السماء والأرض، والشمس والقمر، بل في سائر مخلوقات الله -تعالى-، إلّا أنّهم عمدوا إلى صمّ آذانهم عن سماع الحقّ، وغلق أعينهم عن رؤية عظمة خلق الله -تعالى-، فكان ذلك أدعى لاستحقاقهم عذاب الله -تعالى- في الدنيا بالغرق بالطوفان، وفي الآخرة بالعذاب الشديد.
فضل سورة نوح
تجدر الإشارة إلى أنّه لم يثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحاديث في فضل سورة نوح، وما قد ذُكر في فضلها من أحاديث فهي أحاديث ضعيفة تجدر الإشارة إليها للتأكيد على ضعفها وهي كما يأتي:
- "من قرأها كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح".
- "يا علي من قرأها كان في الجنة رفيق نوح وله ثواب نوح، وله بكل آية قرأها مثل ثواب سام بن نوح".
ورغم أنّه لم يثبت أحاديث صحيحة في فضل سورة نوح إلّا أنّه هناك العديد من الأحاديث الصحيحة التي ثبتت في فضل قراءة القرآن الكريم بشكل عام ومنها ما يأتي:
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ).
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ).
الدروس المستفادة من سورة نوح
هناك العديد من الدروس المستفادة من سورة نوح منها ما يأتي:
- بذل نبي الله نوح -عليه السلام- قصارى جهده في دعوة قومه إلى الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، ولم يتوانَ في اللجوء إلى كافة وسائل الدعوة الجهرية والسرية التي من شأنها تحقيق ذلك.
- عمد نوح -عليه السلام- إلى الدعاء على قومه بالهلاك والانقراض؛ وذلك عندما يئس من قبولهم لما يدعو إليه، كما عمد إلى الدعاء لنفسه ولأبويه ولمن دخل بيته مؤمنا بالمغفرة.
- تجاهل قوم نوح ما كان يدعو إليه نوح -عليه السلام- وأعرضوا عنه وأصروا على عبادة الأصنام، فاستحقوا عذاب الله -تعالى- بالغرق بالطوفان.
- عمد نوح -عليه السلام- إلى دعوة قومه إلى عدة أمور من شأنها أن تدفعهم إلى الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده ومنها ما يأتي:
- دعا قومه إلى ترك الذنوب والمعاصي ووعدهم إن فعلوا ذلك بأنّ الله -تعالى- سيزيدهم مالا وبنينا.
- دعا قومه إلى النظر والتأمل في خلق السماء والأرض، والبحار والانهار، وخلق الإنسان والنبات.
ملخص المقال: لم يرد في كتب أسباب النزول سببا خاصا في نزول سورة نوح، وإنّما يمكن القول بأنّها نزلت تسلية للرسول، وسورة نوح سورة مكية بالإجماع، سمّيت سورة نوح بهذا الاسم لحديثها عن نبي الله نوح -عليه السلام-، ولم ترد أحاديث صحيحة في فضل سورة نوح، إلّا أنّه يترتب على قراءتها من الفضل والأجر ما يترتب على قراءة سور القرآن الكريم بشكل عام، ومن أهم الدروس المستفادة من سورة نوح أنّ الداعي إلى الله -تعالى- لا يتوانى في استخدام كافة الوسائل التي من شأنها أن تحقق ما يدعو إليه كما فعل نبي الله -نوح -عليه السلام-.