سبب نزول سورة الملك
سبب نزول سورة الملك
جاء عن ابن عباس أنّ سبب نُزول الآية الثالثة عشر من سورة المُلك، وهي قولهُ -تعالى-: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، أنّ المُشركين كانوا يؤذون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وينالون منه، فأخبره جبريل -عليه السلام- بما يُقال عنه، وأنَّهم يقولون لبعضهم البعض: "أسروا قولكم لكي لا يسمعُكم إله مُحمد"، فنزلت الآية.
وأمَّا الآية التي بعدها، وهي قوله -تعالى-: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؛ أي أنَّ الذي خلقكم أعلمُ بما في صدُوركم، وأعلم بما تُسرون به، وفي الآيتين الكريمتين إشارةٌ للمُشركين إلى مخافة الله -تعالى- وخشيته؛ لأنَّه عليمٌ بالسر وبما في الصُدور، وبكل ما يتكلمون به عن نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
وجديرٌ بالذكر أنَّ نزول سورة المُلك كان في مكة المكرمة، وذلك بعد نزول سورة الطور، والتي نزلت بعد حادثة الإسراء والمعراج وقبل الهجرة؛ وبذلك يكون نزول سورة المُلك في تلك الفترة.
التعريف بسورة الملك
معلومات عامة حول سورة الملك
تُعدُّ سورة المُلك من السور المكيّة ، وعددُ آياتها ثلاثون آية، وتعرضت السورة لذكر بركات الله -تعالى- في الدُّنيا، وقُدرته، وحكمته؛ فهو الخالق والرازق، والمُدبر والحكيم، كما تلفت السورة الكريمة أنظار الناس إلى خلق الأرض، والسماء، والطير، والسمع والبصر، وغير ذلك من خلق الله -تعالى-، وتحثُّ على التفكُّر والتدبُّر في ملكوت الله -تعالى-.
وسورة الملك السورة السابعة والستون بحسب الرسم القرآني، والسورة الرابعة من المجموعة الخامسة من قسم المفصّل، وتُسمّى بالسورة الواقيّة، والمُنجيّة؛ لأنّها تُنجيّ وتمنع من عذاب القبر، وأمّا عددُ كلماتها فتبلُغ ثلاثُ مئة وثلاثون كلمة، وأمّا حُروفها فتبلُغ ألف وثلاثُ مئة وثلاثةَ عشر حرفاً.
مناسبة سورة الملك لما قبلها
جاءت سورة المُلك مُناسبة لما قبلها من السور وهي سورة التحريم؛ فقد ذكر الله -تعالى- في أواخر سورة التحريم مثلاً للكُفار بامرأتين من زوجات الأنبياء الكرام، ثُمّ ضرب مثلاً للمؤمنين بمريم -عليها السلام-، وآسية امرأت فرعون، والسعادة المحتومة لهما، مع أنَّ غالبية أقوامهما كانوا من الكُفار، ثمَّ افتتح الله -تعالى- سورة الملك بما يدُل على إحاطته وقُدرته على التصرُّف في مُلكه .
وبالإضافة إلى ذلك فقد تعرَّضت سورة التحريم في خاتمتها إلى الصراع بين الخير والشر، والإيمان والكُفر، وقد بيّن الله -تعالى- في بداية سورة المُلك أنَّ حقيقة هذا الصراع ومآله ستظهر يوم القيامة لا محالة؛ ولذلك اقتضت حكمة الله -سُبحانه وتعالى- أن يكون الموت، ثُمّ حياة بعد الموت، وبعدها يأتي الحساب، فكانت سورة الملك بمثابة تقرير للحقيقة التي اختتمت بها سورة التحريم.
مقاصد سورة الملك
توجد العديد من المقاصد التي جاءت سورة المُلك لبيانها وذكرها، ومنها ما يأتي:
- الدعوة إلى الإيمان بالله -تعالى- بالأدلة المُختلفة، والدّعوة إليه بالترغيب والترهيب؛ فهو الذي بيده كُل شي، وهو الذي خلق الموت والحياة، وخلق السماوات وزيَّنها بالمصابيح والكواكب.
- بيان أنَّ الله -تعالى- هو العليم بما يُسِّرُ به عباده أو بما يجهروا به، وأنَّ الله -تعالى- جعل السمع والبصر والفؤاد للإنسان، وهذا من عظيم قدرته.
- بيان عظمة الله -تعالى- وعظيم مُلكه؛ فهو الذي بقبضته كُل شيء، وهو الآمر الناهي، والمُعطي والمانع، وعطاء الله -تعالى- لا يقدر الإنسان على إحصائه، ولا يستطيع عدِّ نعمه.
- الدعوة إلى لفت النظر إلى السماوات وما فيها من نُجوم وكواكب، وحفظٍ للطير في الهواء، وما أعدّه الله -تعالى- من العذاب للمُنكرين، ومن الثواب للمُتّقين.