سبب نزول سورة القلم
سبب نزول سورة القلم
يُذكر في سبب نُزولِها؛ أنها جاءت جواباً على قول المشركين للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)،، فنزلت سورة القلم بقوله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ* مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)؛ لتثبيت النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولنفي أن يكون مجنوناً، وقد أنعم الله -تعالى- عليه -صلى الله عليه وسلم- بالنُّبوة والعِصمة.
وقد نزلت هذه السورة لوصف النبي بمكارم الأخلاق، يقول تعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وكذلك جاءت تهديداً ووعيداً للمُكذّبين به، بعد أن ذكّرهم بقصة أصحاب الجنة وإهلاك جنتهم، وفي ذلك إشارة إلى إهلاك كُلّ كافرٍ.
أسباب نزول آيات من سورة القلم
وردت عدد من أسباب النزول المختلفة المتعلقة بآيات متفرقة من سورة القلم، ومنها:
"وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم"
أنزل الله -تعالى- هذه الآية بعد قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في وصف أخلاق النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنّه كان أحسن الناس خُلُقاً، وما دعاه أحدٌ إلا وأجابه، وقيل في المعنى المقصود من الآية: أنّه جاء أحد الصحابة يسأل عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن أخلاق النبي، فأجابت: كان خُلقهُ القُرآن، وقرأت عليه الآية هذه، والمعنى؛ أنّه كان يرضى لرضاه ويغضب لِغضبه، وقد ورد في ذكر أخلاق النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (سَألتُ عائشةَ عَن خُلُقِ رسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عَليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - فقالَت: لم يَكُن فاحشًا ولا متفحِّشًا ولا سخَّابًا في الأسواقِ، ولا يُجزئُ بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولَكِن يَعفو ويَصفحُ)،فقد كان النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- على خُلُقٍ ودينٍ عظيمين، وكان خُلُقهُ القُرآن كما وصفتهُ بذلك عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-.
"وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ"
نزلت هذه الآية الكريمة بعد أن قصد المُشركون إصابة النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- بالعين، وذلك بعد أن نظر إليه بعضُ المُشركين الذين يشتهرون بإصابة العين، كقوم بني أسد، فقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حُجَجِهِ، فعصمهُ الله -تعالى- منهم، ولشدّة اشتهارهم بالعين فقد رويَ عنهم أنّه كانت تمرُ بهم الناقة أو البقرة السمينة فيُصيبها الرجل بالعين، فيقول لجاريته: اذهبي فأتينا من لحمها، فما تبرح حتى تقع فيقوم صاحبها بنحرها، فقال قتادة في سبب نُزولها؛ أنّها نزلت لدفع العين عن النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما أراد بعض المُشركون إصابته بها.
موضوعات سورة القلم
تناولت سورة القلم العديد من الموضوعات، وفيما يأتي بيانها:
- تنزيه النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- عما رماه به المُشركون من دعوى الجنون وغيرها، وكذلك بيان نِعِمِ الله -تعالى- عليه بالنُّبوة، وتبشيره بالأجر العظيم على تبليغه الدّعوة، ومدحه بالأخلاق العظيمة، ثُمّ بيانٌ للمُشركين أن الله -تعالى- عالمٌ بمن اتّبع سبيله ممن حاد عنه.
- تحدّي المُعاندين للقُرآن الكريم بالإتيان بمثله؛ ولذلك بدأت سورة القلم بأحد الحُروف ، وفيه بيانٌ لِعجزهم عن ذلك.
- الإشارة إلى التّحدي بمُعجزة الأُميّة، وكذلك تسلية للنبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- لما يُلاقيه من الأذى في دعوته، وإبطال لما يدّعيه المشركون عنه، وإثبات لكمالاته في الدُنيا والآخرة.
- وعيد لبعض المُشركين كأبي جهل بالعذاب الشديد في الآخرة والبلاء في الدُنيا، وبِالمُقابل لقد جاءت سورة القلم على ذكر حال المُتّقين ، كما أمرت النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- بالصبر على ما يلاقيه في سبيل تبليغه لِدعوته، وألّا يضجر كسيدنا يونس -عليه السلام-.