سبب نزول سورة العاديات
سبب نزول سورة العاديات
ذكر مقاتل إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان قد أرسل سريّة، وجعل عمرو بن المنذر الأنصاري أميراً عليها، فتأخّر الجيش شهراً عن موعد عودتهم إلى مكة المكرمة، فبدأ المنافقون يقولون في الناس أنّهم قد قُتلوا ولن يعودوا، فأنزل الله قوله: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) .
والمراد بذلك أنّ خيل المسلمين ها قد أقبلت، وقد أقسم الله بهذه الخيول التي يمتطيها المسلمون أثناء الجهاد في سبيل الله، فتتصاعد أنفاسها وتعلو أصواتها، وتحتكّ أقدامها بالأرض من شدّة سرعتها.
محورها وسبب تسميتها
سُمّيت سورة العاديات بهذا الاسم نسبةً إلى ما افتتحت به السورة الكريمة، والعاديات اسم للخيول التي يركبها المجاهدين في سبيل الله.
وقد دارت موضوعات السورة الكريمة حول ذكرها لمجموعة من الصفات التي قد يتّصف بها الإنسان والتي لا يرغب بها الشارع، وذلك مثل كفران النعمة والجحود بها، وحبّ الدنيا والمال، وحبّه لذاته وتقديم مصلحته على مصالح الآخرين.
ومثل هذه الصفات تؤدي بمن اتّصف بها إلى العقوبة والخسران، وهذه الصفات اتّصف بها الكفار والمنافقين، وورد ذكرها في الآيات من باب تحذير المسلمين من الوقوع فيها والتشبّه بالكفّار.
وذكرت الآيات عدداً من المواعظ التي تذكّر الناس بأنّ مصيرهم بعد الموت الحساب ثمّ الجزاء على أعمالهم، إن كانت خيراً فالجزاء خير، وإن كانت شراً فالجزاء شرّ.
فقال -تعالى-: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، ففيها الحثّ على فعل الخير واجتناب الشرّ،وابتدأت السورة بالقسم من باب التأكيد على جميع الموضوعات التي سترد في الآيات بعد هذا القسم.
التعريف بسورة العاديات
تُعدّ سورة العاديات من السور المكيّة ، وقد جاء نزولها بعد سورة العصر، حيث نزلت العاديات في الفترة التي كانت بين بدايات نزول الوحي وهجرة الصحابة إلى الحبشة.
وفي ترتيب القرآن الكريم وقعت سورة العاديات بعد سورة الزلزلة، وترتبط السورتين معاً فيما ورد من قول الله -تعالى- في سورة الزلزلة، فقال: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) ، ثمّ في سورة العاديات قال -تعالى-: (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) .
وسنذكر بعض الفوائد المستخلصة من سورة العاديات فيما يأتي:
- ورد القسم في السورة بالخيول
التي كانت محطّ اهتمام العرب، وذلك الأمر يتوافق مع طبيعة الإنسان المجبولة على قلّة الصّبر والشكر، وحب المال و البخل والشح فيه، والذي يُلهيه عن الغاية من خلقه وهي العمل لآخرته، بما يحقّق له السعادة والنجاة.
- علم الله بما يحيط بالإنسان
وجميع ما يتعلّق به منذ نشأته إلى مستقرّه، وقد كان خطاب الله في السورة مبنياً على الذم والتوبيخ ليكون فيه عظة وعبرة لمن شاء أن يتفكّر، فيزداد تقوىً وهدىً، ويتجنّب المعصية.
وهذا العلم المتعلّق بالله يشمل جميع الأزمنة من الماضي والحاضر والمستقبل، أمّا الجزاء على الأعمال فيكون بعد القيام بها.