سبب نزول سورة الحجر
سبب نزول سورة الحجر
تُعدَّ معظم الروايات الواردة في سبب نزول سورة الحجر روايات ضعيفة، وقد صحح بعض العلماء ما ورد في سبب نزول بعض آيات محددة منها، وتتميز سورة الحجر عموماً بما تضمنته من مواضيع من مواساة للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث إنَّ نزولها كان في فترة حرجة، وهي فترة ما بين عام الحزن ؛ وهو عام وفاة السيدة خديجة وعمه أبي طالب، وعام الهجرة؛ وهو وقت فراقه لمكة المكرمة.
وهذه السورة عليها طابع هذه الفترة وحاجاتها ومقتضياتها؛ في ضرورة مواجهة تلك الفترة الحرجة، مواجهة تستلزم الفعل والحركة، حيث توجه النبي -صلى الله عليه وسلم-، والجماعة المسلمة معه من المهاجرين إلى المدينة المنورة.
التعريف بسورة الحجر
هي سورة مكيَّة، وهي السورة 54 في ترتيب النزول، والسورة 15 في ترتيب المصحف، ونزلت بعد سورة يوسف وقبل سورة الأنعام، وعدد آياتها 99 آية باتفاق العادّين.
وسُميت هذه السورة بسورة الحجر، ولا يُعرف لها اسم غيره؛ ووجه التَّسمية أنَّ اسم الحِجْرُ لم يُذكر في غير هذه السورة، والحجر: اسم وادٍ بين المدينة المنورة والشام، كان يسكن فيه قوم ثمود ولذا سمّوا بأصحاب الحِجْر ، وإن الكلام عن أصحاب الحجر ورد فيها مع ما أصابهم من هلاك؛ جزاء كفرهم وتكذيبهم للرسول الذي أرسله الله إليهم، وهو نبي الله صالح -عليه السلام-.
فضل سورة الحجر
لم يَرد في كتب التفسير حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ عن فضل سورة الحجر على وجه الخصوص، ولكن ما جاء في فضلها كان من باب الإشارة إلى بعض آياتها في الأحاديث الصحيحة والآثار، إلى جانب الفضل العام للسور القرآنيّة الكريمة لقارئها فالحرف بحسنةٍ والحسنة بعشرة أمثالها.
ومن الأحاديث الواردة في فضل سورة الحجر: (إذا اجتمع أهلُ النارِ في النارِ ومعهم مَن شاء اللهُ من أهلِ القِبلةِ، يقولُ الكفارُ: أَلَمْ تكونوا مسلمينَ؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أَغْنَى عنكم إسلامُكم، وقد صِرْتُم معنا في النارِ؟، قالوا: كانت لنا ذنوبٌ، فأُخِذْنا بها، فيَسْمَعُ ما قالوا، فأَمَر بمَن كان من أهلِ القِبلةِ فأُخْرِجُوا، فلما رأى ذلك أهلُ النارِ قالوا: يا لَيْتَنا كنا مسلمينَ؛ فنخرجُ كما خَرَجُوا، قال: وقرأ رسولُ اللهِ (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وقرآن مُبِينٍ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ).
مواضيع ومقاصد سورة الحجر
سورة الحجر مثل باقي السور المكيّة التي تتحدث في مضمونها العام عن أصول الدين والعقيدة، مثل: التوحيد وإنذار الظالمين والعاصين، بالإضافة إلى حديثها عن الأقوام السابقة وما حلّ بهم نتيجة تكذيب رسل الله -عز وجل- ، كما وتشتمل السورة على موضوعات ومقاصد محددة شتى، ومنها ما يأتي:
- تمنّي الكفار يوم القيامة لو كانوا مسلمين
عندما يرون ما عليه المسلمون من نعيم وما هم مقبلون عليه من عذاب، قال -تعالى-: (رُبَما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا لَو كانوا مُسلِمينَ) .
- بيان أن الله -تعالى- نزّل على مُحمَّد -صلى الله عليه وسلم- القرآن الكريم
الذي تكفل الله ب حفظه من التحريف ، قال -تعالى-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ).
- تقدير الأرزاق بين العباد
قال -تعالى-: (وَجَعَلنا لَكُم فيها مَعايِشَ وَمَن لَستُم لَهُ بِرازِقينَ) .
- لفت الأنظار إلى أن بعض المظاهر الكونيّة الدالة على وحدانية الله -تعالى- وعظيم قدرته
وذلك مثل خلقه نجوم السماء، ومدّه الأرض وتثبيتها بالجبال، وإنبات مختلف النباتات، وإرسال الرياح لواقح، وإنزال الماء من السماء.
- بيان مبدأ تكوين الإنسان
خلق الله الإنسان من صلصال من حمإٍ مسنون؛ حيث أمر الله -تعالى- الملائكة بالسجود لآدم، بعد تمام خلقه سجود تكريم لا سجود عبادة، فسجدوا إلا إبليس، فطرده الله من الجنة لتكبره وعصيانه أمر الله.
- تعهد إبليس أن يُغري بني آدم
ويضلهم، إلا عباد الله المخلصين، قال -تعالى-: (قالَ رَبِّ بِما أَغوَيتَني لَأُزَيِّنَنَّ لَهُم فِي الأَرضِ وَلَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ* إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصينَ).
- ذكر قصة قوم لوط
وما أصابهم من هلاك؛ جزاء إجرامهم وانغماسهم في الفواحش، مع ذكر أصحاب الأيكة ، وأصحاب الحِجر الذين أهلكهم الله.
- نهي النبي مُحمَّد -صلى الله عليه وسلم- عن الحزن على المشركين
بسبب عدم إيمانهم وتصديقهم بنبوته، مع الوصية له بلين الجانب والتواضع للمؤمنين، وتبليغ ما أمره الله -تعالى- بتبليغه من الدين إلى قومه، مع بقائه على عبادة ربه حتى يتوفاه الله -عزَّ وجلَّ-، قال -تعالى-: (وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّكَ يَضيقُ صَدرُكَ بِما يَقولونَ* فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ* وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ).