سبب نزول سورة الإنسان
سورة الإنسان
ذهب الجمهور إلى القول أنّ سورة الإنسان سورة مكية ، ويبلغ عدد آياتها إحدى وثلاثين، وتعدّ السورة السادسة والسبعين وفق الرسم القرآني، أمّا ترتيبها وفق ترتيب نزول السور فهي السورة الثلاثون أو الإحدى وثلاثون حيث نزلت قبل سورة القيامة، وقد سمّيت سورة الإنسان بهذا الاسم لافتتاحها بالحديث عن خلق الإنسان وإيجاده حيث قال الله -تعالى-: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) .
وقد كانت تسمى في عهد السلف بسورة "هل أتى على الإنسان"، فقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الجُمُعَةِ في صَلاةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وهلْ أتَى علَى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)، ومن أسمائها أيضا: سورة الدهر، وسورة الأمشاج وذلك لذكر لفظ الأمشاج فيها دون غيرها من السور، وسورة الأبرار لذكر نعيم الأبرار فيها بهذا اللفظ.
سبب نزول سورة الإنسان
لم يرد في كتب التفسير ذكر سبب نزول سورة الإنسان كاملة، وإنّما ذُكر سبب النزول لبعضٍ من آياتها وبيانها فيما يأتي:
الآية الأولى
وهي قول الله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ، فقد ذكر عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان قد أجّر نفسه للعمل في سقاية النخيل في إحدى الليالي حتى الصباح وكان ذلك مقابل شيء من الشعير، وفي الصباح قبض الشعير وعمد إلى طحن ثلثه، وأخذه إلى أهل بيته لصنع الطعام منه وهو ما يُقال له الجزيرة.
فما أن نضج الطعام حتى جاء إليهم مسكين يطلب شيئا من الطعام فأطعموه، ثمّ عمد -رضي الله عنه- إلى طحن الثلث الثاني وصنعوا منه طعاماً، فما أن نضج حتى جاء إليهم يتيم يطلب شيئا من الطعام فأطعموه، ثمّ صنعوا بالثلث الأخير طعاماً، فما أن نضج حتى جاء إليهم أسير من المشركين يطلب شيئاً من الطعام فأطعموه، فنزلت هذه الآية الكريمة فيهم.
الآية الثانية
وهي قول الله -تعالى-: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) ، فقد ذكر ابن المنذر عن عكرمة أنّه كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد دخل يوماً على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فوجده جالساً على حصير من جريد قد بان أثره على جنبه -صلّى الله عليه وسلّم-.
فبكى -رضي الله عنه-، فسأله رسول الله عن سبب بكائه فأخبره بأنّه قد تذكر كسرى وملكه، وهرمز وملكه، وصاحب الحبشة وملكه، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجلس على حصيرٍ من جريدٍ فأخبره رسول الله أنّ هؤلاء لهم الدنيا ولنا الآخرة فنزلت الآية الكريمة.
الآية الثالثة
وهي قول الله -تعالى-: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) ، حيث ذكر ابن المنذر عن قتادة أنّ أبا جهل قال ذات يوم: "لئن رأيت محمد يصلي لأطأن عنقه" فنزلت هذه الآية الكريمة.