سبب نزول آية تحريم الربا
حرمة الربا
عمل الإسلام على تنظيم المعاملات المالية بين الناس في المجتمع، وأبطل المعاملات المالية التي كانت موجودة في الجاهلية، والتي تعد وسيلة من وسائل الفساد والابتزاز في المجتمع، وأهم هذه المعاملات المالية التي أبطلها الإسلام: الربا ، وقد ورد تحريم الربا في آياتٍ عدَّةٍ، وفيما يلي بيان أسباب نزول هذه الآيات.
سبب نزول آيات تحريم الربا
قال الله تعالى في حرمة الربا: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، ثمّ قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)، فكان النهي عنه قطعيًّا في هذه الآيات.
وجاء في سبب نزول آية تحريم الربا أنّ بني المغيرة من بني مخزوم كانوا يعطون المال مراباةً لبني عمرو بن عوف من قبيلة ثقيف، فلمّا بُعث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة أبطل ما كان من الربا، فجاء بنو عمرو وبنو المغيرة يشكون أمرهم إلى عتاب بن أسيد وكان له شأنٌ في مكّة المكرمة، فقال له بنو المغيرة: "ما جعلنا أشقى الناس بالرّبا، ووضع عن الناس غيرنا"، فقالوا بنو عمرو: "صالحنا على أن لنا ربانا"، فأبلغ عتاب بن أسد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بذلك؛ فأنزل الله تعالى قوله: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) ، وقيل إنّها نزلت في ثقيف ومنهم حبيب ومسعود وربيعة وعبد ياليل، فلمّا سمعت قبيلة ثقيف بذلك قالوا بأنّهم لا يملكون قوَّةً لحرب الله ورسوله، وتابوا إلى الله تعالى، وأخذوا رؤوس أموالهم من غير زيادة ربوية عليها.
مراحل تحريم الربا في القرآن الكريم
جاء في كتاب الله تعالى آياتٌ تدلّ على تحريم الربا إضافةً للآيات السابقة، وكان تحريم الربا على مراحل، فكما حرّم الله تعالى الخمر على مراحل، ومراحل تحريم الربا كما يأتي:
- المرحلة الأولى: بيّن الله تعالى أنّ الربا لا يُبارَك فيه ولا ينميه بخلاف الزكاة التي يبارك الله تعالى فيها؛ حيث قال تعالى: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).
- المرحلة الثانية: بيّن الله تعالى أن الربا من المعاصي التي كان يرتكبها اليهود مع أنّه محرَّمٌ عليهم؛ حيث قال تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرًا* وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
- المرحلة الثالثة: حرّم الله تعالى الربا صراحةً وقطعًا في آياته وقد ورد هذا التحريم في سورة البقرة في آيات سورة البقرة المذكورة آنفًا.