سبب تسمية سورة الزمر بهذا الاسم
سبب تسمية سورة الزمر بهذا الاسم
ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنَّ بعض أسماء سور القرآن الكريم كان بتسمية النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، وبعضها كان باجتهاد من الصحابة -رضوان الله عليهم-،قال الإمام الطبري: "لسور القرآن أسماء سماها بها الرسول -صلى الله عليه وسلم-".
وقد جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء تعليقاً عن تسمية سور القرآن: "لا نعلم نصاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدلُّ على تسمية السور جميعها، ولكن ورد في بعض الأحاديث الصحيحة تسمية بعضها من النبي -صلى الله عليه وسلم- كالبقرة وآل عمران، أما بقية السور فالأظهر أن تسميتها وقعت من الصحابة -رضي الله عنهم-".
أما بخصوص سورة الزمر فمناسبة اسمها لمحتواها؛ أنَّ الله -تعالى- يتكلّم فيها عن تقسيم النّاس فيها إلى زمر أو فرق يوم القيامة بحسب أعمالهم في الدنيا، بحيث يكون هنالك زمرة الكفّار الأشقياء مع بيان حالهم وتوفية جزائهم، وزمرة المؤمنين السعداء وبيان إعزازهم وإكرامهم، ولها اسم آخر هو الغرف لوجود هذا اللفظ فيها أيضاً.
التعريف بسورة الزمر
سورة الزمر هي من السور المكية ورقم ترتيبها في المصحف الشريف هو تسعة وثلاثون، تسبقها سورة ص وتليها سورة غافر، وترتيبها من حيث النزول هو الثامنة والخمسين، عدد آياتها خمسة وسبعون آية، وتتضمن موضوعاً رئيسياً واحداً وهو توحيد الله -تبارك وتعالى-.
هنالك عدة أسباب لنزول سورة الزمر وبيان بعضها ما يأتي:
- ذكر ابن عباس -رضي الله عنه- في سبب نزول سورة الزمر: أنَّ أهل مكة قالوا: "يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرَّم الله لم يُغْفَر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله إلها آخر وقتلنا النفس التي حرَّم الله؟"، فأنزلها الله -تعالى-
- ذكر ابن عباس -رضي الله عنه- أيضاً: "أنَّ ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمد فقالوا: إنَّ الذي تدعوا إليه لحسن أن تخبرنا لما عملناه كفارة"؛ فنزل قوله -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- ذكر ابن عمر -رضي الله عنه-في سبب نزول سورة الزمر: "نزلت هذه الآية في عياش بن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فُتِنُوا وعُذِّبوا فافتتنوا.
- وكنا نقول لا يقبل الله من هؤلاء صرفاً ولا عدلاً أبدًا، قومٌ أسلموا ثم تركوا دينهم بعذابٍ عُذِّبوا به!، فنزلت آيات من سورة الزمر وكان عمر كاتباً فكتبها إلى عياش بن أبي ربيعة والوليد وأولئك النفر فأسلموا وهاجروا".
معنى كلمة زمرا
تُعرَّف كلمة زمراً لغةً بأنَّها: جمع زمرة وهي الجماعة القليلة، ومنه قيل شاة زمرة أي قليلة الشعر، ورجل زمر أي قليل المروءة. ذكرت كلمة زُمراً في القرآن الكريم ومعناها: جماعات متفرقة،وهي صورة دخول جماعات من المؤمنين إلى الجنة ، وجماعات من الكفار إلى النار والعياذ بالله، ومن الآيات التي احتوت على كلمة زمراً ما يأتي:
- قال -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُوا بَلَى وَلَـكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ).
- قال -تعالى-: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)،وفي هذه الآية توضيح لصورة دخول الجماعات من المسلمين إلى الجنة برحمة الله.
يقول قائل كيف يدخلون كجماعات متفرقة مع أنهم جميعاً مؤمنين أو كفار؟ والجواب أنَّ الجماعات من المسلمين يدخلون الجنة زمراً إما بدرجة إيمانهم أو كل حسب عمله الدنيوي، فالمتصدقون يدخلون من باب الصدقة والصائمون من باب الريان وغيرهم من باب الدعوة، فكلٌ له زمرته وإن اشتركوا بأصل الإيمان الذي يدخلهم الجنة برحمة الله -تعالى-.