زيادة كريات الدم البيضاء في البول
زيادة كريات الدم البيضاء في البول
يُعرِّف الأطباء زيادة كريات الدم البيضاء في البول أو البيلة القيحيَّة (بالإنجليزية: Pyuria) بأنَّه ارتفاع في مستوى كريات الدم البيضاء في البول بما يعادل 10 خلايا دم بيضاء على الأقلِّ لكلِّ 1 ملليمتر مكعب من البول الذي تم فحصه بالطرد المركزي، وهذا استجابة لوجود التهاب في الجهاز البولي، ممَّا يؤدِّي بدوره إلى ظهور البول بشكل ضبابي أو وكأنَّه يحتوي على قيح، وما يحدث بالتحديد هو أنَّ الجسم يُظهر استجابة على شكل التهاب نتيجة تعرُّضه لتهيُّج في الأنسجة، وتتمحور هذه الاستجابة الالتهابيَّة بزيادة تدفُّق الدم إلى المنطقة المصابة وتورُّم طفيف في الأنسجة يرافقه ارتشاح خلايا الدم البيضاء للمساعدة على مكافحة التهيُّج، وبشكل عام تُعتبر النساء أكثر عرضة للبيلة القيحيَّة من الرجال، فقد أشارت إحدى الدراسات البحثيَّة التي نشرت في Open Forum Infectious Diseases عام 2019 إلى أنَّ 77% من النساء قد تعرَّضن للإصابة بالبيلة القيحيَّة على الأقلِّ مرَّة واحدة دون ظهور أعراض لإصابتهنَّ بعدوى المسالك البوليَّة (بالإنجليزية: Urinary Tract Infection) واختصارًا UTI.
أعراض ارتفاع كريات الدم البيضاء في البول
في الحقيقة لا ترافق اللبيبة القيحيَّة ظهور أيَّة أعراض محدَّدة، وعادة ما يرتبط ظهور الأعراض بالسبب الكامن وراء زيادة كريات الدم البيضاء في البول، وفي بعض الحالات قد يظهر البول بشكل ضبابي أو قد تظهر رائحة كريهة له، وعادة ما يطلب المرضى الاستشارة الطبيَّة بسبب ظهور هذه الأعراض، وعند الفحص يتبيَّن وجود صديد في البول، وترتبط هذه الأعراض في المعتاد بالإصابة بالعدوى البكتيريَّة في المجاري البوليَّة وترافقها أعراض أخرى مثل التبوُّل المتكرِّر، والشعور بالألم عند التبوُّل، ووجود ألم في البطن أو أسفل الظهر، وفي حالات شديدة قد يعاني المصاب من ارتفاع في درجة الحرارة، وقشعريرة، وغثيان، وتقيُّؤ.
أسباب ارتفاع كريات الدم البيضاء في البول
يجدر بالذكر أنَّ معظم أسباب ارتفاع كريات الدم البيضاء في البول غير خطيرة، لكن يتطلَّب بعضها الخضوع للعلاج، وذلك في العديد من الحالات مثل وجود عدوى في البول أو الكلى، ومن المهم التنبيه إلى أنَّه من الضروري جدّاً مراجعة الطبيب على الفور عند ملاحظة المريض لوجود دم في البول ، وذلك لأن كريات الدم البيضاء في البول لا تكون ظاهرة للعيان ويمكن الكشف عن وجودها فقط عند فحص الطبيب لبول المريض، وفيما يأتي بيان للأسباب الأكثر شيوعاً لارتفاع كريات الدم البيضاء في البول مع التطرُّق للأعراض المرافقة له:
- عدوى المسالك البوليَّة، إذ يتضمَّن التهاب المسالك البوليَّة التهاب الكلى والمثانة والحالبين (بالإنجليزية: Ureters)، وهما الأنبوبان المسؤولان عن نقل البول من الكلى باتجاه المثانة، وكما ذُكر سابقاً فهذا هو السبب الأكثر شيوعاً لارتفاع كريات الدم البيضاء في البول، إذ يزيد جهاز المناعة من إنتاجها لمكافحة العدوى.
- حصى الكلى (بالإنجليزية: Kidney stones)، وهي عبارة عن بلورات تختلف بأحجامها تشكَّلت بسبب تراكم الكالسيوم وغيره من المعادن في البول، وقد تكون هذه الحصوات صغيرة بحجم حبَّة البازيلاء أو كبيرة بحجم كرة جولف، وقد تؤدِّي الحصى كبيرة الحجم إلى منع تدفُّق البول.
- الإصابة بالالتهاب مثل التهاب الكلية الخلالي (بالإنجليزية: Interstitial nephritis)، والتهاب المثانة (بالإنجليزية: Cystitis) والذي ينتج في العادة بسبب عدوى المسالك البوليَّة، كما يمكن تعرُّض المثانة للالتهاب دون وجود عدوى، ويُطلق عليه حينها اسم التهاب المثانة الخلالي (بالإنجليزية: Interstitial cystitis).
- حبس البول ، إذ يسبِّب حبس البول ضعف المثانة وصعوبة إفراغها، كما يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالعدوى بسبب وجود البكتيريا فيه، ممَّا ينتج عنه ارتفاع كريات الدم البيضاء في البول.
- البيلة القيحيَّة المعقَّمة (بالإنجليزية: Sterile Pyuria)، وفيها يرتفع عدد كريات الدم البيضاء في البول دون وجود أيِّ دليل على الإصابة بالعدوى بالاعتماد على فحوصات زراعة الخلايا، وعادةً ما تنتج البيلة القيحيَّة المعقَّمة نتيجة عدوى الأمراض المنقولة جنسيّاً، مثل السيلان (بالإنجليزية: gonorrhea) أو عدوى الفيروسات.
- الإصابة ببعض أنواع السرطانات، مثل سرطان البروستاتا أو المثانة أو الكلى.
- أمراض الدم، مثل فقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle cell anemia).
- استخدام بعض مسكِّنات الألم، ويحدث هذا كردِّ فعل تجاه الأدوية مثل الأسيتامينوفين (بالإنجليزية: Acetaminophen).
- متلازمة العقدة اللمفيَّة المخاطيَّة الجلديَّة، أو كما تُعرَف باسم داء كاواساكي (بالإنجليزية: Kawasaki Disease).
- السل البولي التناسلي (بالإنجليزية: Genitourinary tuberculosis).
- الطفيليَّات.
تشخيص زيادة كريات الدم البيضاء في البول
يُنصح الأشخاص الذين تظهر عليهم أيَّة أعراض قد تدلُّ على ارتفاع نسبة كريات الدم البيضاء في البول بمراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات المختلفة، ومن هذه الفحوصات يمكن ذكر ما يأتي:
- تحليل البول (بالإنجليزية: Urinalysis): يكشف هذا التحليل عن أيَّة أمور غير طبيعيَّة في البول، وقد يكون كافياً للكشف عن أيَّة مشكلات، وفيه يقدِّم المريض عيِّنة من البول والتي من الممكن أن تُحلَّل بإحدى الطرق الثلاثة الآتية:
- الفحص البصري: وذلك من خلال النظر إلى مظهر البول للبحث عن علامات معيَّنة تدلُّ على وجود عدوى أو غيرها من المشكلات، مثل ضبابيَّة البول أو لونه غير المعتاد، ومن الجدير بالذكر أنَّ بعض الأطعمة قد تؤثِّر في لون البول .
- فحص البول بعصا القياس (بالإنجليزية: Dipstick test): وفيه يستعين التقني بعصا بلاستيكيَّة رفيعة ليضعها داخل عيِّنة البول، وتحتوي هذه العصا على شرائط كيميائيَّة يتغيَّر لونها عند وجود مواد معيَّنة في البول.
- الفحص المجهري: يتم في هذا الفحص وضع نقاط من البول تحت المجهر للتمكُّن من رؤية كريات الدم البيضاء إن وجدت.
- فحوصات أخرى: قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات أخرى عند ظهور دم أو مواد أخرى في البول، وذلك للتأكُّد من السبب وراء ذلك فيما إذا كان عدوى أو أمراضاً خطيرة كالتي تم ذكرها سابقاً.
علاج ارتفاع كريات الدم البيضاء في البول
قد تفيد التغييرات في نمط الحياة، مثل: شرب المزيد من الماء، والتبوُّل فور الشعور بالحاجة لذلك، والمحافظة على الصحَّة العامة قدر المستطاع في تخفيف الأعراض المرافقة للحالات الطبيَّة المسؤولة عن زيادة كريات الدم البيضاء في البول، وبما أنَّ عدوى المسالك البوليَّة هي السبب الأكثر شيوعاً للبيلة القيحيَّة فإنَّ العلاج عادةً ما يتضمَّن تناول المضادَّات الحيويَّة لفترة قصيرة، مثل تريميتوبريم-سلفاميتوكسازول (بالإنجليزية: Trimethoprim-Sulfamethoxazole)، أو نيتروفورانتوين (بالإنجليزية: Nitrofurantoin)، وتتضمَّن خيارات المضادَّات الحيويَّة الأخرى التي قد يصفها الطبيب ما يأتي:
- ليفوفلوكساسين (بالإنجليزية: Levofloxacin).
- سيبروفلوكساسين (بالإنجليزية: Ciprofloxacin).
- مينوسيكلين (بالإنجليزية: Minocycline).
- أمبيسيلين (بالإنجليزية: Ampicillin).
- أموكسيسيلين/كلافولانيت (بالإنجليزية: Amoxicillin/Clavulanate).
- إريثروميسين (بالإنجليزية: Erythromycin).
- دوكسيسايكلين (بالإنجليزية: Doxycycline).
- نورفلوكساسين (بالإنجليزية: Norfloxacin).
قد تكون المضادَّات الحيويَّة مفيدة أيضاً في حال الإصابة بالعدوى المنقولة جنسيّاً أو مرض السل، وفي حال عدم تحسُّن المريض بعد إنهائه تناول المضادِّ الحيوي بالكامل فقد يدلُّ ذلك على وجود مشكلة أكثر خطورة، وفي بعض الحالات قد يفيد التوقُّف عن تناول الأدوية التي سبَّبت البيلة القيحيَّة من الأساس في حلِّ المشكلة، ولكن من الضروري عدم التوقُّف أو تغيير أيِّ دواء على الإطلاق دون استشارة الطبيب، ومن المهم التنبيه إلى أنَّه قد لا تكون هنالك حاجة للعلاج من الأساس في حال عدم وجود أيَّة عدوى، وعدم ظهور أيَّة أعراض على المريض.