زوجة النبي يوسف
النبي يوسف عليه السلام
هو يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وقد كان ليوسف -عليه السلام- أحد عشر أخاً من أبيه، واحدٌ منهم فقط من أمه راحيل، وهو بنيامين، وقد منّ الله -تعالى- على يوسف -عليه السلام- بجمال يسلب العقول، حيث كان يُضرب بجماله الأمثال، كما ذكر الله -تعالى- قول النسوة لمّا رأينه، حيث قال: (فَلَمّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ وَقُلنَ حاشَ لِلَّهِ ما هـذا بَشَرًا إِن هـذا إِلّا مَلَكٌ كَريمٌ)، بل قيل إنّ أهل مصر لمّا أصابهم الجفاف، كانوا ينظرون إلى وجه يوسف عليه السلام، فينسون جوعهم من شدّة تلذّذهم بجماله وحسنه، وفي الحقيقة إنّ يوسف -عليه السلام- كان أحبّ أبناء يعقوب عليه السلام إليه، وأقربهم إلى قلبه، ويرجع السبب في ذلك إلى رجاحة عقل يوسف عليه السلام، وسموّ أخلاقه ، بالإضافة إلى موت أمه، والرؤيا التي رآها في منامه، وهي التي ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم ، حيث قال: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ)، فبعد أن سمع يعقوب -عليه السلام- الرؤيا من ابنه الصغير، فهم أنّه سيكون النبي من بعده، فحذّره من أن يقصّ الرؤيا لإخوانه؛ خوفاً من أن يحسدوه ، وليبقى الحب والود بينهم، ولكن سرعان ما شعر إخوة يوسف بالغيرة من حب أبيهم ليوسف، فدخل الشيطان بينهم، وبدأت الأفكار تراودهم، وأرادوا التخلّص من أخيهم الصغير بأي طريقةٍ، فكان أحد الاقتراحات أن يقتلوه، ولكنّهم لم يتشجعوا لتلك الفكرة، وكان الاقتراح الآخر أن يرموه في صحراءٍ قاحلةٍ، بعيداً عنهم، وينتهي أمره بذلك، وقد ذكر الله -تعالى- تآمرهم في القرآن الكريم، حيث قال: (اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم وَتَكونوا مِن بَعدِهِ قَومًا صالِحينَ)، فأجمعوا على إبعاد يوسف -عليه السلام- عن أبيه، ثمّ بدأوا بالتنفيذ، فطلبوا من أبيه أن يبعثه معهم ليلعب ويمرح، فرفض يعقوب -عليه السلام- في بداية الأمر، ولكنّهم استمروا في إقناعه إلى أن أرسله معهم، فلمّا خرجوا بيوسف -عليه السلام- أخذوه إلى بئرٍ، وألقوه فيه، فنزل جبريل عليه السلام، وأبعده حتى لا يصل الماء إليه، وبشّره بالفرج، ورفعة المكانة، وبعدها جاءت قافلةً ليشربوا من البئر، فوجدوا يوسف وأخذوه معهم إلى مصر، حيث باعوه هناك لعزيز مصر الذي ربّاه في بيته، وأمّا إخوة يوسف فعادوا إلى أبيهم ليكملوا المؤامرة، وقالوا له وهم يبكون أنّ الذئب أكل يوسف، ولكنّ يعقوب -عليه السلام- لم يصدّقهم، وعلم أنّهم قد دبّروا أمراً، ولكنّه فوّض أمره إلى الله تعالى، حيث قال: (بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ).
زوجة النبي يوسف عليه السلام
بعد أن لبث يوسف -عليه السلام- في السجن بضع سنواتٍ، مظلوماً صابراً محتسباً، مَنّ الله -تعالى- عليه فخرج من السجن، وبعدها بفترةٍ من الزمن طلب منه الملك الحضور إليه، ونصب له سريراً من ذهب مُزيناً بالدرّ والياقوت، عرضه عشرة أذرعٍ، وطوله ثلاثون ذراعاً، وعليه ثلاثون فراشاً، ثمّ أمره بالخروج، فخرج متوجاً في غاية الجمال والهيبة، فعزل الملك قطفير، وجعل يوسف -عليه السلام- في منصبه، وبعدها بفترةٍ قصيرةٍ مات قطفير، فزوّج الملك يوسف -عليه السلام- زوجة قطفير التي كانت تُدعى راعيل ، فلمّا همّ يوسف الدخول بها، قال لها: (أليس هذا خيراً ممّا كنت تريدين)، فقالت: (أيّها الصدِّيق لا تلمني، فإنّي كنت امرأة حسناء ناعمة كما ترى في دنيا واسعة، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنتَ كما جعلك الله في حسنك وجمالك، فغلبتني نفسي)، فعندما دخل بها يوسف -عليه السلام- وجدها بكراً، فحملت منه، وولدت له غلامين، وهما: ميشا وأفرائيم، فوُلد لميشا موسى، ووُلد لأفرائيم نون، ووُلد لنون يوشع.
يوسف في بيت العزيز
بعد أن اشترى عزيز مصر يوسف -عليه السلام- بثمنٍ بخسٍ، أمر زوجته أن تكرمه، فأكرمته وأحسنت طعامه وشرابه، ولباسه، ونشأ يوسف -عليه السلام- في بيت العزيز عابداً تقياً، وكانت الأيام تمضي ويزداد يوسف -عليه السلام- جمالاً وروعةً، فهو رجلٌ غريبٌ جميلٌ، وفي ريعان القوة والشباب، بينما كان زوجها حصوراً لا يأتي النساء، وهي امرأةٌ ذات منصب وجمال، ويوماً بعد يوم كان قلبها يتعلّق بيوسف عليه السلام، وبقيت على هذه الحال فترةً من الزمن، وفي أحد الأيام وبينما كانت في خلوةٍ مع يوسف عليه السلام، عزمت على أن تنطفىء نار عشقها له، فتزيّنت وتجمّلت، ثمّ غلقّت الأبواب، وعرضت نفسها على يوسف -عليه السلام- بصريح العبارة، كما ذكر الله تعالى الموقف في قوله: (وَراوَدَتهُ الَّتي هُوَ في بَيتِها عَن نَفسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبوابَ وَقالَت هَيتَ لَك)، فكانت فتنةً عظيمةً، ولكنّ يوسف -عليه السلام- ردّ عليها بيقين الصالحين قائلاً: (مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبّي أَحسَنَ مَثوايَ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ)، فأصرّت المرأة على ما تريد، فقد كانت لا ترى إلّا جمال يوسف عليه السلام، إلّا أنّ الله حفظه كما يحفظ أنبيائه وعباده المخلصين، ويعصمهم من الوقوع في الفواحش والمنكرات، فصرف الله -تعالى- عنه السوء، وتحرّك في قلب يوسف -عليه السلام- الحياء والخجل والخوف من الله تعالى، كما قال الله تعالى: (وَلَقَد هَمَّت بِهِ وَهَمَّ بِها لَولا أَن رَأى بُرهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ).