ما كفارة الزنا
كفارة الزنا
الأصل أن يستر الإنسان نفسه إذا ستره الله بعد اقتراف الذنب ولا يفضحها، ويتوب ويرجع إلى الله، والزّنا كغيرها من المعاصي لها كفارة، وكفارتها الرّجوع والتوبة إلى الله -تعالى-، ويتحقّق ذلك بالنّدم على فعل المعصية وتركها والإقلاع عنها، مع العزم على عدم العودة إليها، وإذا أخلص النيّة بتوبته تاب الله عليه، وقَبِل منه ما قدّمه من الصّالحات، قال -تعالى-: (إِلّا مَن تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَأُولـئِكَ يَدخُلونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمونَ شَيئًا).
عقوبة الزنا في الدنيا
أوجب الله -عزّ وجل- عقوبة على مَن يرتكب فعل الزّنا، وتعدّ عقوبته من أشدّ العقوبات، وذلك لما يترتب عليه من آثار سيّئة على الأعراض والأنساب، وتدمير لكيان الأسرة، وانتشارالأمراض، وفساد المجتمعات، ويختلف مقدار الحد بناء على كون الزّاني محصن أو غير محصن، وبيان ذلك فيما يأتي:
- حدّ المحصن (الزاني الذي سبق له زواج صحيح): حدّ الزّنا للمحصن أو المحصنة هو الرّجم حتى الموت.
- حدّ غير المحصن (البكر غير المتزوج): أجمع الفقهاء على أنّه إذا ثبت زنا غير المحصن، فإنّه يُجلد مئة جلدة سواء كان الزّاني رجلاً أو امرأة، قال -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).
وتعدّدت آراء الفقهاء في التغريب لمدة عام كما يأتي:
- الشافعيّة والحنابلة: ذهبوا إلى أنّ البكر الحر الذكر يُغرّب عام مع الجلد، لحديث عبادة بن الصامت -رضيَ الله عنه-: (خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قدْ جَعَلَ اللَّهُ لهنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِئَةٍ ونَفْيُ سَنَةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ جَلْدُ مِئَةٍ، والرَّجْمُ)، وأمّا الأنثى يكون تغريبها مع محرم.
- المالكيّة: ذهبوا إلى تغريب البكر الذكر، ولا يرون تغريب الأنثى؛ لأنّه قد يترتّب على ذلك مفسدة.
- الحنفيّة: ذهبوا إلى عدم تغريب البكر مطلقا ذكراً أو أنثى، لأنّ التغريب منسوخ، ولكن إن رأى الإمام مصلحة في التغريب يفعلها من باب السياسة الشرعيّة.
عقوبة الزنا يوم القيامة
إذا زنى الزّاني ولم يتب في الدنيا، فإنّه في الآخرة يجمع في تنور في نار جهنم مع الزّناة والزّواني عراة.
أسباب التغليظ في عقوبة الزنا
شدّد الشارع الحكيم على عقوبة الزّنا وجعلها مغلّظة، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها ما يأتي:
- يعدّ الزّنا سبب لانتشار الأمراض الخطيرة والفتاكة في الأبدان، فتُنقل من الآباء إلى الأبناء، ومن الأبناء إلى أبنائهم، فتكون سبباً في انتشارها في المجتمع؛ كمرض الإيدز، والزهري، وغيرها من الأمراض الخطيرة.
- يفسد نظام البيت، ويُهدد كيان الأسرة المسلمة، وتضيع الأنساب وتختلط، كما أنّه يقطع العلاقة الزوجيّة.
- يكون فيه تغرير بالزّوج، فإنّ الزوجة تحمل من غير زوجها، فيُربي الزّوج ابن غير ابنه.
- تعم الفوضى في المجتمع، وتتنشر جريمة القتل، فالإنسان غيور في طبعه، فقد يُقدم على قتل من ارتكب الفاحشة.
ملخص المقال: تكون كفارة الزّنا بالتوبة إلى الله -تعالى- توبة نصوحة، والإقلاع عن فعل الزّنا وعدم الرجوع إليه، فإن لم يتب الزاني فقد أعدّ الله -عزّ وجل- عقاباً شديداً لمن يفعل هذا الذنب في الدنيا والآخرة، وذلك لعظم جريمة الزّنا وما يترتّب عليها من آثار سلبيّة تعود على الفرد، والأسرة، والمجتمع بأسره.