تعريف التضخم
التضخم
يعُرف التضخّم في اللغة الإنجليزيّة بمصطلح (Inflation)؛ وهو مفهوم يُستخدم للإشارة إلى الحالة الاقتصاديّة، والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات، مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائيّة المرتبطة بسعر صرف العملة، والتي تؤثر في قطاع الأعمال؛ وتحديداً في الشركات الصناعيّة والخدميّة، ويُعرف التضخّم أيضاً بأنّه الزيادة العامة في أغلب قيم الأسعار، ويرافقها تأثير في قيمة النقود المتداولة، ممّا يؤدّي إلى انخفاض في قيمتها الفعليّة، ومن التعريفات الأخرى للتضخّم هو زيادة في حجم النقود في السوق ، والذي ينتج عنه فقدان للقيمة الحقيقيّة للعملات، ويقابله ارتفاع في سعر السلع، والخدمات في الأسواق التجاريّة.
تاريخ التضخم
يعود استخدام مفهوم التضخم لأول مرة إلى الاقتصاديّات الأوروبيّة؛ وتحديداً في تاريخ أوروبا الحديث ، فاستُخدم كمقياس لأسعار الاستهلاك في فترة الثورة الصناعيّة ، فكان التضخّم وسيلة لتحديد متوسط الأسعار موزّعة على المواد التموينيّة، وانتشر مصطلح التضخم بشكل ملحوظ في القطاعات الاقتصاديّة في إسبانيا ، وإنجلترا ، وبروكسل ؛ إذ كان مؤشر سعر الصرف للعملات في هذه المناطق مساوياً للقوة الشرائيّة قبل أن يُظهر ارتفاعاً ملحوظاً، مما أدّى إلى عدم التوازن بين المؤشرات الاقتصاديّة، وأُطلق على هذا الأمر اسم التضخّم.
أنواع التضخم
يُقسم التضخّم إلى مجموعة من الأنواع، والتي تؤثر في قطاعات الاقتصاد المختلفة، وهي:
- التضخم الأصيل: هو التضخّم الذي يُعرف أيضاً باسم التضخّم العادي؛ وينتج بسبب زيادة عدد السكان ، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع حاجاتهم الاستهلاكيّة؛ لذلك تصدر الحكومات كميّة كبيرة من العملات، ويؤدّي ذلك إلى ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكيّة في السوق.
- التضخم على الطلب: هو التضخّم الذي يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار بسبب الطلب الزائد على السلع، والخدمات والذي يظهر بوضوح من خلال مقارنة الفرق في الأسعار بين المنتجات المصنوعة محليّاً، والمستوردة من الدول الأخرى، وقد يظهر هذا التضخم بشكل مؤقّت، أو يستمرّ لفترة زمنيّة طويلة، ويشمل عادة السلع الغذائيّة الأساسيّة، والرحلات السياحيّة في موسم العطلات.
- التضخم المتسلّل: هو التضخّم الذي يبدأ بطريقة تدريجيّة؛ إذ تنخفض معدلات الإنتاج ، مما يؤدّي إلى قلة توافر السلع والخدمات؛ وينتج عن ذلك ارتفاع تدريجيّ في أسعارها؛ بسبب زيادة شراء السلع بهدف تخزينها، مما يؤدّي إلى توقف نمو الإنتاج.
- التضخم المفرط: هو التضخّم الذي يحدث عند الانتقال من قطاع اقتصادي حالي، إلى قطاع اقتصادي جديد، وقد يحدث أحياناً نتيجة للحروب؛ لذلك يُعتبر من أصعب أنواع التضخّم، وأكثرها سلبيّة على المجتمعات.
- التضخم المكبوت: هو التضخّم الذي يظهر بعد حرص الحكومة على زيادة ضخ النقود؛ بسبب النفقات العامة والتي تؤدّي لاحقاً إلى زيادة في أسعار الخدمات، والمنتجات في الأسواق؛ لذلك تتدخل الحكومة من أجل تحديد الحدّ الأعلى للأسعار، مما يساهم في ضبط التعامل مع عمليات البيع والشراء.
- التضخم المستورد: هو التضخّم الذي ينتج عن تأثير ارتفاع أسعار السلع التي يتمُّ استيرادها، والتي تؤدّي لاحقاً إلى رفع أسعار السلع المحليّة.
- التضخم الركودي: هو التضخّم الذي يحدث أثناء فترة الركود على الطلب، والذي يؤدي إلى انخفاض أو توقف الإنتاج، مما يعكس نتائج سلبيّة على مجموعة من المؤشرات الاقتصاديّة، مثل: ارتفاع نسبة البطالة ، وزيادة معدل الاحتكار للسلع.
أسباب التضخم
يعتمد ظهور التضخم على الأسباب الآتية:
- زيادة الطلب: هو من أكثر الأسباب أهميّة وتأثيراً، والتي تؤدي إلى حدوث التضخم بشكل مستمر؛ إذ تزداد كمية المال مع قلة السلع، والتي يقابلها زيادة في الطلب؛ وقلة في عرض السلع.
- ارتفاع أسعار التكاليف الإنتاجيّة: وهي التي تؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات؛ من أجل محافظة الشركات على تحقيق الأرباح الهامشيّة، وينتج عنها زيادة تكاليف الإنتاج، والأجور، وغيرها من التكاليف الأخرى.
الحد من التضخم
توجد مجموعة من الوسائل، والطُرق التي تساعد على الحد من التضخم، ومنها:
- مواجهة الأسباب المباشرة وغير المباشرة، والتي تؤدّي إلى حدوث التضخّم على نطاق واسع في المجتمعات؛ من خلال استخدام مجموعة من السياسات والوسائل الماليّة ، والنقديّة التي تؤدّي إلى احتواء التضخّم.
- استغلال كافة الموارد المتاحة (الطاقة الإنتاجيّة)، والتي تساهم في توفير الإنتاج المحلي بأسعار مقبولة، ومناسبة ومن الممكن الاستفادة منه ليغطي نسبة مرتفعة من حاجات السكان.
- الحرص على تعزيز تحقيق التوازن في سعر صرف العملات، والذي يساهم في الحدّ من إصدار النقود، وزيادة الأسعار بشكل عام.
نظريات التضخم
اهتم العديد من علماء الاقتصاد في دراسة ظاهرة التضخم، مما دفعهم إلى صياغة مجموعة من النظريات التي تساعد على دراستها، ومن أهمها:
النظرية الكميّة
تُعرف النظرية الكمية في اللغة الإنجليزيّة بمصطلح (Quantity Theory)؛ وهي من أقدم النظريات التي اهتمت بدراسة التضخم؛ عن طريق تحديد الأسعار بالاعتماد على القيمة الماليّة؛ إذ تفترض كمية محددة من المال؛ والذي يجب أن يحتفظ به الناس، من أجل استخدامه في نفقاتهم اليومية؛ وخصوصاً الثابتة منها، مثل: شراء الأشياء الأساسيّة، ودفع الفواتير الاستهلاكيّة، وغيرها.
تعود الأفكار الأولى إلى النظرية الكمية للقرن الثامن عشر للميلاد؛ وتحديداً إلى المفكر الاقتصاديّ ديفيد هيوم، والذي افترض القدرة على الإنتاج ، بما يتناسب مع الكميّات المخصّصة للاستهلاك بشكل واقعي، ولكن لم يستمرّ تطبيق الأفكار الخاصة في هذه النظريّة؛ بسبب اندلاع الحروب العالميّة، وما أثرته في الاقتصاد الدوليّ، ولكن في منتصف القرن العشرين للميلاد ظهر العالم والمفكر الاقتصاديّ ميلتون فريدمان، والذي اهتم بتطوير أفكار النظريّة الكميّة؛ عن طريق دراسة الكميات المعروضة من النقود، ومن ثم قياس مؤشر التداول الخاص بها؛ من أجل السيطرة على التضخّم.
النظرية الكينزيّة
تُعرف النظرية الكينزية في اللغة الإنجليزيّة بمصطلح (Keynesian Theory)؛ وهي النظرية التي صاغها عالم الاقتصاد جون كينز، والتي تشير إلى أنّ الأفراد يميلون للاستهلاك من المبالغ الإضافيّة، والتي يحصلون عليها نتيجة للعمل الإضافيّ الخاص بهم، وتؤثر بشكل عام في مستويات الدخل ، وتساعد هذه النظرية على وضع مجموعة من التنبؤات حول معايير الإنفاق على السلع والخدمات، وأيضاً تساهم النظريّة الكينزيّة في دراسة النشاط الاقتصادي، ومستويات الاستثمار؛ وخصوصاً في المجالات الصناعيّة، والتي توفر التحكم المطلوب بالمؤشرات الماليّة.