ذبح الخروف في عيد الأضحى
كيفيّة ذبح الخروف
يتحقّق الذَّبْح بالطريقة المشروعة باتّباع الخطوات الآتي بيانها:
- توجيه البهيمة نحو القبلة؛ لأنّ القبلة أعظم الجهات وأشرفها، ولأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وجّه أُضحيته إلى القِبلة عندما ضحّى، كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- يفعلون ذلك.
- إضجاع البهيمة على شقّها الأيسر، مع رَفْع رأسها، ويجوز مع الكراهة إضجاعها على شقّها الأيمن إن كان الذابح أعسراً.
- تمرير السكّين على حَلْق البهيمة، حتّى تصل إلى عظام الرقبة.
- قطع الأوداج -والأوداج: جمع وَدَج، وهو العرق الذي إن قُطِع تنتهي الحياة-، مع الإسراع في قطعها، وكراهة قَطْع بعضها دون الآخر.
- تَرْك رِجل البهيمة اليمنى بعد ذبحها؛ لِتستريح بتحريكها.
- الإحسان إلى البهيمة؛ وذلك بإحداد السكّين قبل الذَّبْح، وعدم فعل ذلك أمامها، وتجنّب ذَبْحها أمام غيرها، وعدم ضربها أو جرّها؛ وذلك امتثالاً لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ).
شروط الأُضحية من الغنم
يُشترط في الأُضحية من الغنم عدّة شروطٍ، وهي كالآتي:
- بلوغ السنّ المحدّد شرعاً
يُشترط في الماعز أن يكون قد أتمّ السنتَيْن ودخل بالثالثة، ويُشترط في الضَّأن أن يكون أتمّ السَّنة ودخل بالثانية، وقد أجاز الحنفيّة أُضحية الضَّأن إن أتمّ ستّة أشهرٍ بشرط أن يكون سميناً كثير اللحم، ويُشترط في البقر أن يكون قد أتمّ سنَتين وشرع في الثالثة، أمّا الإبل فيشترط إتمام خمس سنواتٍ والشروع في السادسة.
- السلامة من العيوب: يُشترط في الأُضحية أن تكون خاليةً ممّا يعيبها عيباً يضرّ بها فيُسبّب نقصاناً وفساداً في لحمها، ويُقاس عليها كُلّ عيبٍ يُسبّب في إنقاص اللحم والهزال؛ فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يجوزُ مِن الضَّحايا أربعٌ: العَوْراءُ البيِّنُ عَوَرُها والعَرْجاءُ البيِّنُ عرَجُها والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها والعَجْفاءُ الَّتي لا تُنقي)، وهذه العيوب هي:
- العَوَر البيّن: وهو فقدان البَصَر في إحدى عينَيْ البهيمة، أمّا إن كانت الإصابة خفيفةٌ فلا يضرّ.
- العَرَج البيّن: وهو الذي يمنع البهيمة من المشي، والرَعي، وطلب الطعام، وإن كان العرج خفيفاً فلا يضرّ.
- المرض البيّن: وهو المرض الذي تظهر أعراضه على البهيمة؛ فيمنعها من الأكل والحركة.
- العجفاء: هي البهيمة الهزيلة التي زال مخّ عظامها بسبب الضعف.
الأُضحية
تعريف الأُضحية
الأُضْحية بضمّ الهمزة أو كسرها، وتشديد الياء أو تخفيفها، والجمع منها: أضاحي، مأخوذةٌ من الضَّحْوة؛ وهو وقت ارتفاع الشمس، ووقت صلاة الضحى ، أمّا الأُضحية في الاصطلاح الشرعيّ فهي: ما يُذبَح من بهيمة الأنعام؛ تقرّباً إلى الله -عزّ وجلّ-، من يوم عيد الأضْحى إلى آخر يومٍ من أيّام العيد.
مشروعيّة الأُضْحية
الأُضْحية من شعائر الإسلام التي ثبتت مشروعيّتها في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وإجماع المسلمين، فأمّا القرآن فقال الله -عزّ وجلّ-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال -تعالى-: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ).
ومن السنّة النبويّة قَوْل النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَن فَعَلَهُ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ قَبْلُ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ)، وما رواه الصحابيّ الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه-، حيث قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا).
أمّا الإجماع؛ فقد أجمع المسلمون على مشروعيّة الأُضحية ولم يُخالف في ذلك أحدٌ، إلّا أنّ العلماء تعددت آراؤهم في حُكم الأُضحية؛ هل هي واجبةٌ أم سنّة مؤكّدة، وبيان أقوالهم على النحو الآتي:
- القول الأوّل: جمهور الفقهاء
ذهب المالكيّة ، والشافعيّة، والحنابلة إلى القول بأنّ الأُضحية سنّة مؤكّدة للقادر عليها، واستدلّوا على ذلك بقَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا).
حيث إنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- علّق الأُضحية بالإرادة بقوله: "وأراد أحدكم أن يُضحّي"؛ فلو كانت الأُضحيةُ واجبةً لَمَا علّقها بالإرادة، كما كان أبو بكر الصِّديق وعمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما- لا يُضحّيان في السَّنة والسَّنتيْن؛ خوفاً من اعتقاد النَّاس بوجوبها.
- القول الثاني: الإمام أبو حنيفة
ذهب إلى أنّ الأُضحية واجبةٌ على المسلم القادر، واستدلّوا على ذلك بقَوْل الله -تعالى-: (فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)؛ فكلمة (وانحر) فعل أمرٍ، والأمر يفيد الوجوب، بالإضافة إلى قَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن كان له سَعَةٌ ولم يُضَحِّ ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا)، فهو أشبه بالوعيد لمن ترك الأُضحية، ولا يكون الوعيد إلّا على ترك واجبٍ.
الحيوان المُضحَّى به
اتّفق العلماء على أنّ الأضحية لا تصحّ إلّا إن كانت من الأنعام، وهي: الإبل والبقر ومنها الجواميس، والغنم بأنواعها، ويصحّ من كُلّ ذلك الذكور والإناث، فقد قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ).
وقت الأُضْحية
يبدأ وقت ذبح الأُضْحية من بعد صلاة عيد الأضحى ، ويستمرّ حتّى غروب شمس آخر يومٍ من أيّام التشريق؛ وهي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحِجّة، وأفضل وقتٍ لذبحها بعد الانتهاء من صلاة العيد.
وذلك اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث قال: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَن فَعَلَهُ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ قَبْلُ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ).
فَضْل الأُضحية
تترتّب العديد من الفضائل على الأُضحية؛ ومنها ما يأتي:
- الأضحية من شعائر الله -عزّ وجلّ-
قال -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، وهذا يدلّ على عظيمِ منزلتها، وجميل أدائها كونها من معالم الدّين وشرائعه، بالإضافة إلى ما ورد في السّنة المطهّرة على فضلها في حديث البراء -رضي الله عنه-.
وهو قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ)، وهذا الحديث الشريف تأكيدٌ على أفضليّتها، وأنّها شعيرةٌ من شعائر الله -تعالى-، كما أنّها سنةٌ من سُنَنِ الإسلام.
- في ذبح الأُضحية تتجلّى معاني القُرُبات بأسمى الطاعات إلى ربّ الأرض والسماوات، وممّا جاءَ في القرآن الكريم على سعةِ مكانتها اقترانها في عدّة مواضع ب الصّلاة ؛ ممّا يُعلي قدرها، ويحُضّ عليها، ويُرغّب فيها.