ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
التعريف بديوان حسان بن ثابت الأنصاري
حسان بن ثابت؛ هو الشاعر المُخضرم والصحابي الجليل أبو الوليد حسُّان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيدُ مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النَّجَّارالأنصاريّ الخزرجي من قبيلة الخزرج، تَاريخ ميلاده غير مَعروف على نحو دقيق غير أنّ تَاريخ وفاته مُدوّن بنحو 54 للهجرة الموافق 674 للميلاد.
ذُكرَ أنّه عاش 60 عامًا من حياته في الجاهلية وأسلم عام الهجرة ليعيش بعدها نحو 60 عامًا أُخرى في الإسلام، كان يُلقّب بشاعر النبيّ-صلى الله عليه وسلم- وهو من سكان يَثرب التي صارت تُعرف فيما بعد بالمدينة المنورة.
بَلغت القصائد الطويلة في ديوانه 115 قصيدة، و133 مَقطّوعة، ويبلغ عدد الأبيات في ديوانه نحو 2500 بيت، وصَدرت لِديوانه طَبعات كَثيرة ذكرها الدكتور وليد عرفات في مقدمته لديوان حسّان بن ثابت، وهي إحدى عشرة طبعة، منها ما يأتي:
- طبعةُ دار الكُتب العلمية في بَيروت التي صَدرت عام 1994م بتحقيق عبد مهنا.
- طَبعة دَار المَعرفة في بيروت بتحقيق عبد الله سنده وقد صدرت عام 2006م.
- طبعة دَار الكتاب العربي ضمن سلسلة بعنوان: شعراؤنا سنة 2003.
البحور الشعرية في ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
كتب حسان بن ثابت على كثير من البحور الشعرية ، ومنها ما يأتي:
- البحر الوافر:
عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ
- إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ
- البحر الكامل:
تَبَلَت فُؤادَكَ في المَنامِ خَريدَةٌ
- تَشفي الضَجيعَ بِبارِدٍ بَسّامِ
- البحر الخفيف:
مَنَعَ النَومَ بِالعَشاءِ الهُمومُ
- وَخَيالٌ إِذا تَغورُ النُجومُ
- البحر الطويل:
أَلا أَبلِغِ المُستَمِعينَ لِوَقعَةٍ
- تَخِفُّ لَها شُمطُ النِساءِ القَواعِدُ
- البحر المتقارب:
أولَئِكَ قَومي فَإِن تَسأَلي
- كِرامٌ إِذا الضَيفُ يَوماً أَلَم
الكتب التي شرحت ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
اعتنى العلماء والباحثون بشرح ديوان حسَان بن ثابت الأنصاريّ رضي الله عنه، ومن تلك الكتب التي وضعت لشرح ديوان حسان ما يأتي:
- شرح البرقوقي
للأديب المصري عبد الرحمن البرقوقي، وقد صَدر هذا الكتاب أول مرّة سنة 1929م، وصدرت طبعة جديدة من الكتاب عام 2003م عن دار الكتاب العربي ضمن سلسلة بعنوان: شعراؤنا.
- شرح عبد مهنا
هذا الشرح وضعه المحقق عبد مهنا ضمن ديوان حسّان بن ثابت الذي حَققه وصدر عن دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1994.
- شرح عبد الله سنده
هذا الشَرح وضَعه المُحقق عبد الله سنده وهو يُحقق الديوان، وكان عبارةً عن شَرح للمفردات الغريبة، وقد صَدر عن دار المعرفة في بيروت سنة2006 .
قصائد من ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
تَرك حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- وراءه كثيرًا من القصائد الطويلة ، ومنها ما يأتي:
قصيدة: قد عفا جاسم إِلى بيت راس
قال يصف الشام في عيد النصارى:
قَد عَفا جاسِمٌ إِلى بَيتِ راسٍ
- فَالجَوابي فَجانِبِ الجَولانِ
فَحِمى جاسِمٍ فَأَبنِيَةِ الصُفْـ
- ـفَرِ مَغنى قَنابِلَ وَهِجانِ
فَالقُرَيّاتِ مِن بِلاسَ فَدارَي
- يْا فَسَكّاءَ فَالقُصورَ الدَواني
قَد دَنا الفِصحُ فَالوَلائِدُ يَنظِمـ
- ـنَ سِراعًا أَكِلَّةَ المَرجانِ
يَتَبارَينَ في الدُعاءِ إِلى الـلَّ
- ـهِ وَكُلُّ الدُعاءِ لِلشَيطانِ
ذاكَ مَغنًا لِآلِ جَفنَةَ في الدَيـ
- ـرِ وَحَقٌّ تَصَرَّفُ الأَزمانُ
صَلَواتُ المَسيحِ في ذَلِكَ الدَيـ
- ـرِ دُعاءُ القِسّيسِ وَالرُهبانِ
قَد أَراني هُناكَ حَقَّ مَكينٍ
- عِندَ ذي التاجِ مَقعَدي وَمَكاني
قصيدة: شق له من اسمه كي يجله
قال يمدح النبي عليه الصلاة والسلام:
شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي يُجِلَّهُ
- فَذو العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ
نَبِيٌّ أَتانا بَعدَ يَأسٍ وَفَترَةٍ
- مِنَ الرُسلِ وَالأَوثانِ في الأَرضِ تُعبَدُ
فَأَمسى سِراجاً مُستَنيراً وَهادِياً
- يَلوحُ كَما لاحَ الصَقيلُ المُهَنَّدُ
وَأَنذَرَنا ناراً وَبَشَّرَ جَنَّةً
- وَعَلَّمَنا الإِسلامَ فَاللَهَ نَحمَدُ
وَأَنتَ إِلَهَ الحَقِّ رَبّي وَخالِقي
- بِذَلِكَ ما عُمِّرتُ في الناسِ أَشهَدُ
تَعالَيتَ رَبَّ الناسِ عَن قَولِ مَن دَعا
- سِواكَ إِلَهاً أَنتَ أَعلى وَأَمجَدُ
لَكَ الخَلقُ وَالنَعماءُ وَالأَمرُ كُلُّهُ
- فَإِيّاكَ نَستَهدي وَإِيّاكَ نَعبُدُ
لِأَنَّ ثَوابَ اللَهِ كُلَّ مُوَحِّدٍ
- جِنانٌ مِنَ الفِردَوسِ فيها يُخَلَّدُ
قصيدة: من مبلغ الصديق قولًا كأنه
قال مخاطبًا أبا بكر الصدّيق -رضي الله عنهما- أيّام حُروب الردّة:
مَن مُبلِغُ الصِدّيقِ قَولاً كَأَنَّهُ
- إِذا قُصَّ بَينَ المُسلِمينَ المَبارِدُ
أَتَرضى بِأَنّا لَم تَجِفَّ دِماؤُنا
- وَهَذا عَروسٌ بِاليَمامَةِ خالِدُ
يَبيتُ يُناغي عِرسَهُ وَيَضُمُّها
- وَهامٌ لَنا مَطروحَةً وَسَواعِدُ
إِذا نَحنُ جِئنا صَدَّ عَنّا بِوَجهِهِ
- وَتُلقى لِأَعمامِ العَروسِ الوَسائِدُ
وَما كانَ في صِهرِ اليَماميَّ رَغبَةٌ
- وَلَو لَم يُصِب إِلّا مِنَ الناسِ واحِدُ
فَكَيفَ بِأَلفٍ قَد أُصيبوا كَأَنَّما
- دِمائُهُمُ بَينَ السُيوفِ المَجاسِدُ
فَإِن تَرضَ هَذا فَالرِضا ما رَضيتَهُ
- وَإِلّا فَغَيِّر إِنَّ أَمرَكَ راشِدُ
قصيدة: كنا ملوك الناس قبل محمد
قال يفتخر بقومه وفضلهم قبل الإسلام وبعده:
كُنّا مُلوكَ الناسِ قَبلَ مُحَمَّدٍ
- فَلَمّا أَتى الإِسلامُ كانَ لَنا الفَضلُ
وَأَكرَمَنا اللَهُ الَّذي لَيسَ غَيرَهُ
- إِلَهٌ بِأيّامٍ مَضَت ما لَها شَكلُ
بِنَصرِ الإِلَهِ وَالنَبِيِّ وَدينِهِ
- وَأَكرَمَنا بِاِسمٍ مَضى ما لَهُ مِثلُ
أولَئِكَ قَومي خَيرُ قَومٍ بِأَسرِهِم
- فَما عُدَّ مِن خَيرٍ فَقَومي لَهُ أَهلُ
يَرُبّونَ بِالمَعروفِ مَعروفَ مَن مَضى
- وَلَيسَ عَلى مَعروفِهِم أَبَداً قُفلُ
إِذا اِختَبَطوا لَم يُفحِشوا في نَدِيِّهِم
- وَلَيسَ عَلى سُؤالِهِم عِندَهُم بُخلُ
وَحامِلُهُم وافٍ بِكُلِّ حَمالَةٍ
- تَحَمَّلَ لا غُرمٌ عَلَيهِ وَلا خَذلُ
وَجارُهُمُ فيهِم بِعَلياءَ بَيتُهُ
- لَهُ ما ثَوى فينا الكَرامَةُ وَالبَذلُ
وَقائِلُهُم بِالحَقِّ أَوَّلَ قائِلٍ
- فَحُكمُهُمُ عَدلٌ وَقَولُهُمُ فَصلُ
إِذا حارَبوا أَو سالَموا لَم يُشَبِّهوا
- فَحَربُهُمُ خَوفٌ وَسِلمُهُمُ سَهلُ
وَمِنّا أَمينُ المُسلِمينَ حَياتَهُ
- وَمَن غَسَّلَتهُ مِن جَنابَتِهِ الرُسلُ
قصيدة: هل رسم دارسة المقام يباب
قال يوم غزوة الخندق:
هَل رَسمُ دارِسَةِ المَقامِ يَبابِ
- مُتَكَلِّمٌ لِمُسائِلٍ بِجَوابِ
قَفرٌ عَفا رِهَمُ السَحابِ رُسومَهُ
- وَهُبوبُ كُلِّ مُطِلَّةٍ مِربابِ
وَلَقَد رَأَيتُ بِها الحُلولِ يَزينُهُم
- بيضُ الوُجوهِ ثَواقِبُ الأَحسابِ
فَدَعِ الدِيارَ وَذِكرَ كُلِّ خَريدَةٍ
- بَيضاءَ آنِسَةِ الحَديثِ كَعابِ
وَاِشكُ الهُمومَ إِلى الإِلَهِ وَما تَرى
- مِن مَعشَرٍ مُتَأَلِّبينَ غِضابِ
أَمّوا بِغَزوِهِمِ الرَسولَ وَأَلَّبوا
- أَهلَ القُرى وَبَوادِيَ الأَعرابِ
جَيشٌ عُيَينَةُ وَاِبنُ حَربٍ فيهِمِ
- مُتَخَمِّطينَ بِحَلبَةِ الأَحزابِ
حَتّى إِذا وَرَدوا المَدينَةَ وَاِرتَجَوا
- قَتلَ النَبِيِّ وَمَغنَمَ الأَسلابِ
وَغَدَوا عَلَينا قادِرينَ بِأَيدِهِم
- رُدّوا بِغَيظِهِمِ عَلى الأَعقابِ
بِهُبوبِ مُعصِفَةٍ تُفَرِّقُ جَمعَهُم
- وَجُنودِ رَبِّكَ سَيِّدَ الأَربابِ
وَكَفى الإِلَهُ المُؤمِنينَ قِتالَهُم
- وَأَثابَهُم في الأَجرِ خَيرَ ثَوابِ
مِن بَعدِ ما قَنِطوا فَفَرَّجَ عَنهُمُ
- تَنزيلُ نَصِّ مَليكِنا الوَهّابِ
وَأَقَرَّ عَينَ مُحَمَّدٍ وَصِحابِهِ
- وَأَذَلَّ كُلَّ مُكَذِّبٍ مُرتابِ
مُستَشعِرٍ لِلكُفرِ دونَ ثِيابِهِ
- وَالكُفرُ لَيسَ بِطاهِرِ الأَثوابِ
عَلِقَ الشَقاءُ بِقَلبِهِ فَأَرانَهُ
- في الكُفرِ آخِرَ هَذِهِ الأَحقابِ
قصيدة: هل المجد إلا السؤدد
قال يوم وفود بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم:
هَلِ المَجدُ إِلّا السُؤدَدُ العَودُ وَالنَدى
- وَجاهُ المُلوكِ وَاِحتِمالُ العَظائِمِ
نَصَرنا وَآوَينا النَبِيَّ مُحَمَّداً
- عَلى أَنفِ راضٍ مِن مَعَدٍّ وَراغِمِ
بِحَيٍّ حَريدٍ أَصلُهُ وَذِمارُهُ
- بِجابِيَةِ الجَولانِ وَسطَ الأَعاجِمِ
نَصَرناهُ لَمّا حَلَّ وَسطَ رِحالِنا
- بِأَسيافِنا مِن كُلِّ باغٍ وَظالِمِ
جَعَلنا بَنينا دونَهُ وَبَناتِنا
- وَطِبنا لَهُ نَفساً بِفَيءِ المَغانِمِ
وَنَحنُ ضَرَبنا الناسَ حَتّى تَتابَعوا
- عَلى دينِهِ بِالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
وَنَحنُ وَلَدنا مِن قُرَيشٍ عَظيمَها
- وَلَدنا نَبِيَّ الخَيرِ مِن آلِ هاشِمِ
لَنا المُلكُ في الإِشراكِ وَالسَبقُ في الهُدى
- وَنَصرُ النَبِيِّ وَاِبتِناءُ المَكارِمِ
بَني دارِمٍ لا تَفخَروا إِنَّ فَخرَكُم
- يَعودُ وَبالاً عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
هَبِلتُم عَلَينا تَفخَرونَ وَأَنتُمُ
- لَنا خَوَلٌ ما بَينَ ظِئرِ وَخادِمِ
فَإِن كُنتُمُ جِئتُم لَحِقنَ دِمائِكُم
- وَأَموالِكُم أَن تُقسَموا في المَقاسِمِ
فَلا تَجعَلوا لِلَّهِ نِدّاً وَأَسلِموا
- وَلا تَلبَسوا زَيّاً كَزَيِّ الأَعاجِمِ
وَإِلّا أَبَحناكُم وَسُقنا نِساءَكُم
- بِصُمِّ القَنا وَالمُقرَباتِ الصَلادِمِ
وَأَفضَلُ ما نِلتُم مِنَ المَجدِ وَالعُلى
- رِدافَتُنا عِندَ اِحتِضارِ المَواسِمِ
قصيدة: إنّ النضيرة ربة الخدر
قال مفتخرًا بقومه:
حيِّ النَضيرَةَ رَبَّةَ الخِدرِ
- أَسرَت إِلَيكَ وَلَم تَكُن تُسري
فَوَقَفتُ بِالبَيداءِ أَسأَلُها
- أَنّى اِهتَدَيتِ لِمَنزِلِ السَفرِ
وَالعيسُ قَد رُفِضَت أَزِمَّتُها
- مِمّا يَرَونَ بِها مِنَ الفَترِ
وَعَلَت مَساوِئُها مَحاسِنَها
- مِمّا أَضَرَّ بِها مِنَ الضُمرِ
كُنّا إِذا رَكَدَ النَهارُ لَنا
- نَغتالُهُ بِنَجائِبٍ صُعرِ
عوجٍ نَواجٍ يَغتَلينَ بِنا
- يُعفينَ دونَ النَصِّ وَالزَجرِ
مُستَقبِلاتٍ كُلَّ هاجِرَةٍ
- يَنفَحنَ في حَلقٍ مِنَ الصُفرِ
وَمَناخُها في كُلِّ مَنزِلَةٍ
- كَمَبيتِ جونِيِّ القَطا الكُدرِ
وَسَما عَلى عودٍ فَعارَضَنا
- حِرباؤُها أَو هَمَّ بِالخَطَرِ
وَتَكَلُّفي اليَومَ الطَويلَ وَقَد
- صَرَّت جَنادِبُهُ مِنَ الظُهرِ
وَاللَيلَةَ الظَلماءَ أُدلِجُها
- بِالقَومِ في الدَيمومَةِ القَفرِ
يَنعى الصَدى فيها أَخاهُ كَما
- يَنعى المُفَجَّعُ صاحِبَ القَبرِ
وَتَحولُ دونَ الكَفِّ ظُلمَتُها
- حَتّى تَشُقَّ عَلى الَّذي يَسري
وَلَقَد أَرَيتُ الرَكبَ أَهلَهُمُ
- وَهَدَيتُهُم بِمَهامِهٍ غُبرِ
وَبَذَلتُ ذا رَحلي وَكُنتُ بِهِ
- سَمحاً لَهُم في العُسرِ وَاليُسرِ
فَإِذا الحَوادِثُ ما تُضَعضِعُني
- وَلا يَضيقُ بِحاجَتي صَدري
إِنّي أُكارِمُ مَن يُكارِمُني
- وَعَلى المُكاشِحِ يَنتَحي ظُفري
يُعيِي سِقاطي مَن يُوازِنُني
- إِنّي لَعَمرُكَ لَستُ بِالهَذرِ
لا أَسرِقُ الشُعَراءَ ما نَطَقوا
- بَل لا يُوافِقُ شِعرَهُم شِعري
إِنّي أَبى لي ذَلِكُم حَسَبي
- وَمَقالَةٌ كَمَقالِعِ الصَخرِ
وَأَخي مِنَ الجِنِّ البَصيرُ إِذا
- حاكَ الكَلامَ بِأَحسَنَ الحَبرِ
أَنَضيرَ ما بَيني وَبَينَكُمُ
- صُرَمٌ وَما أَحدَثتُ مِن هَجرِ
وَلَقَد شَكَرتُ نَوالَكُم وَبَلاكُمُ
- إِن كانَ عِندَكَ نافِعاً شُكري
لا تَقطَعي وَصلي وَتَلتَمِسي
- غَيري وَلَمّا تَعلَمي خُبري
جودي فَإِنَّ الجودَ مَكرُمَةٌ
- وَاِجزي الحُسامَ بِبَعضِ ما يَفري
وَحَلَفتُ لا أَنساكُمُ أَبَدًا
- ما رَدَّ طَرفَ العَينِ ذو شُفرِ
وَحَلَفتُ لا أَنسى حَديثَكِ ما
- ذَكَرَ الغَوِيُّ لَذاذَةَ الخَمرِ
وَلَأَنتِ أَحسَنُ إِذ بَرَزتِ لَنا
- يَومَ الخُروجِ بِساحَةِ القَصرِ
مِن دُرَّةٍ أَغلى المُلوكُ بِها
- مِمّا تَرَبَّبَ حائِرُ البَحرِ
بَيضاءُ لَو مَرَّت بِذي نُسُكٍ
- يَتلو البَيانَ يَلوحُ في الزُبرِ
مُتَبَتِّلٍ عَن كُلِّ فاحِشَةٍ
- سَكَنَ الصَوامِعَ رَهبَةَ الوُزرِ
لَرَأَيتَهُ حَرّانَ يَذكُرُها
- يَجتازُ رُؤيَتَها عَلى الذِكرِ
بَذَّت نِساءَ العالَمينَ كَما
- بَذَّ الكَواكِبَ مَطلَعُ البَدرِ
مَمكورَةُ الساقَينِ شِبهُهُما
- بَردِيَّتا مُتَحَيِّرٍ غَمرِ
تَنمي كَما تَنمي أَرومَتُها
- بِمَحَلِّ أَهلِ المَجدِ وَالفَخرِ
يَعتادُني شَوقٌ فَأَذكُرُها
- مِن غَيرِ ما نَسَبٍ وَلا صِهرِ
كَتَذَكُّرِ الصادي وَلَيسَ لَهُ
- ماءٌ بِقُنَّةِ شاهِقٍ وَعرِ
وَلَقَد تُجالِسُني فَيَمنَعُني
- ضيقُ الذِراعِ وَعِلَّةُ الخَفرِ
لَو كُنتِ لا تَهوَينَ لَم تَرِدي
- أَو كانَ ما تَلوينَ في وَكرِ
لَأَتَيتُهُ لا بُدَّ طالِبَهُ
- فَاِقنَي حَياءَكِ وَاِقبَلي عُذري
قُل لِلنَضيرَةِ إِن عَرَضتَ لَها
- لَيسَ الجَوادُ بِصاحِبِ النَزرِ
قَومي بَنو النَجّارِ رِفدُهُمُ
- حَسَنٌ وَهُم لي حاضِرو النَصرِ
المَوتُ دوني لَستُ مُهتَضِمًا
- وَذَوُو المَكارِمِ مِن بَني عَمروِ
جُرثومَةٌ عِزٌّ مَعاقِلُها
- كانَت لَنا في سالِفِ الدَهرِ
قصيدة: ألا أبلغ المستمعين لوقعة
قال مفتخرًا بنفسه وبقومه:
أَلا أَبلِغِ المُستَمِعينَ لِوَقعَةٍ
- تَخِفُّ لَها شُمطُ النِساءِ القَواعِدُ
وَظَنُّهُمُ بي أَنَّني لِعَشيرَتي
- عَلى أَيِّ حالٍ كانَ حامٍ وَذائِدُ
فَإِن لَم أُحَقِّق ظَنَّهُم بِتَيَقُّنٍ
- فَلا سَقَتِ الأَوصالَ مِنّي الرَواعِدُ
وَيَعلَمُ أَكفائي مِنَ الناسِ أَنَّني
- أَنا الفارِسُ الحامي الذَمارَ المُناجِدُ
وَأَن لَيسَ لِلأَعداءِ عِندي غَميزَةٌ
- وَلا طافَ لي مِنهُم بِوَحشِيَ صائِدُ
وَأَن لَم يَزَل لي مُنذُ أَدرَكتُ كاشِحٌ
- عَدُوٌّ أُقاسيهِ وَآخَرُ حاسِدُ
فَما مِنهُما إِلّا وَأَنّي أَكيلُهُ
- بِمِثلٍ لَهُ مِثلَينِ أَو أَنا زائِدُ
فَإِن تَسأَلي الأَقوامَ عَنّي فَإِنَّني
- إِلى مَحتِدٍ تَنمي إِلَيهِ المَحاتِدُ
أَنا الزائِرُ الصَقرَ اِبنَ سَلمى وَعِندَهُ
- أُبَيٌّ وَنُعمانٌ وَعَمروٌ وَواقِدُ
فَأَورَثَنا مَجداً وَمَن يَجنِ مِثلَها
- بِحَيثُ اِجتَناها يَنقَلِب وَهوَ حامِدُ
وَجِدّي خَطيبُ الناسِ يَومَ سُمَيحَةٍ
- وَعَمّي اِبنُ هِندٍ مُطعِمُ الطَيرِ خالِدُ
وَمِنّا قَتيلُ الشِعبِ أَوسُ اِبنِ ثابِتٍ
- شَهيداً وَأَسنى الذِكرِ مِنهُ المَشاهِدُ
وَمَن جَدُّهُ الأَدنى أَبي وَاِبنُ أُمِّهِ
- لِأُمِّ أَبي ذاكَ الشَهيدُ المُجاهِدُ
وَفي كُلِّ دارٍ رَبَّةٍ خَزرَجِيَّةٍ
- وَأَوسِيَّةٍ لي مِن ذَراهُنَّ والِدُ
فَما أَحَدٌ مِنّا بِمُهدٍ لِجارِهِ
- أَذاةً وَلا مُزرٍ بِهِ وَهوَ عامِدُ
لِأَنّا نَرى حَقَّ الجِوارِ أَمانَةً
- وَيَحفَظُهُ مِنّا الكَريمُ المُعاهِدُ
فَمَهما أَقُل مِمّا أُعَدِّدُ لا يَزَل
- عَلى صِدقِهِ مِن جُلِّ قَومِيَ شاهِدُ
لِكُلِّ أُناسٍ ميسَمٌ يَعرِفونَهُ
- وَميسَمُنا فينا القَوافي الأَوابِدُ
مَتى ما نَسِم لا يُنكِرِ الناسُ وَسمَنا
- وَنَعرِف بِهِ المَجهولَ مِمَّن نُكايِدُ
تَلوحُ بِهِ تَعشو عَلَيهِ وُسومُنا
- كَما لاحَ في سُمرِ المِتانِ المَوارِدُ
فَيَشفينَ مَن لا يُستَطاعُ شِفاؤُهُ
- وَيَبقَينَ ما تَبقى الجِبالُ الخَوالِدُ
وَيُشفينَ مَن يَغتالُنا بِعَداوَةٍ
- وَيُسعِدنَ في الدُنيا بِنا مَن نُساعِدُ
إِذا ما كَسَرنا رُمحَ رايَةِ شاعِرٍ
- يَجيشُ بِنا ما عِندَنا فَنُعاوِدُ
يَكونُ إِذا بُثَّ الهِجاءُ لِقَومِهِ
- وَلاحَ شِهابٌ مِن سَنا البَرقِ واقِدُ
كَأَشقى ثَمودٍ إِذ تَعاطى لِحَينِهِ
- خَصيلَةَ أُمِّ السَقبِ وَالسَقبُ وارِدُ
فَوَلّى فَأَوفى عاقِلاً رَأسَ صَخرَةٍ
- نَمى فَرعُها وَاِشتَدَّ مِنها القَواعِدُ
فَقالَ أَلا فَاِستَمتِعوا في دِيارِكُم
- فَقَد جاءَكُم ذِكرٌ لَكُم وَمَواعِدُ
ثَلاثَةَ أَيّامٍ مِنَ الدَهرِ لَم يَكُن
- لَهُنَّ بِتَصديقِ الَّذي قالَ رائِدُ
مقطوعات من ديوان حسان بن ثابت الأنصاري
كان في ديوان حسان بن ثابت كثير من المقطوعات القصيرة، ومنها ما يأتي:
مقطوعة: إقني حياءك في عز وفي كرم
قال يعزي أخت شماس بن عثمان الذي أصيب يوم أحد:
أقنَي حَياءَكَ في عِزٍّ وَفي كَرَمٍ
- فَإِنَّما كانَ شَمَّاسٌ مِنَ الناسِ
قَد كانَ حَمزَةُ لَيثَ اللَهِ فَاِصطَبِري
- فَذاقَ يَومَئذٍ مِن كاسِ شَمّاسِ
مقطوعة: لا أبلغ أبا هدم رسولا
قال في عمرو بن الحضرمي الذي قتله كعب بن زيد رضي الله عنه:
أَلا أَبلِغ أَبا هِدمٍ رَسولًا
- مُغَلغَلَةً تَخُبُّ بِها المَطِيُّ
أَكُنتُ وَلِيَّكُم في كُلِّ كُرهٍ
- وَغَيري في الرَخاءِ هُوَ الوَلِيُّ
وَمِنكُم شاهِدٌ وَلَقَد رَآني
- رُفِعتُ لَهُ كَما اِحتُمِلَ الصَبِيُّ
مقطوعة: وقد كان في أرياب عز ومنعة
قال في أهل اليمامة:
وَقَد كانَ في أَريابِ عِزٌّ وَمِنعَةٌ
- وَقيلٌ بَسيطٌ كَفُّهُ وَأَنامِلُه
وَأَينَ الَذي عَلّى بُرَيدَةُ قَصرَهُ
- وَفارِسُ هَمدانٍ فَمَن ذا يُنازِلُه
مقطوعة: إِذا ما ترعرع فينا الغلام
قال ممتدحًا قومه ومفتخرًا بهم:
إِذا ما تَرَعرَعَ فينا الغُلامُ
- فَما إِن يُقالُ لَهُ مَن هُوَه
إِذا لَم يَسُد قَبلَ شَدِّ الإِزارِ
- فَذَلِكَ فينا الَذي لا هُوَه
وَلي صاحِبٌ مِن بَني الشَيصَبانِ
- فَطَوراً أَقولُ وَطَوراً هُوَه