حكم احتكار العلم في الإسلام
حكم احتكار العلم في الإسلام
لقد حرّم الشرع الحنيف كتمان العلم لمن يطلبه ويسعى إليه، ولقد لعن الله -تعالى- في القرآن الكريم محتكري العلم وكاتميه عن طلابه؛ بل وطردهم من رحمته كما جاء في قوله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)،فإن عادوا ونشروا علومهم وأعلنوا توبتهم لله -تعالى- فإن الله -تعالى- سيغفر لهم ذنبهم.
ومن الفوائد التي يجدر بالمسلم الانتباه إليها؛ وهي عدم شمول الإثم والوعيد الشديد الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن يخفي أسرار العمل والمؤسسة؛ لأنه مؤتمن عليها ولربما أقسم على حفظها وعدم البوح بها، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (مَن سُئِلَ عن عِلمٍ فَكَتمَهُ أَلجمَهُ اللَّهُ بلِجامٍ مِن نارٍ يومَ القِيامَةِ).
لأنّ المقصود من الآية الكريمة والحديث النبوي الشريف هو إنكار وتحريم احتكار وكتم الأحكام الشرعية ، وما يحتاجه الناس في حياتهم، ويؤكّد ذلك سبب نزول الآية، كما جاء في نزولها أنّ عدد من الصحابة سألوا علماء اليهود وأحبارهم عن بعض ما جاء في التوراة فأخفوا ذلك عنهم ولم يخبروهم بشيء من ذلك.
مفهوم العلم في الإسلام
والعلم في الإسلام يتضمن علوم الدنيا والآخرة: من الجبر، والهندسة، والكيمياء، والاجتماع، والتربية، وعلوم الوراثة، وعلوم الفضاء، والآداب والفنون، إلى جانب العلوم الدينية من علوم القرآن الكريم والشريعة والفقه و علوم الحديث وعلوم اللغة وغيرها.
مصادر العلم في الإسلام
وللعلم في الإسلام مصدران هما:
- الموحى به من الله -تعالى-: ومهمته في الحياة الدنيا تتعلق بشؤون معينة نحو الدعوة والطاعات والعبادات و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- المكتسب: يختص بأمور واقع حياة الناس وحل قضاياهم، وهي ما يعبر عنها ب "العلوم الدينية".
فضل العلم في الإسلام
لقد دعا الإسلام إلى طلب العلم وحثّ عليه؛ وأظهر اهتمامه بالعلم والعلماء ونجد ذلك في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الصحيحة، وأول ما نزل من القرآن الكريم قوله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)،والإسلام لا ينظر إلى المتعلمين وغير المتعلمين بنفس النظرة بل ميّز أهل العلم ورفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، وجعل العلماء هم الذين يرثون علوم الأنبياء وتعاليمهم ومهمتهم ووظيفتهم في التبشير والتنصير.
وقد فضّل الرسول -صلى الله عليه وسلم- حلقات العلم على مجالس الذكر وقدّرأحبار أقلام العلماء بدماء الشهداء في المعارك، وورد قوله -عليه الصلاة والسلام-: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ).
وأمرنا ديننا بأن نجد في السعي لطلب العلم ، وأن نبذل كل نفيس في سبيله، ولقد بيّن -عليه الصلاة والسلام- أن قدر ومكانة ودرجة العلماء تعلو على العبّاد وكثير الطاعات مثل صورة القمر في ليلة البدر على باقي الكواكب.