دعاء سيدنا يوسف في القرآن الكريم
دعاء يوسف عليه السلام في البئر
ذكر الإمام القرطبي في تفسيره أن يوسف -عليه السلام- حين ألقاه إخوته في البئر ، وقد كان خائفاً متعباً حزيناً؛ علَّمه الله أن يلجأ إليه -سبحانه- وأن يدعوه؛ فدعا يوسف -عليه السلام-، وظل يردد ذلك حتى أخرجه الله -تعالى- من البئر.
وقيل أن الدعاء الذي دعا به -عليه السلام- هو: " اللَّهُمَّ يَا مُؤْنِسَ كُلِّ غَرِيبٍ، وَيَا صَاحِبَ كُلِّ وَحِيدٍ، وَيَا مَلْجَأَ كُلِّ خَائِفٍ، وَيَا كَاشِفَ كُلِّ كُرْبَةٍ، وَيَا عَالِمَ كُلِّ نَجْوَى، وَيَا مُنْتَهَى كُلِّ شَكْوَى، وَيَا حَاضِرَ كُلِّ مَلَأٍ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَسْأَلُكَ أَنْ تَقْذِفَ رَجَاءَكَ فِي قَلْبِي، حَتَّى لَا يَكُونُ لِي هَمٌّ وَلَا شُغْلٌ غَيْرَكَ، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أمري فرجا ومخرجا، إنك على كل شي قَدِيرٌ".
دعاء سيدنا يوسف عندما أراد العفة
توجه سيدنا يوسف -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- بالدعاء، والتضرع في الكرب الشديد، والابتلاء الذي حصل له من امرأة العزيز حين راودته عن نفسه، فلم يملك في تلك اللحظات إلا الدعاء والتوجه لله -تعالى-؛ فلا ملاذ له سواه، قال -تعالى- فيما جاء على لسان نبيه: (قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ) .
وقوله -عليه السلام-: (رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ)؛ دعاء توجه به إلى ربه -عز وجل-؛ أي رب السجن أفضل وأهون علي مما يحصل معي؛ من مراودة النسوة، فاصرف عني كيدهنّ، واكفني شرهنَّ ولو بإدخالي إلى السجن، وإلا فإني أخاف أن أصبو إليهنّ، وأفعل ما يدعونني إليه.
هنا جاء الردّ الجليل: (فَاستَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنهُ كَيدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ العَليمُ) ،فقد استجاب الله -تعالى- دعاءه، وصرف عنه كيد النسوة، ولطف به وعصمه عن الوقوع في المعصية ، وأدخله السجن.
دعاء يوسف عليه السلام لإخوته
كان يوسف -عليه السلام- رقيق الطبع رحيم، ذو قلب حنون؛ فقد عفا عن إخوته وسامحهم، رغم كل الإساءات التي قاموا بها نحوه؛ فطلب لهم العفو والمغفرة من الله -تعالى-، قال -تعالى- فيما جاء على لسان نبيه: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ) ، فهذا دعاء دعاه يوسف -عليه السلام- لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنوبهم.
دعاء يوسف عليه السلام حين أتم الله عليه نعمه
لقد أنعم الله -تعالى- على سيدنا يوسف بنعم كثيرة؛ منها أنه أكرمه و أخرجه من السجن وجعله عزيز مصر، وأنعم عليه بأن جاءه بأهله من البدو، وحقق له رؤياه؛ فاجتمع له والديه وإخوته كلهم، بعد أن نزغ الشيطان بينهم.
قال -تعالى- فيما جاء على لسان نبيه: (رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأويلِ الأَحاديثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصّالِحينَ) .
كان هذا دعاء يوسف -عليه السلام- الصديق، وقد دعا به الله -عز وجل- لما أتم الله -تعالى- عليه نعمته، حين جمعه بأبويه وإخوته، فقد سأل الله -تعالى- أن يتم عليه نعمته في الآخرة كما أتمها عليه في الدنيا، بأن يتوفاه مسلماً ويلحقه بالصالحين والصديقين والشهداء، وإخوانه الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- أجمعين.