خصائص المذهب الرمزي في الأدب
خصائص المذهب الرمزي في الأدب العربي
المذهب الرمزي في الأدب ظهر في القرن التاسع عشر، وهو اتجاه أدبيّ يرتكزعلى الغموض والإيحاء بالأفكار والعواطف، وليس الحديث عنها بشكلٍ مُباشرٍ، والرمزيّة تُناقض الواقعيّة ، فهي تعتمد على التعبير بطريقةٍ غير مُباشرة عن الدواخل المُتخفيّة في الصدور، فالرمزيّة تعتمد على التلميح بالأشياء لا التصريح بها، والمذهب الرمزي يتميّز بخصائص عديدة، أهمّها فيما يأتي:
الوحدة العضوية للنص الأدبي
تعني الوحدة العضوية أنّ النص جزء كامل متكامل لا يتجزأ، ومن الصعب قطع جُزء من القصيدة عن بقيّة الأجزاء؛ لأنّ ذلك يُؤثر على النص، فالأجزاء جميعها تعمل لتُشكل البناء الفني الكامل الذي لا يتجزأ أبدًا.
الاستلهام من التراث
يعتمد المذهب الرمزي على توظيف الأساطير المُختلفة والتراث الأدبي والديني؛ للتعبير عن أفكار مُعيّنة تتناسب مع الأسطورة أو القصة، ومن أكثر الأساطير استخدامًا عند الرمزيين: السندباد، والعنقاء، وشهرزاد، وأساطير الإغريق، مثل: سيزيف، وأفروديت، وفاوست، وقد استلهم الرمزيون قصصًا من التراث الديني، مثل: صقر قريش، والكهف، وعازر.
استخدام الأساطير يُساعد في رفع ثقافة المُلتقي، ويُعبّر عن الحالة أو الفكرة التي يُريد الأديب توصيلها للمُتلقي، مثل: الظلم والمُعاناة سياسيًا واجتماعيًا، فمثلًا عبّر الشاعر بدر شاكر السياب عن الظلم له، ولأهله، ولوطنه من خلال استدعاء قصة صلب المسيح عليه السلام في قصيدته: "المسيح بعد الصلب".
الغموض وتعدد المعاني
أحد أهداف الرمزيين في الشعر الوصول إلى العُمق، وهذا يجعل هذا النوع من الأدب مُبهمًا وغامضًا، ويظهر الغموض من خلال التناغُم الموسيقا بين الألفاظ والتراكيب والدلالات التي تُعطي النص معانٍ مُختلفة، ويرجع الغموض في الأدب الرمزي لأسبابٍ عديدةٍ، منها الآتي:
- استخدام المُفردات والتراكيب بشكلٍ غير مألوف.
- طبيعة الرمز الغامضة التي لا تُوضّح، بل تترك الأمر لخيال القارئ وتأويله.
- الاعتماد على الحواس ومُراسلاتها.
- استخدام الإشارات والتلميحات التي تحتاج إلى شروح، وتعليقات، ومعرفة واسعة.
- التكثيف والإيجاز الشديد.
- الانطلاق من الحالات النفسية المُبهمة، والتي يصعب التعبير عنها وتصويرها بوضوح.
- الرمزية قريبة من الموسيقا و الفن التشكيلي التي تتواصل من خلال الانطباع.
التناغم الصوتي في النص الأدبي
يمتاز الأدب الرمزي بالموسيقا الشعرية الكثيفة التي تستفيد من الكلمات، والجمل، والحروف، والتراكيب، والتناغم الصوتي في النص، وهذا ينقل الجو النفسي من الكاتب للقارئ، فالموسيقى أداة للتعبير وهي جزء مُهم من أجزاء النص، وامتازت الرمزية بأنّ لكلّ قصيدة موسيقى خاصة بها، ولم يتمّ الالتزام بوزن مُعيّن وقافية مُحدّدة.
الزخم التصويري وتراسل الحواس
الأدب الرمزي غني بالصور الفنية المعنوية والحسية التي يُرافقها الغموض، وتتميّز صورهم الفنية بالغزارة والإيحاء، ممّا يُؤدي لكثافة النص الأدبي، ويجعل لكلّ شيء محسوس معنى ودلالة مُعينة.
كما يعتمد الرمزيون في صورهم على معطيات الحواس، مثل: الألوان والحركة والروائح بشكل كبير؛ كأدوات تعبيرية لما فيها من تكثيف وإيجاز، بالإضافة لما تبثه في النفس من المفاجأة والدهشة؛ بسبب الغموض الذي فيها، حيث يستخدم الرمزيون لغةً لا يفهمها العامة، وإنّما خاصة بالشعراء أنفسهم.
تفسير الحدس الشعري
إنّ الشعر عند الرمزيين يُؤدي إلى الانفعال المُزدوج بالقلب والعقل الذي لا يعتمد على نظام الكلام أو وزنه، فالمعنى الأدبي قد لا يُوجد في الكلمات بشكلٍ مُباشرٍ، إنّما يُترك للتصور الذهني للقارئ الذي قد يُعطيها أبعادًا كثيرةً، لذا اعتمدت الرمزيّة على إعطاء المُتلقي الحدس والتصوّر الخاص في تفسير الحدس الشعري للنص.