خصائص المدرسة الوجودية
خصائص المدرسة الوجودية
إن مفهوم الوجود من المفاهيم الأساسية في الفلسفة، وهو المبحث الأول في الفلسفة، ويعرف بالأنطولوجيا ، وتعود جذوره إلى الفلسفة اليونانية التي بحث فلاسفتها الطبيعيون في أصل الوجود.
ولكن المقصود بأصل الوجود بالنسبة لهم هو العنصر الأول المادي الذي تركبت منه باقي العناصر واختلف الفلاسفة حول طبيعة هذا العنصر، إلا إن هذا التيار انحسر في وقت لاحق بسبب تصاعد التيار المثالي على يد سقراط وأفلاطون.
فلم يعد النظر إلى الوجود من الناحية المادية، بل أصبح مفهومًا ميتافيزيقيًا، والعالم المادي يستند إلى مفاهيم قبلية ميتافيزيقية، وبالنسبة لسقراط فالمادة سجن الحقيقة، والعالم المادي ليس إلا ظلال.
وطور أفلاطون هذا النسق الفكري، وصاغه بشكل نهائي في نظرية المثل، التي تقضي بأن عالم المثل هو عالم الحقيقة، أما أرسطو فقد عرف الفلسفة على أنها علم الوجود بما هو موجود.
وتعد المدرسة الوجودية من المدارس الفلسفية اللاعقلانية التي ظهرت في الفلسفة الحديثة كرد فعل على هيمنة العقلانية والفلسفة الهيغلية، حاول الفلاسفة الوجوديون تقديم نظرة للعالم والإنسان.
فالأزمة التي مر بها الإنسان الحديث أدت إلى التخبط الهائل، على مستوى الفرد والجماعة، وأول تيار فلسفي وجودي تميز بكونه تيارًا وجوديًا مؤمنًا، واعتمد على الإيمان كمقولة أساسية، على عكس الفلسفة الوجودية المعاصرة.
اتجاهات الفلسفة الوجودية
تتضمن المدرسة الوجودية اتجاهين رئيسين، وهما موضحين فيما يأتي:
الفلسفة الوجودية المؤمنة
وهي فرع من فروع الفلسفة الوجودية العامة، ظهرت على يد الفيلسوف الدنماركي سورين كيركيغارد، وتتميز الفلسفة الوجودية بمجموعة من الخصائص، أهمها ما يأتي:
- يعتمد الوجود على الإيمان بالدرجة الأولى، وأعلى مراحل الوجود تستند إلى قيم الإيمان والفردانية.
- تقدم الجماليات باعتبارها تطور للمرحلة الوجودية، وفيها ينغمس الإنسان بالتجارب الحسية، والأنانية، فالفرد لا يعيش هذه التجربة ضمن مجموعة، وإنما يعيشها لوحده.
- استخدم كيركيغارد مصطلح الأخلاق للدلالة على المجال الوجودي المحدود، أو المرحلة التي تم نسخها من المراحل العليا للوجود.
الفلسفة الوجودية الملحدة
وهي تيار فلسفي ظهر في القرن العشرين، ويعد سارتر عميد الوجودية الملحدة، تأثر بالهيغلية والكانطية، وغيرها إلا أن فلسفته نالت شهرةً واسعةً في الأوساط الأكاديمية والفلسفية الغربية والعربية، وتميزت الوجودية الملحدة عند سارتر بالعديد من الخصائص، أهمها ما يأتي:
- أسبقية الوجود على الماهية، ويقصد بذلك أن الإنسان يوجد أولًا ومن ثم يشرع بناء ماهيته أي ما يميزه.
- عدم الإيمان بالأفكار اللاهوتية أو الدينية، لأنها تحدد ماهية الإنسان بشكل مسبق، وبذلك يظهر أن أساس إلحاد فلسفة سارتر لا يقوم على براهين تثبت إلحاده، بل أنه رفضها لمعارضتها لحرية الإنسان في تحديد ماهيته.
- الحرية مقولة أساسية في الفلسفة الوجودية عند سارتر، ولكن تجدر الإشارة إلى أن مفهومه للحرية ليس مفهومًا يقصد به الفوضوية، بل يعتمد على تعزيز الثقة بالذات الإنسانية، وقدرتها على اتخاذ القرارات، بما فيها الحق في عدم الاختيار.
- الإنسان هو مجموع اختياراته، فلا يمكن ممارسة الحرية من دون الاختيار، وهذا يترتب عليه المسؤولية، وهي قيمة أخلاقية.