خصائص الفقه الإسلامي
خصائص الفقه الإسلامي
يتميّز الفقه الإسلامي بخصائص انفرد بها عن غيره من القوانين الوضعيّة ، ومن هذه الخصائص ما يأتي:
مصدره الوحي الإلهي
يرتكز الفقه الإسلامي بكل ما فيه على القرآن الكريم والسنة النبويّة الشريفة التي يعدّ الوحي مصدرها، وعليه فإنّ مصدر الفقه الإسلامي هو الوحي، وبذلك يعتمد الفقهاء والمجتهدون على الدليل الشرعيّ من القرآن والسنّة من أجل استنباط الأحكام الشرعيّة.
ولا يُمكن لأحدٍ منهما أن يخرج في اجتهاده عن القرآن الكريم والسنة النبوية، أو يخالف ما جاء فيهما، وفي ذلك قال -تعالى-: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) .
الجمع بين الثبات والمرونة
إنّ كلّ ما ورد من الأدلّة في الشريعة الإسلاميّة سواءً أكان باللّفظ والمعنى، أو بالمعنى دون اللّفظ ولم يكن ممّا نسخته شريعة الله -تعالى- فهو ثابتٌ منذ أن جاء به الوحي إلى يوم القيامة، لا تغيّير ولا تبديل فيه بغض النظر عن اختلاف الأحوال والأزمان.
قال -تعالى-: (وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقاً وَعَدلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ)، ويشمل ذلك كل ما ورد في الشريعة من الأحكام والمبادئ العامة مثل؛ ضمان الضّرر، والحماية الشخصيّة، والحفاظ على الحقوق والحريات.
أمّا ما بُني من المبادئ في الفقه الإسلامي على القياس، ومراعاة المصالح، والأعراف التي تتبدّل وتتغيّر بتغيّر الأزمان والأحوال والظروف، فإنّها قابلة للتغيّير والتبديل تبعاً لتغيّر الظروف المحيطة بها، بشرط بقائها ضمن دائرة الشريعة وبما يتوافق مع مقاصدها وأصولها، وبما يشمل جانب المعاملات بعيداً عن العبادات والعقائد.
الشمولية والعموم
يتميّز الفقه الإسلامي بشموله لجميع ما يحتاجه النّاس في جوانب حياتهم المختلفة، بما يضمن تحقيق مصالحهم ودفع الضرر عنهم، فجاء الفقه الإسلامي ووضع القوانين العائدة في مصدرها إلى القرآن الكريم، والسنة النبويّة الشريفة وإجماع العلماء، وذلك وفقاً لتقسيمات معيّنة نذكرها فيما يأتي:
- أحكام العبادات
وهي الأحكام المتعلّقة بعبادة الله من صلاة، وصيام وغيرها.
- أحكام الأحوال الشخصيّة
وهي المرتبطة بما يتعلّق بالأسرة من زواج، وطلاق، وميراث، ونفقة وغيرها.
- أحكام المعاملات
وهي المتعلّقة بما يتعامل به النّاس فيما بين بعضهم البعض مثل؛ البيع، والشراء، والرهن، والإيجار وغيرها.
- الأحكام السلطانيّة أو السياسة الشرعيّة
وهي ما يتعلّق بواجبات الحاكم والمحكوم في الدولة، مثل جلب الحقوق، ورفع الظلم، وتحقيق العدل، وطاعة ولي الأمر في غير معصية الأمر وغيرها.
- أحكام العقوبات
وهي المتعلّقة بعقاب المعتدي والظالم، مثل السارق، وشارب الخمر، والقاتل وغيرها.
- أحكام الآداب والأخلاق
وهي المتعلّقة بأخلاق الإسلام، وضرورة الاتّصاف بها.
التيسير ورفع الحرج
أخذ الفقه الإسلامي بتشريعاته وقوانينه سعادة النّاس وقدرتهم وعدم تكليفهم ما لا يستطيعون، فجعل أحكامه ضمن دائرة ما يستطيع الإنسان القيام به على أكمل وجه، وإن واجه صعوبةً لظرفٍ خاصٍ فقد وضع له الترخيص المناسب له الذي يُسهل عليه القيام بما فرضته الشريعة عليه، فقال -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، ومن الأمثلة الدالّة على يُسر الإسلام ما يأتي:
- الصلاة قعوداً لمن لم يستطع تأديتها
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (صَلِّ قَائِماً، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).
- قصر الصلاة الرباعيّة وجمعها للمسافر
ثبت عن ابن عباس -رضيَ الله عنهما- أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ إذَا جَدَّ به السَّيْرُ).
اتصافه بالصبغة الدينية
إنّ الفقه الإسلامي بكل ما يشمله من القوانين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقاعدة الحلال أو الحرام، ممّا يجعله ذا صبغةٍ دينيّةٍ في كل جوانبه وأحواله، ويعتمد في بعض أحكامه على الرقابة الذاتيّة من قِبَلِ المسلم؛ من خلال استشعار مراقبة المسلم لله -تعالى- له في كل أحواله بعيداً عن التنظيمات والقوانين، ومعتقداً أنّ الله محاسبه عليها ومجازيه على فعلها، في الدنيا والآخرة إن كانت خيراً أو شراً.
ارتباطه بالأخلاق
يرتبط الفقه الإسلامي بالأخلاق، ويسمو من خلال ربط قوانينه بالالتزام بمكارم الأخلاق التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، وذلك من خلال نشر روح التعاون والألفة والمودة بين أفراده، والسمو بالنفس الإنسانيّة لتكون مثلاً للإلتزام بالأخلاق الحسنة والابتعاد بها عن سيء الأخلاق، التي تكون خيراً له ولمجتمعه في جميع الأحوال والأزمان، مع إمكانيّة تطبيقه على مرّ الزمان.