خصائص التربية الإسلامية
خصائص التربية الإسلامية
للتربيّة الإسلاميّة العديد من الخصائص، وبيانها فيما يأتي:
- التكامل والشُمول: التربية الإسلاميّة لها خصائص فريدة؛ لأنّها جاءت من عند الله -تعالى- العالم بالخلق اللطيّف بهم، كما أنّ التربية الإسلاميّة تنظر إلى الإنسان نظرة شموليّة لجميع جوانبه الشخصيّة من حيث أنّه جسم ونفس وعقل والعلاقة التكامُليّة بينهما.
- الخلق الهادف: الإسلام ينظر إلى التربية على أنّها جُزءٌ مُهمّ من أنواع العبادة ؛ فالمُعلّم يتقرّب لخالقه بتعليم الناس الخير، والمُتعلّم يعبد خالقه بطلب العلم.
- التوازن والاعتدال: استهداف التربية الإسلامية للدُنيا والآخرة؛ فأمّا الدُنيا فتربية المسلم على بعض الخصائص والمُعطيات الأساسيّة المُنظمّة لسلوك الأفراد، وأمّا الآخرة فذلك بتربية الفرد على الإيمان بالحساب، واستشعاره لمُراقبة الله -تعالى- له في جميع تصرُفاته، قال -تعالى-: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى).
- التدرُّج: الإقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بالانتقال بالناس من أخلاقهم القديمة إلى أخلاق الإسلام الجديدة، الذي يؤدّي للرفق بالناس، واستقبالهم للتربيّة الإسلاميّة بكلّ يسر وسهولة بعيداً عن المشقّة؛ لأنّ عملية التربية والانتقال من الرذائل إلى الفضائل تحتاج إلى وقت حتى يكتسبها الإنسان ويتخلّى عن رغباته وعاداته السيئة.
- المثاليّة والواقعيّة: التربية الإسلاميّة مستمدّة من الشريعة الإسلاميّة؛ فقد كرّم الله -تعالى- الإنسان وجعله خليفته في الأرض، فكان هو المُطالب بالسمو وبلوغ الكمال، كما أنّ التربية الإسلاميّة واقعيّة من حيث مُراعاتها لجانب الواقع في تطبيق الشريعة، انطلاقاً من قوله -تعالى-: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، فجميع التكاليف والعبادات قامت على اليُسر والسهولة بعيداً عن المشقّة والحرج، قال -عزّ وجلّ-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
- المرونة والثبات: الأصول الثابتة في الشريعة لا تتغيّر؛ لأنّها تُشكل القواعد الأساسيّة لها، وعليها يقوم الأساس للطريق الذي يهدي الناس لفهم حياتهم وآخرتهم، والمطلوب من المُسلم فهمها وتطبيقها؛ فهي موافقة لفطرته، وقد بيّنها الله -تعالى- له؛ فقال: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، وممّا يجعل المرونة واضحة في التربيّة الإسلاميّة؛ القُدرة على الاجتهاد فيها، واستنباط الأحكام مع تغيّر الظُروف وتطوّرها.
- العمليّة: التربية الإسلاميّة تحثّ على العمل الصالح الذي هو الترجمة العمليّة والتطبيقيّة للتربية الإسلاميّة، وتكاملها بين الإنسان وخالقه، والإنسان والكون والحياة، وبين الإنسان والدّنيا والآخرة؛ فهي لا تكتفي بالقول إنّما تنظر إلى العمل والتطبيق العملي؛ لأنّ جميع المبادئ التي قامت عليها تتطلّب العمل.
- التوازن: التربية الإسلاميّة تدعو إلى الاعتدال في العبادة، والنظر إلى الدُنيا والآخرة، والبُعد عن الأنانيّة، قال -تعالى-: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفض الخروج عن الاعتدال في العبادات، فقد كان يصوم ويُفطر ويقوم الليل وينام بعضه.
- فرديّة واجتماعيّة: التربية الإسلاميّة تجمع بين التربية الذاتيّة للأفراد على الخير والفضيّلة؛ ليكون الفرد نافعاً لمُجتمعه، مُتحملاً لمسؤولية أعماله، وفي الوقت ذاته يُربّيه على التربيّة الإجتماعيّة؛ فالمُسلم أخو المُسلم يقف معه وبجانبه كُالبنيان المرصوص، وتؤكّد التربية الإسلاميّة على أهميّة الجماعة في تربية الفرد وتنشئته.
- مُراقبة الله -تعالى-: التربيّة الإسلاميّة تقوم مُنذ البداية على تربية الفرد على مُراقبة الله -تعالى-، ممّا يؤثر على سلوكه وأفعاله؛ لعلمه بأنّه مُراقب من خالقه الذي يعلم السرائر، لقوله -تعالى-: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ).
- الإستمراريّة: التربية الإسلاميّة تمتد مع الإنسان من ولادته وحتى مماته، تدعوه دائماً للتوحيد وتحصيل العلم والمعرفة ومُسايرة التطور وقيادة الشاب المؤمن المُتعلّم؛ ليكون فعّالاً في مُجتمعه.
- عالميّة وإنسانيّة: التربية الإسلاميّة لجميع البشر ولا تختصّ بفئة مُعيّنة؛ مُستمدةً ذلك من رسالة الإسلام العالميّة؛ فهي بعيدةٌ عن التعصُّب، وميزان التفاضل فيها تقوى الله -تعالى-، لقوله: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
مفهوم التربية الإسلاميّة
تُعرّف التربية في اللُغة من حيث أنها اسم بأنّها التهذيب والتعليم والتنشئة، وهي من المصدر ربى؛ فيُقال: سهر فلانٌ على تربية ابنائه تربيةً سليمةً؛ أي هذبهم وعلّمهم، وأمّا من حيث أنّها فعل فتعني التهذيب والنمو في الجسم والعقل والأخلاق حتى بلوغ الكمال؛ فيُقال: يُربي أبنائه على الفضائل والأخلاق ، وأمّا في الصطلاح الشرعيّ فقد جاءت بعدّة تعريفات في كُتب التفسير وكُتب التربية الإسلاميّة؛ فقد عرّفها البيضاويّ بأنّها بُلوغ الكمال في الشيء بشكلٍ تدريجيّ، وأمّا عز الدين التميميّ فعرّف التربيّة الإسلاميّة بقوله: التربية على القيم التي تؤدي لصلاح البشريّة ويُتحقّق بها التوازن في شخصيّة الفرد، وعرّفها مقداد يالجن أنّها إعداد المُسلم الكامل من جميع الجوانب في جميع مراحل حياته وتهيئته للدنيا والآخرة، وذلك في ضوء القيم والمبادئ التي جاء بها الإسلام.
مصادر التربية الإسلامية
للتربيّة الإسلامية العديد من المصادر التي تُؤخذ منها، وهي كما يأتي:
- القُرآن الكريم: كلام الله -تعالى- المتلوّ من جبريل -عليه السلام- للنبي -عليه الصلاة والسلام-، المضموم بين دفتيّ المُصحف.
- السُنّة النبويّة: المصدر الثاني من مصادر التربية الإسلاميّة، وتكون موافقة للقُرآن، ومُفسّرة ومُفصّلة ومُبيّنة لما فيه وتُقيّد المُطلق فيه وتُخصّص عامّه، وتُبيّن ما يجب على المُعلّم بيانه؛ من خلال بيانه لبعض التفاصيل التي لم ترد في القُرآن ، واستنباط الأساليب التربويّة التي استخدمها النبي -عليه الصلاة والسلام- مع الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- في غرس الإيمان في قلوبهم.
- هدي الصحابة والتابعين: الصحابة -رضي الله عنهم- عاصروا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وتعلّموا منه، ونقلوا ذلك عنه، وأمّا التابعين فهم تعلّموا من الصحابة -رضي الله عنهم- وحملوا العلم عنهم، ونقلوه من غير زيادة أو نُقصان.