حياء المرأة في القرآن الكريم
حياء المرأة في القرآن الكريم
الحياء جلال النفوس يضيء بوهجه نور الإيمان، ويسري في عروق المؤمنين كالدم يضخ العفاف في القلوب، وتسكن النفوس في جنة الحسن؛ فهو كمال الجمال، وبه تسمو الأخلاق إلى القمة، وتتميز طهارة العباد، وهو طريقٌ للإيمان، فقد قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: (والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ).
وإذا زاد الحياء يزيد الإيمان، ولقد عزز الله الحياء في المرأة أكثر من الرجل؛ لأنها جميلة فسرعان ما يُفتتن بها، فاقتضت حكمته أن يلبسها ثوب الحياء في قلبها منذ الفطرة تكريماً لها، وسنذكر بعض الآيات التي تدل على حياء المرأة في القرآن الكريم فيما يأتي:
مريم ابنة عمران
مريم ابنة عمران كانت شديدة الحياء، فعندما أخبرها جبريل -عليه السلام- أنه سيكون لها ولد، ردت متعجبة مستبعدة ذلك، فأخبرها بقدرة الله -تعالى- على هبة الولد لها، قال -تعالى-: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)،ومن شدة حيائها ابتعدت عن قومها إلى حين الولادة.
وتكلم سيدنا عيسى -عليه السلام- في المهد بقدرة الله -تعالى-؛ دفاعاً عن أمه مما يقوله الناس أو يعتقدونه، وقد نشأت مريم ابنة عمران في بيئة مؤمنة، وكانت شديدة الحياء والخلق الحسن، قال -تعالى-: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا* يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا* فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا).
ابنتي شعيب -عليه السلام-
أبرز القرآن الكريم خلق الحياء في ابنتي رجلٍ صالح وضرب مثلهما في ميادين الأرض؛ دليلٌ لعظمة فعلهما ودعوةً للتأسي بهما، فقد قال -تعالى-: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا).
وكأن الأرض حياء وهي تمشي عليها، ويا لروعة التصور إذ قال على استحياء ولم يقل على حياء، فمن شدة المبالغة صار الحياء صفة لها تشهد به الأرض التي مشت عليه فتزهر بعبق العفة زهوراً تضفي في قلوب الفتيات سحراً؛ فتستكين نفوسهن فيمتثلن به وكأنه دواء للأخلاق يقوم كل اعوجاج.
وقد ذكر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تفسيراً في هذه الآية فقال: "جاءتْ تمشي على استحياءٍ قائلةً بثَوبِها على وجهِها ليسَتْ بسَلْفَعٍ خرَّاجةٌ ولَّاجةٌ".
والمرأة الحيية حيية في مشيتها، وفي خروجها تتزين بحسن الخلق، ترتدي ملابس ساترة، وعطرها هو العفاف تستحي من الرجال، ولا تتبجح في كلامها معهم لا تتأمل في حديثها معهم، بل تتحدث بوضوح بقدر الحاجة، والوجه المصون بالحياء، كالجوهر المكنون، ولن تتزين امرأة بزينة هي أحمدُ ولا أجملُ من برقع الحياء.
نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-
الحياء سياج يحفظ سلوك المرأة عن الفحش، ويرفعها عن سفاسف الأمور وإذا اخترق هذا السياج؛ تختل المقاييس، ويقل الحياء ويصدر عن الفتاة المسلمة ما لا يتناسب مع شخصيتها المسلمة.
ونساء النبي الكريم قدوة في حسن الخلق ، قالت عائِشةَ -رضي الله عنها-: (كنتُ أدخُلُ بَيتي الذي دُفِنَ فيه رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وأَبي، فأضَعُ ثَوْبي، وأقولُ: إنَّما هو زَوْجي وأبي، فلمَّا دُفِنَ عُمَرُ معهم، فواللهِ ما دخَلتُهُ إلَّا وأنا مَشدودةٌ علَيَّ ثيابي؛ حَياءً مِن عُمَرَ).
وقد ربط الله كثرة الحياء بقوة الإيمان، فقد قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: (أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أَحْسَنُهم خلقًا)، فهو يزيد بزيادة الإيمان ويقل ب ارتكاب المعاصي ، فقد قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: (إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ).
معنى الحياء
الحياء لغةً: التوبة والحشمة والتغير الذي يعتري الإنسان من خوف يعاب به، والحياء في الشرع: خلقٌ يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق.