حكم من سب الصحابة في المذاهب الأربعة
حكم سبّ الصحابة وفقاً للمذاهب
فضّل الله -سبحانه وتعالى- صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على كثير من الخلق، فهم الذين صحبوا رسول الله ورافقوه؛ وهم الذي شهد الله لهم بالطهارة، وقال فيهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي)، وقد تعددت أقوال العلماء فيمن سبّ الصحابة -رضوان الله عليهم- على النحو الآتي:
- قال بعضهم بأن من سبّ الصحابة أو جرّح بعدالتهم، أو قال فيهم ما يُنقص من شأنهم فقد كفر؛ وإن أصرّ على ذلك فإن دمه مُباح، وقد ذهب إلى هذا القول الكثير العديد من الصحابة أمثال عبد الرحمن بن أبزى، والكثير من كبار التابعين أمثال الأوزاعي، وابن عيينة، وأبو بكر بن عياش وغيرهم.
وقد تابعهم بذلك الكثير من أهل المذاهب الفقهية من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ وأضافوا بأنّ من فعل ذلك فإنّ عقوبته هي القتل، وقال فيهم ابن تيمية -رحمه الله-: "وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم؛ بقتل من سبّ الصحابة".
- ذهب القوم الآخرين إلى أنّ من سبّ الصحابة لا يكفّر؛ وإنما يُضلّل ويفسّق، ولا يعاقب بالقتل؛ إنّما بالتعزيروالعقوبة الشديدة، مع تكرار العقوبة عليه حتى يعود عن قوله ويتوب إلى الله -تعالى-، وتبقى العقوبة قائمة ما دام قائماً على قوله حتى يتوب، وقد ذهب إلى هذا القول الصحابي الجليل عمر بن عبد العزيز، والإمام مالك، والإمام أحمد وغيرهم الكثير.
حكم تكفير صحابة رسول الله
مدح الله -تعالى- صحابة رسول الله في كتابه الكريم، فقال فيهم: (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)،ووعدهم بأنّ لهم الجنة خالدين فيها، وبناءً على ذلك فإن من يكفّر صحابة رسول الله فقد اعتبر مرتداً عن الإسلام، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، منها ما يأتي:
- يعتبر تكفير الصحابة تكفيراً لمن قاموا بنقل القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف؛ مما يؤدي إلى وقوع الشك في النصوص الشرعية بسبب الطعن فيمن نقلها.
- تكذيب النصوص الشرعية الدالة على -رضي الله عنهم- ومدحه لهم، وهذه النصوص قطعية ومن كذبها فقد كفر.
- إنّ الطعن في صحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يؤذيه ويضرّ به؛ فهم صحابته وأهله.
حكم سبّ الصحابة وشتمهم تحت الإكراه
إذا هُدّد أحد الناس بالقتل مقابل أن يقوم بسبّ الصحابة -رضوان الله عليهم- وكان قد علم ممن هدّده أنّه قادر على قتله، فله أن ينطق بسبّ الصحابة بلسانه فقط، ولا إثم أو حرج عليه؛ وذلك لقول الله -تعالى-: (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعدِ إيمانِهِ إِلّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مُطمَئِنٌّ بِالإيمانِ)، ولما روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللهَ تجاوَز عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليه).